موجة الكوارث وانهيارات المساكن والحوادث المتعاقبة لقطارات السكة الحديد في الفترة الأخيرة وحوادث الطرق التي تبتلع ضحايا أكثر من الذين تفقدهم مصر في أيام الحروب والمعارك. وناهيك عن الانفلات الأمني والأخلاقي وتسيب الشباب وحركاتهم الهزلية في وسائل المواصلات ولعل آخرها حادث الشاب الذي دفع زميله تحت عجلات مترو الأنفاق. وغير ذلك من الوقائع والحوادث المتعاقبة. حقيقة.. تعيش مصر هذه الأيام مأساة هؤلاء المجندين الذين انفصلت بهم عربة القطار وأحدثت دوياً هائلاً أدي إلي فقدان 22 من خيرة شبابنا وإصابة أكثر من 100 من هؤلاء الرجال الذين كانوا في طريقهم لأداء ضريبة الوطن في الجندية والمشاركة في تحقيق الأمن وتنفيذ أية مهام تسند إليهم لقد أدمت القلوب كارثة هؤلاء الشباب من أبناء الصعيد خاصة محافظة سوهاج التي كان لها النصيب الأكبر من هؤلاء الضحايا يضاف إلي هذه النوازل انهيار عقارين بالإسكندرية والمنصورة. كما أن جريمة سائق التاكسي الذي تسبب في مصرع طفلين وسيدتين بتصرف مجنون وطائش مما يشير إلي مدي الانفلات الذي تشهده أرض الواقع. وللأسف الشديد فإن هذه الكوارث لن تكون الأخيرة وإنما سوف تتكرر في ظل هذه الأجواء من الانفلات التي يكتوي الجميع بنيرانها. ولا شك أن الاهمال وغياب المسئولية تقف وراء ما نتعرض له من كوارث. فعلي سبيل المثال ما يجري فوق قضبان السكة الحديد يثير أكثر من علامة استفهام ويطرح في الساحة أكثر من تساؤل. في مقدمتها هل تكرار هذه الحوادث لم يوقظ المسئولين عن هذه الهيئة التي شاخت في مواقعها؟ وهل تبلدت مشاعرهم نحو هذه الدماء الزكية إذ لم تكد تجف دماء شباب المجندين حتي فوجئنا بقطار أرض اللواء بمحافظة الجيزة. ولا يجب أن يغيب عن خاطرنا انهيار عقار الإسكندرية المكون من 8 طوابق تضم 24 شقة كلها مشغولة بالسكان أشلاء بعضهم اختلطت بمخلفات ذلك العقار الذي انهار رغم أنه لم يمض علي إقامته سوي 5 سنوات فقط. مع شديد الأسي فإن هذه المدينة الساحلية انتشرت فيها ظاهرة البناء وتعلية العمارات بدون ترخيص وذلك يثير الكثير من التساؤلات لدرجة أنه بعد ثورة 25 يناير وصلت المخالفات إلي نحو 11 ألف مخالفة. والتحايل بلا ضوابط ودون توقف. الملاك والمقاولون اتفقوا فيما بينهم علي ارتكاب هذه المخالفات بلعبة قانونية عند تحرير عقد الإنشاء أو التعلية وتتمثل هذه اللعبة في إضافة اسم وهمي تم اختياره بدهاء وخبث وغياب ضمير ولعل هذا الاسم أصبح معروفاً ومشهوراً من أي علم من أعلام هذه المدينة الساحلية العريقة وتحول "الكحول" الوهمي إلي مقاول يشيد العمارات ويتولي تعلية الأدوار وفقاً للاتفاق مع أصحاب أي عقار. وما يسترعي الانتباه أن هذا التحايل لم يخف علي أحد وحين ينهار العقار أو تحدث أي وقائع ابحث عن "الكحول" فلا تجده إلا اسماً وهمياً. هو الذي أقام العمارات الشاهقة وناطحات السحاب المنتشرة في كل أركان المدينة. المسئولون بالمحليات والأقسام الهندسية يغضون البصر ويتجاهلون كل هذه الألعاب وكأن الأمر لا يعنيهم في قليل أو كثير. الأمر يتطلب بحث كل واقعة سواء بالسكة الحديد أو في الإسكان كل