فجأة. انتفض الأثريون دفاعاً عن الآثار المصرية التي تعرضت- في الفترة الاخيرة- لنزيف. سرق من خلاله الكثير من كنوزنا. ألقي القبض علي القلة. وفر الغالبية بما استطاعوا حمله. أو تسريبه. السرقة جريمة في كل الاحوال.. لكن سرقة ما لايقدر بثمن. ويصعب استعادته. تتجاوز معني السرقة. انها تختلف عن كل أنواع السرقات. حتي الذي يسطو علي قطعة أرض أمتلكها. أستطيع أن استعيدها بوسيلة ما. ومنها اللجوء إلي القوة. أما سرقة الآثار فإنه من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- تعويضها. بالتحديد. فإن سرقة الآثار هي قضية أمن قومي. ليست مجرد حوادث عادية. لكنها اعتداء علي التراث. الذي لا تستقيم بدونه حضارة أية أمة. لذلك كان حرص الغرب بتاريخه الذي لايزيد عن بضع مئات من السنين. علي إلباس ثوب التراث ما ينتمي إلي عقود قريبة. مجرد أن ينسب إلي نفسه حضارة لم تكن موجودة. ولعلنا نلحظ حرص اسرائيل الغريب أن تدعي لها تراثاً. حضارة. حتي لو جاء ذلك علي حساب التراث الفلسطيني بخاصة. والتراث العربي بعامة. زمان سرقت المسلات المصرية. وسرق رأس نفرتيتي. وكنوز توت عنخ آمون. وآلاف القطع الاثرية التي تنتمي إلي التاريخ المصري في عصوره المختلفة. وقد ارتدي موشي ديان- عقب نكسة 1967- قناع عالم الآثار- وأشرف بنفسه علي نهب مئات. وربما آلاف القطع الاثرية من سيناء. وكما نعلم فإن الاثار المصرية تشغل أجنحة كاملة. في باريس ولندن وواشنطن وغيرها من عواصم العالم. والمخطوطات والوثائق النادرة موزعة في مكتبات لشبونة واستانبول ومدريد وموسكو وغيرها. هذا النزف الذي تعرض له تراثنا الوطني في امتداد التاريخ. ومن خلال عمليات النهب التي مارسها لصوص ومغامرون وعلماء آثار. غاب- بتبدده- في أفق المستحيل. ولن يتحقق الحفاظ علي ما تبقي إلا باعتبار سرقة التراث- بصرف النظر عن قيمته- جريمة تستحق المؤاخذة الرادعة. الاخبار التي تطالعنا بروتينية سخيفة عن اكتشاف ضياع قطع أثرية أو مخطوطات. ومعاقبة هذا المسئول أو ذاك. لا تلغي حقيقة أن هذا التراث فقدناه بالفعل. أغلب الظن أن ما ذهب لن يعود. وبالاضافة إلي التعامل الجاد. والمسئول إزاء ما فقد. وبذل كل الجهود لاستعادته. فلا أقل من الحرص الجاد علي أعز ما تملكه أمة. وهو تاريخها. وتراثها الوطني. هل تذكر المثل الذي يقول إن المال السايب يعلم السرقة؟!