صدق أو لا تصدق.. جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان والمعني بالرقابة علي المباني في 44 ألف قرية وتابع و4728 وحدة صحية و380 مجلس مدينة وحيا في جميع المحافظات لا يعمل به سوي 50 مهندسا وقد تقدم رئيس الجهاز بمذكرة لرئيس الوزراء لإعادة هيكلة الجهاز. خبراء الإسكان انقسموا ما بين مؤيد ومعارض حول الهيكلة ولكل منهم حجته فالمؤيدون يرون ان الجهاز رغم قلة الأعداد البشرية وضعف الأمكانيات المادية إلا أنه يتمتع بسمعة طيبة تمكنه من ضبط منظومة البناء خاصة بعد انتشار الفساد في الادارات الهندسية التابعة للمحليات مما تسبب في الحاق خسائر كبيرة بقطاع التشييد المصري وسوء سمعته عربيا ودوليا خاصة بعد انهيار بعض المباني والمنشآت حديثة البناء أو تصدعها وعدم صلاحيتها سواء الحكومية مثل المعهد القومي للأورام بالقاهرة أو الخاصة! أما المعارضون للهيكلة طالبوا بتفعيل القانون وتطبيقه والقضاء علي الفساد خاصة أنه أحد اهداف ثورة 25 يناير معللين ذلك بأن تعدد الأجهزة الرقابية علي الجهة الواحدة في ظل غياب القانون لن يحل المشكلة وإنما يساعد علي الفوضي وزيادة الأعباء المالية علي ميزانية الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الدولة. في البداية يقول د.حسن محمد علام رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء بوزارة الاسكان رغم مرور 20 عاما علي إنشاء الجهاز إلا انه يفتقد جميع صلاحياته ودوره لا يتعدي مطابقة عملية الإنشاء بالرسومات الهندسية للرخصة وفي حالة المخالفة لا نملك سوي إخطار وزارات التنمية المحلية والاسكان ومحافظ الاقليم ورئيس الحي أو مجلس المدينة بالمخالفة لتصحيح الخطأ. أضاف أنه بعث بمذكرة لرئيس مجلس الوزراء في 17 نوفمبر من العام الماضي ملحق بها مشروع قرار جمهوري لإعادة هيكلة الجهاز بعد انتقاده للهيكلة والشخصية الاعتبارية التي أنشيء بها طبقا للقرار الجمهوري 29 لسنة 1993 خاصة ان عدد العاملين 27 مهندسا و23 مهندسة منتدبين من وزارة الإسكان يعملون من خلال 4 مقرات فقط؟! اشار إلي أن الجهاز في عام 2012 لم يتمكن من التفتيش إلا علي 1087 رخصة من اجمالي 67 ألف رخصة علي مستوي الجمهورية وهذه النسبة لا تتعدي 6.1% وليس للجهاز أي دور علي المباني التي يتم إنشاؤها بدون ترخيص؟! اضاف ان إعادة الهيكلة لابد ان تضمن ضبط قوانين وآليات التقاضي في مخالفات البناء وزيادة عدد المهندسين إلي 500 كبداية وفتح مقر للجهاز بكل محافظة لتسهيل المتابعة.. والعمل علي تعديل اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد لإزالة معوقات استخراج التراخيص وإلزام الوزارات المختلفة بها لعرضها علي المجلس التشريعي لإقرارها. أوضح ان جهاز التفتيش علي أعمال البناء هو الجهة الوحيدة المكلف بها الرقابة علي البناء وله كل الصلاحيات في فرنسا وأمريكا وأوروبا والهند واليابان من خلال هيكل تنظيمي قوي ولا يعتمد في العمل علي المهندسين العاملين به وإنما يستعين بمهندسي القطاع الخاص بترخيص من الجهاز للقيام بالتفتيش والرقابة علي الأعمال الهندسية والإنشائية والخامات المستخدمة في البناء منذ بداية العمل حتي الانتهاء ثم يتم إعطاء شهادة للمبني بالصلاحية والعمر الافتراضي!! أكد اننا في حاجة حقيقية للحفاظ علي الثروة العقارية التي أصابتها العشوائية والإهمال في ظل غياب الرقابة خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير.. وهذا ما دفع د.