في عام 2017، لم يكن أحد يتخيل أن سانتي كازورلا، النجم السابق لآرسنال وفياريال، سيتمكن من العودة إلى ملاعب كرة القدم مجددًا بعد الاصابة اللعينة التي تعرض لها في قدمه. وكان كازورلا قد أجري ثماني عمليات جراحية، بعد تعرضه لعدوى بكتيرية كادت تلتهم قدمه، وقطع في وتر أخيل أفقده 8 سنتيمترات من العظام، كلها كانت مؤشرات على نهاية مأساوية لمسيرة لاعب موهوب. الأطباء أخبروه حينها: "عليك نسيان كرة القدم، وسنحاول فقط أن نساعدك على السير مع ابنك في الحديقة، وهذا أقصى ما نطمح إليه." لكن كازورلا لم يكن ليسمح لتلك القصة أن تُغلق بهذا الشكل، فبعد أقل من عام، تحدّى التوقعات وعاد بقميص فياريال، ثم خاض تجربة احترافية في السد القطري، غير أن السيناريو الأجمل كان لا يزال يُكتب. في عمر ال38، اتخذ كازورلا قرارًا لا يعرفه سوى العاشقين الحقيقيين: ترك المال خلفه، وعاد إلى حيث بدأ، إلى نادي الطفولة ريال أوفييدو، أحد أندية دوري الدرجة الثانية الإسبانية. لم يأت من أجل الأجور المرتفعة، بل جاء بدافع الحلم، رفض الحصول على عقد كبير بسبب مرور النادي بأزمة مالية، واكتفى بالحد الأدنى للأجور – 93 ألف يورو سنويًا – بل وتبرع ب10% منه لصالح أكاديمية النادي. ورغم تقدمه في السن، ظل كازورلا عنصرًا مؤثرًا داخل المستطيل الأخضر، وقبل أيام فقط، سجل هدفًا رائعًا من ركلة حرة مباشرة، ساهم في تأهل أوفييدو إلى نهائي التصفيات المؤهلة للدوري الإسباني "الليجا". واليوم، وبعمر الأربعين، حقق كازورلا ما كان مستحيلًا قبل 8 سنوات: قاد ريال أوفييدو للعودة إلى الليجا بعد غياب دام 24 عامًا، مختتمًا واحدة من أكثر القصص الإنسانية والرياضية إلهامًا في تاريخ كرة القدم الحديثة.