علي حدة والوقوف علي الظروف والملابسات التي تحيط بأي واقعة وتحديداً لاهمال والمسئول عنه بصورة قاطعة وتحقيقات تتوخي العدالة وتوقيع العقوبة الملائمة علي المسئول وفقاً للجريمة التي ارتكبها وما أدت إليه من أضرار أو إراقة دماء أبرياء. وأن تجري التحقيقات بسرعة في أعقاب كل حادث. بعد الانتهاء من مرحلة التحقيق يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء كل واقعة لسد الثغرات التي أدت إلي هذه الأخطار الجسيمة والقيام بمبادرات تتضمن وضع برامج للإصلاح وتوفير الأموال اللازمة لتطوير السكة الحديد وصيانة القطارات والعربات وفقاً للإمكانيات المتاحة وبالتدريج في إطار من الجدية ودرء الأخطار المتلاحقة. كما يتعين إحداث حركة تغييرات بالأقسام الهندسية في الأحياء المسئولة عن إصدار تراخيص البناء الجديدة أو تعلية المباني وأن يتم اختيار أكفأ العناصر من المهندسين والموظفين الذين يتمتعون بالضمير الحي وتطبيق الإجراءات التي تضمن سلامة المباني والحفاظ علي الأرواح ومنح هؤلاء المهندسين والموظفين والفنيين مرتبات مجزية في حدود الامكانيات وبصورة تحول بينهم وبين إغراء الأموال التي تتدفق علي الأقسام الهندسية في مختلف الأحياء. وأن يجري تجديد دماء هؤلاء العاملين وإصدار حركة تنقلات سنوياً. أعتقد أن هذه الكوارث وتداعياتها المؤلمة أصبحت لا ترضي أحداً ولابد من مواجهات حاسمة قبل أن يفلت الزمام ويتحول الضحايا إلي أرقام فلكية أكثر مما نعانيه في هذه الفترة الكئيبة. لقد أصبح السكوت علي هذه الوقائع جريمة سوف يحاسبنا عليها الله قبل العباد. نريد إجراءات عاجلة لعلنا نمضي في الطريق الصحيح. وإذا لم نفعل فانتظروا المزيد من الكوارث. ***** الأئمة والدُعاة اشتكوا العلاج عند الدكتور طلعت ارتفعت هذه الأيام صيحة الأئمة والدُعاة بمساجد وزارة الوقاف وإداراتها بمختلف المحافظات تنقلات وترقيات كانت مثار الشكوي بصورة لم يسبق لها مثيل. ورغم الوقفات الاحتجاجية وصرخات هؤلاء الدعاة وترديدهم أن الوزير الدكتور طلعت عفيفي يريد أخونة الوزارة وتجاهل أقدميات ودور هذه القيادات. ورغم أن الوزير يؤكد أنه لا صحة لهذه الاتهامات وأنه لا يناصر فريقاً أو جماعة ضد الآخرين وأن المصلحة العامة هي أهم الأهداف. وأنه يريد إصلاح هذه الوزارة ومواجهة أي خلل أو فساد في الإدارات والأجهزة التابعة للوزارة للنهوض بالدعوة ورجالاتها. ومما يثير الانتباه أن الدكتور طلعت عفيفي يؤكد أنه أزهري ويحب الأزهريين وهدفه الإصلاح. وفي إطار هذه المحبة وتلك العلاقة التي تربط بين أبناء الأزهر. نريد من الدكتور الوزير دعوة هؤلاء الدعاة والأئمة والجلوس معهم باعتباره الأخ الأكبر لبعضهم والأب بالنسبة للشباب ويستمع إلي شكاواهم وطرح أي أخطاء أو مخالفات بشفافية ومصارحة يا دكتور طلعت لا تترك هؤلاء الدعاة يجأرون بالشكوي دون أي مبادرة من جانبك تزيل هذا الاحتقان وتضع إجابة لكل سؤال لهؤلاء الرجال. نتطلع إلي استجابة الوزير والدعوة لعقد لقاء مع هؤلاء الإخوة والأبناء. وتؤكد للدكتور طلعت أن العلم رحمة بين أبناء الأزهر. نريد مصارحة ومصالحة.