طارق وفيق وزير الإسكان إلي رفع مذكرة مستعجلة لرئيس الوزراء في سبتمبر 2012 بعدم إدخال المرافق للعقارات المخالفة سواء كانت بترخيص أو بدون ترخيص لمنع انتفاع المخالف بها؟! رحب د.جودة غانم عميد المعهد العالي للهندسة بالشروق بإعادة هيكلة جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء قائلا إنه الوحيد الذي يتمتع بسمعة طيبة بعد تفشي الفساد في معظم الإدارات الهندسية بالمحليات مما عرض قطاع التشييد في مصر إلي خسائر كبيرة نتيجة انهيار المباني لعدم مطابقتها للشروط والرسومات الهندسية والفنية وعدم وجودة المواد المستخدمة وأمامنا مثال حي علي ذلك المعهد القومي للأورام بالقاهرة!! أشار إلي أن الفوضي التي أصابت قطاع التشييد والبناء في مقتل السبب فيها دخول عدد كبير من غير المتخصصين كالأطباء والمدرسين والمحامين والتجار في استثمار أموالهم في هذا القطاع بسبب العائد المادي الكبير بجانب غياب الرقابة. طالب بضرورة توسيع أعمال الرقابة والتفتيش للجهاز لتشمل مواد البناء والاشتراطات الفنية للرسومات والأمان الإنشائي وان يكون المهندسون العاملون بالجهاز معينين مع الاستعانة بالكفاءات والخبرات الموجودة بكليات الهندسة بالجامعات ومركز بحوث الاسكان لإعطائه صلاحيات أكبر لتحقيق أهدافه. رفض د.شريف حافظ عضو مجلس التشييد والبناء المصري إعادة هيكلة جهاز التفتيش معتبرا ذلك إهداراً للمال العام للدولة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. أكد ان انتشار الفساد في الفترة الماضية بصفة عامة وفي المحليات بصفة خاصة السبب في لجوء الدولة لإنشاء أجهزة رقابية موازية لتحرير الأجهزة والإدارات والوحدات القديمة من القيود ورغم تعدد الجهات الرقابية علي الوزارة الواحدة إلا انها لم تنجح في تحقيق أهدافها بل ادت إلي ضياع المسئولية الجنائية في حالة حدوث انهيار للمباني أو المنشآت. تساءل: لمصلحة من تعدد الأجهزة الرقابية علي أعمال البناء في مصر في الوقت الذي تعتمد فيه فرنسا وأمريكا وكندا والهند وإسبانيا علي جهاز واحد للرقابة علي الإنشاءات هندسيا وفنيا. طالب بدمج الأجهزة الرقابية علي أعمال البناء في جهاز واحد قوي مهمته الرقابة والاشراف منفصلا عن الجهة المنفذة مع تزويده بالكفاءات المتميزة فنيا وتكنولوجيا وثقافيا. تعجب د.أحمد صلاح الدين أستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة من أن الدولة كانت تدار في السنوات الماضية بعقليات عقيمة ليس لها صلة بالواقع فلا يمكن لعائل ان يصدق ان جهاز منوط به التفتيش الفني علي أعمال البناء بترخيص علي جميع المباني علي مستوي الجمهورية لا يتعدي عدد العاملين ب 50 مهندسا جميعهم منتدبون!! أكد أن عدد المهندسين العاملين بالجهاز لا يكفوا لمتابعة أعمال البناء في حي من أحياء القاهرة الكبري وهذا دليل علي ضعف الرقابة بجانب فساد المحليات مما أدي إلي تدهور قطاع التشييد في مصر.. يحكمه الفوضي والعشوائية؟!