ظل الحظ السييء يلاحق "حماصة" والنحس يطارده منذ نعومة أظافره.. فقد عاش طفولة مشردة بين أقران السوء الذين اصطحبوه إلي عالم اللهو واللعب ليفشل في دراسته في التعليم الأساسي ليهجر مدرسته.. ويسعي بين الورش والمحلات التجارية بحثاً عن عمل يوفر له نفقات جولاته في عالم الضياع مع أصدقاء الطفولة. لكن الحظ السييء ظل يطارده.. وكما فشل في دراسته.. لم ينجح في الاستمرار بأي من الورش التي التحق للعمل بها ولم يصبر علي أيامه ليتعلم أي حرفة بسبب ضيقه من معاملة صبيان الورش. أو إهانات الأسطي وصفعاته المتكررة علي وجهه إذا تأخر في الحضور أو أخطأ في العمل.. فانتقل من ورشة إلي أخري.. ومن حرفه إلي أخري.. لأنه لم ينجح في أي منها.. واستسلم لحظه السييء وأوهام الفشل الذي يلاحقه. راح "حماصة" يبحث لنفسه عن حرفة سهلة يتعلمها.. وطريقاً جديداً في الحياة يحقق في نهاية مشواره به ذاته وأحلامه.. وخلال جولاته للبحث عن عمل تعرف علي بعض الأصدقاء الذين اصطحبوه إلي سهراتهم لتعاطي المخدرات.. وعرض عليه أحدهم أن يساعده في الخروج من الورطة التي يعيشها ويدله علي الطريق السهل للحصول علي المال. أغراه صديق السوء في إحدي جلسات المزاج أن يقوم بتوصيل بعض الطلبات لزبائنه من أصحاب المزاج مقابل نسبة من الأرباح.. وافق "حماصة" علي الفور لأنها فرصة توفر له احتياجاته من المال لتوفير احتياجاته الضرورية ومصاريفه اليومية.. وحصل علي بعض لفافات مخدر الحشيش وأماكن الزبائن لتوصيلها إليهم.. وفي نهاية اليوم عاد إلي زميله بثمن البضاعة وحصل علي عمولته منها. فرح "حماصة" بالأموال التي حصل عليها بسهولة دون إهانات وصفعات اسطوات الورش وشقاء العمل الحرفي.. وقرر الاستمرار في نشاطه الجديد.. فقد وجده عملاً سهلاً ومربحاً.. تكررت جولاته مع صديق السوء ونجح في ترويج بضاعته والحصول علي مكاسبه منها والتي راح يدخر جزءاً منها وينفق الباقي علي سهراته وملابسه الجديدة ومزاجه. مرت به الأيام وزاد نشاطه وتدفقت الأموال بين يديه.. فقرر أن يعمل لحسابه وأن يستغل علاقاته بتجار الصنف في الحصول علي بضاعته.. ومعرفته بأصحاب المزاج عن مدمني الصنف لترويج بضاعته بينهم وتوفير طلباتهم واحتياجاتهم من المزاج. ذاع صيته وانتشرت شهرته بين الجميع وأصبح معروفا في سوق المزاج حتي وصلت شهرته إلي رجال المباحث بمنطقة الأربعين الذين تمكنوا من الإيقاع به للمرة الأولي متلبساً بحيازة المخدرات والاتجار فيها.. وتم تسجيله كعنصر جديد في مجال تجارة المخدرات والزج به خلف القضبان ليقضي عدة سنوات من عمره بين المساجين من تجار المخدرات واللصوص والبلطجية ليتعلم منهم أساليب جديدة في مجال تجارة المخدرات ويعرف منهم أصول المهنة وأسرارها. بعد الإفراج عنه عاد سريعاً إلي تجارته مع توخيه الحرص في تحركاته والعمل علي إخفاء نشاطه.. وراح يروج المخدرات مرة أخري لكنه سقط سريعاً في قبضة رجال مكافحة المخدرات بالسويس الذين كانوا يرقبون تحركاته ويرصدون نشاطه ليعود مرة أخري إلي زنزانته التي غادرها منذ أشهر قليلة.. وكأن الحظ السييء كان يلاحقه حتي في عالم الإجرام. تعددت جولاته في عالم الإجرام.. كما تعددت سقطاته خلف القضبان.. ووصلت عدد اتهاماته وقضاياه إلي 6 اتهامات سجلت في صحيفته الجنائية رغم أن عمره لم يتجاوز الرابعة والعشرين عاماً.. لكنه لم يبتعد عن شيطانه واستمر علي دربه.. فليس له مهنة أخري يعمل بها ولا يعرف طريقاً آخر يسلكه ليحصل علي المال. أيقن "حماصة" أن الحظ السييء يلازمه وأن الفشل الذي أصابه في دراسته والمهن التي حاول الالتحاق بها استمر معه في نشاطه الإجرامي.. أوهم نفسه بهذه الخرافة وصدقها لكنه لم يستطع الابتعاد عن تجارة الصنف وعاد مرة أخري إلي نشاطه الذي حاول حمايته بأعمال البلطجة ومحاولات فرض نفوذه وسيطرته علي تجار التجزئة. حاول إخفاء نشاطه بالابتعاد بتجارته وبضاعته عين أعين رجال المباحث باستئجار مسكن جديد يخفي به بضاعته.. وقرر أن يذهب بالصنف إلي زبائنه ومنعهم من التردد علي مسكنه أومحل إقامته.. ونجح في عقد صفقة كبيرة تمكن من ترويجها بين تجار التجزئة وحصل علي ثمنها واشتري بضاعة جديدة وقام بتوزيعها من جديد. نجح "حماصة" في العديد من الجولات حقق خلالها أرباحاً من تجارته المسمومة.. وظن أن حيلته نجحت في إخفاء نشاطه عن عيون المباحث وأن خطته أنقذته من العودة إلي الزنزانة.. فزاد نشاطه ليعوض خسارته خلال جولاته السابقة والأيام التي قضاها خلف القضبان.. لكنه لم يدر أن رجال المباحث يرصدون نشاطه ويستعدون للإيقاع به. وفي أحد جولاته أعد له رجال المباحث كميناً أثناء عودته ببضاعته إلي مسكنه وألقي القبض عليه للمرة السابعة وبحوزته كمية كبيرة من مخدر الحشيش الذي تخصص في تجارته ومبلغ مالي اعترف في محضر الشرطة بأنه من متحصلات تجارته. تم تحرير المضبوطات وإحالة "حماصة" إلي النيابة التي أمرت بعرض المضبوطات لفحصها وحبس المتهم علي ذمة التحقيقات وإحالته إلي المحاكمة بتهمة حيازة المخدرات والاتجار فيها.. ليجد "حماصة" نفسه قد عاد إلي زنزانته من جديد وكأن القدر قد كتب عليه أن يقضي فيها زهرة شبابه.