اثارت تصريحات الدكتور قدري أبو حسين خبير التنمية المحلية ومحافظ حلوان الأسبق الخاصة باقتصار فساد المحليات علي الإدارات الهندسية فقط بعض التساؤلات حول إمكانية الكشف عن حقيقة الأوضاع داخل المحليات مما يسهل تحديد سبل العلاج.. بينما أوضح خبراء التنمية المحلية والعقارات أن الفساد طال كل الإدارات داخل المحليات, إلا أن الإدارات الهندسية تتحمل العبء الأكبر منه نظرا لتفاعلها المباشر مع مختلف القطاعات الأخري المتلقية للخدمات, مسلطين الضوء علي أبرز العوامل المساهمة بشكل مباشر استفحال الفساد وتردي الأوضاع.. ويأتي في مقدمتها الأسباب المادية وضعف اللائحة القانونية... في البداية يقول دكتور حسن علام رئيس الجهاز الفني للتفتيش علي أعمال البناء إن مشكلات المحليات لا تقتصر فقط علي الإدارات الهندسية التابعة لها, حيث يرتبط الفساد بكل الإدارات بشكل عام, لافتا إلي وجود بعض الثغرات في دور الشرطة مرورا بالنيابة ثم القضاء, وذلك فيما يخص التعامل مع قضايا مخالفات البناء, مما يؤدي إلي نفاذ المخالفين بدون حساب مضيفا: الإدارات الهندسية لو مسكها ملائكة سيظل الفساد يلاحق المحليات طالما أن هناك إغفالا لبقية الإدارات. وأشاد بدور وزارة الإسكان التي تعمل بكامل طاقتها من أجل تعديل منظومة البناء من خلال تشكيل ورش عمل بالتنسيق مع مركز بحوث الدراسات القضائية لعمل محاكم بلدية متخصصة مكونة من المهندسين والقضاة في مناطق متفرقة للفصل في قضايا مخالفات البناء, فضلا عن التنسيق مع المستشار طلعت ابراهيم النائب العام من أجل إصلاح عوار النيابات المتمثل في عرض المحضر الخاص بمخالفات البناء علي النيابة العامة دون أخذ أقوال المخالف, مما يحول دون محاسبته, لافتا إلي أنهم إلي يستعدون لتشكيل نيابات بلدية متخصصة لتحرير تلك المحاضر وأخذ المخالفين فيها. وأشار مهندس حسن الشاطر رئيس حي الموسكي إلي إن الإدارات الهندسية تتحمل العبء الأكبر لفساد المحليات, والدليل علي ذلك أن معظم من تم القبض عليهم من المهندسين, إلا أن الفساد يعم جميع الإدارات لافتا إلي ضرورة تعديل قانون المحليات رقم119 الذي لم يطرأ عليه أي تعديلات حتي الآن. في نفس السياق طالب مهندس حسن نصار خبير عقاري بزيادة كادر المهندسين في الأحياء علي أن يتساوي مع كادر المهندسين التابعين للمدن الجديدة التابعة لوزارة الإسكان, ليتوفر لهم مخصصات مالية تغنيهم عن اللجوء لطرق غير المشروعة من أجل الحصول علي المال, فضلا عن ضرورة رفع مستوي آدائهم الفني والمهني من خلال عمل دورات تدريبية بالتنسيق مع نقابة المهندسين ووزراء الإسكان, مع ضرورة التأكد من حصول المهندسين علي مؤهلات عليا تمكنهم من آداء مهنتهم بقدر عال من الكفاءة, مشددا علي أهمية تفعيل الرقابة الفنية من قبل وزارة الإسكان علي الإدارات الهندسية لأنهم الأقدر علي الرقابة عليها. وأكد دكتور جلال العاطي مهندس استشاري علي تأصل الفساد علي مستوي جميع الإدارات مثل إدارة الكهرباء والمشروعات والإدارات الهندسية, مرجعا أسبابه إلي ضعف الرواتب والحوافز التي يتقاضاها الموظفون في الإدارات, لافتا إلي ضرورة منح المهندسين نسبة من الحوافز التي يحصل عليها الحي من رخص المباني. فيما قال دكتور إبراهيم ريحان أستاذ التنمية الريفية بجامعة عين شمس إن الإدارات الهندسية هي القطاعات الوحيدة المخول إليها سلطة اتخاذ قرارات الهدم والبناء المتعلقة بالمباني, وبالتالي فهي دائما ما تتحمل النصيب الأكبر من فساد المحليات بصفة عامة, مشيرا إلي ضعف هيكل الإدارات الهندسية حيث العجز الشديد في أعداد المهندسين مقارنة بقدر المسئولية وحجم العمل. وأشار إلي أن المناخ العام يزيد من فرص الفساد, حيث طبيعة عمل المهندسين المرتبطة بالمواطنين الأثرياء من المقاولين وأصحاب العقارات الذين يميلون إلي دفع الرشاوي من أجل ضمان تنفيذ مشروعاتهم في أسرع وقت, مطالبا بضرورة استحداث قانون لتنظيم العلاقة التي تربط موظفي المحليات ببقية القطاعات الأخري, والرقابة عليها. وأوضح اللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية الأسبق أن قطاع المحليات هو قطاع ضخم يضم3 ملايين موظف في جميع التخصصات عدا القضاء والقوات المسلحة, مما يستوجب إعادة هيكلة المنظومة بأكملها والتي تبدأ بتعديل قانون المحليات رقم119 لسنة2008, علي أن يحدد اختصاصات ومهام كل سلطة محلية بشكل دقيق للغاية, حتي يتسني لكل سلطة معرفة ما لها وما عليها, مع تفعيل الرقابة القانونية والشعبية الكاملة علي الجهاز التنفيذي للإدارات المحلية وأشار إلي أن عدم تحديد المهام يؤدي إلي تضارب في القرارات مما ينعكس سلبا علي آداء المحليات, مشيرا إلي أن حسن إدارة المحليات ينم عن تطبيق الديمقراطية الإدارية التي هي مدخل في الديمقراطية السياسية.