شريف الغمري: الحملة التي بدأتها تركيا مؤخرا لإستعادة آثارها المنهوبة والمهربة والموجودة بعدد من متاحف العالم سلطت الأضواء من جديد علي آثار مصر المنهوبة والتي تم تهريبها إلي متاحف العالم وأخطرها الآثار المصرية .. التي نهبت من سيناء أثناء الإحتلال الإسرائيلي والتي إعترف الإسرائيليون بأنها نقلت إلي إسرائيل ولاتزال موجودة بها إلي الأن.وقد أقامت الحكومة التركية مؤخرا دعوة قضائية أمام المحاكم التركية للمطالبة بإجراء تحقيق عن وجود18 قطعة آثرية وصلت إلي متحف المترو وبليتان وعرضت هناك, وأرسل المسئولون الأتراك إنذارا إلي المسئولين في متحف المترو بوليتان يطلبون إثبات مصدر هذه التماثيل الآثرية والتي تضم أيضا أواني ذهبية, مؤكدين أن تركيا ستواصل جهودها لإستعادة كنوزها الآثرية. وكانت الجهود التركية قد نجحت في شهر سبتمبر2011 في إستعادة تمثال لهرقل يعود تاريخه إلي1800 سنة مضت من متحف بوسطن بالولايات المتحدة وإصطحبه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان علي طائرته وهو عائد من هناك إلي بلاده. أما عن الآثار المصرية المنهوبة من سيناء بشكل مخالف لكل القوانين والأعراف, فقد تحدثت عنها عديد من المصادر الإسرائيلية الموثوق بها, وعلي سبيل المثال أدلي الصحفي الإسرائيلي نفتالي لافي, والذي كان مستشارا إعلاميا لموشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق في أواخر أيامه وكان مقربا منه, بحديث لصحيفة عل همشمار قال فيه أن موشي ديان كان قد أخبره بقصة عن ذهابه إلي منطقة سرابيط الخادم في جنوبسيناء عام1969 وكان معه ضباطا من الجيش وقاموا بنقل قطع آثرية من هناك إلي إسرائيل مبررا تصرفه بأن قيمة الآثار الفنية عالية وقيمة للغاية وأن المصريين لم يكونوا يهتمون بها. وأضاف ديان أنه نقلها ليضعها في متحف في إسرائيل بدلا من تركها في مكانها معرضة للدمار والإهمال. وقد عقب مسئول عن الآثار في إسرائيل يدعي كليتور علي إدعاءات ديان بقوله أن الحقيقة ليست كذلك, فلم يكن هناك أي تهديد بالدمار لآثار سرابيط الخادم بإستثناء ما قام به موشي ديان من نهب لهذه الآثار التي إحتفظ بها ولم يعرضها في أي متحف, وقال كليتور أن ديان إستطاع خلال الفترة الطويلة من عام1956 وحتي عام1981 الإستحواذ علي مجموعة كبيرة من الآثار المصرية التي حصل عليها بعمليات تنقيب غير قانونية, بالإضافة إلي عمليات شراء وبيع آثار في إسرائيل وفي الخارج. ومن المعروف داخل إسرائيل أن ديان كانت هوايته التنقيب عن الآثار, وكان يحتفظ ببعضها في منزله. وهناك قصة أخري رواها جندي إسرائيلي يدعي إيدو ديسنتشك, كانت وحدته العسكرية مرابطة في منطقة أبو رديس في سيناء في يوليو عام1969, يقول فيها أنه شاهد موشي ديان ومعه ضباط أخرون يقومون بالتنقيب عن الآثار في هذا المكان, ويستخرج كنوزا آثرية ويسرقها. وكان إيدو ديستنشك, الذي يعتبر شاهد عيان علي هذه الجريمة, قد ذهب إلي رئيس تحرير صحيفة معاريف الإسرائيلية لنشر القصة في صحيفته لكن رئيس التحرير رفض وقال لإيدو إن ما تقوله ليس مفاجأة فديان قادر علي إرتكاب أي فعل سييء. ومن المعروف أنه توجد كثير من الآثار المصرية في عدد كبير من متاحف العالم خاصة في أمريكا وأوروبا, مثل متحف برلين في ألمانيا والمتحف البريطاني ومتاحف فرعية صغيرة أخري في لندن ومتحف اللوفر في باريس وغيرها, وكان هناك إهتمام بإستعادة الآثار المصرية من هذه المتاحف ولكن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح حتي الأن, ومن أهمها تمثال نفرتيتي في متحف برلين وهو تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري وعمره أكثر من3300 وكان فريق آثار ألماني قد عثر عليه أثناء التنقيب في منطقة تل العمارنة عام1912 وهو مستقر الأن في متحف برلين, وكانت مصر قد طالبت ألمانيا بإستعادة تمثال نفرتيتي ودار جدال عنيف بين البلدين ولكنه توقف منذ فترة, وقد يكون الموعد مناسبا لإعادة فتح الموضوع ومطالبة الحكومة الألمانية بإستعادته من هناك. وهناك تمثال أخر شدسد الأهمية وهو تمثال المهندس الذي صمم بناء هرم خوفو الأكبر وإسمه حم ايونو والموجود أيضا في متحف برلين, والتمثال علي شكل رجل جالس ويرتدي ثيابا عادية, وكان قد تم إكتشافه أيضا عام1912 وبعد ذلك إختفي إلي أن ظهر في ألمانيا, وكان هذا التمثال قد ظهر في متحف المتروبوليتان في نيويورك عام1998 أثناء إقامة المتحف لمعرض بعنوان500 سنة من أزهي عصور الحضارة المصرية, وكان موضوعا في مدخل قاعات العرض التي إحتوت علي قطع مصرية آثرية قام المتحف بإستعارتها لهذه المناسبة من متاحف العالم, أي أنها جميعا ليست موجودة في مصر. لقد جرت محاولات مصرية من قبل لإستعادة بعض هذه الآثار التي هربت بطريقة مخالفة للقانون, لكن المتاحف التي تقتنيها تمسكت بعدم إعادتها ولذلك فإن الحملة التي بدأتها تركيا يمكن أن تنبه إلي أن الطريق الذي تسلكه الحكومة التركية قد يكون هو الطريق الصحيح والمفيد برفع قضايا تطالب هذه المتاحف بإثبات أن ما لديها لم يصل إليها بطرق مخالفة للقانون وعن طريق السرقة والنهب والتهريب, فهل هناك من يهمه أمر تاريخ بلاده وغيور علي كنوزها وآثارها ويسعي للبدء في محاولة إستعادتها مرة أخري؟.