رصد تقرير صادر عن المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، التنسيق بين الولاياتالمتحدةوروسيا على حصار المعارضة في حلب، موضحاً أنه أثناء القصف المتواصل على حلب نسقت موسكووواشنطن لفرض هدنة في ريف دمشق واللاذقية، وهى المناطق الخاضعة بالأساس لسيطرة نظام بشار الأسد. وتابع التقريرأن هذا يأتي فيما استثنت الهدنة الأوضاع في حلب، الأمر الذي وافقت عليه واشنطن ربما لأنها في حاجة إلى سيطرة الأسد على حلب مرة أخرى وطرد المعارضة منها، في المقابل دعم موسكو لواشطن في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة غضت النظر عن شريكها الروسي الذي قدم الغطاء للعملية العسكرية شمال سوريا، مما يعني دعم فكرة تلقين المعارضة السورية درسا لانسحابها من العملية التفاوضية التي تحرص كل من موسكووواشنطن على استمرارها بغض النظر عن الخروقات المستمرة للهدنة، وفي نفس الوقت إضعاف موقفهم أثناء عملية التفاوض، لا سيما في حال نجاح نظام بشار الأسد في السيطرة على بعض المناطق المهمة في ريف حلب الشمالي والذي يعد بمثابة الرئة لفصائل المقاومة السورية. وقال التقرير إن المكاسب التي ستعود على نظام بشار الأسد في حال سقوط حلب بالكامل في يده، ستدفعه إلى ارتكاب مزيد من الجرائم دونما اعتبار للوضع الإنساني. وأضاف أن الأهداف العسكرية والسياسية التي يحاول النظام السوري وحلفاؤه فرضها بالقوة على المعارضة السورية وداعميها متعددة. أولاً: بيئة القصف: منذ دخول روسيا المعركة في سوريا بشكل مباشر في سبتمبر 2015 وحتى بعدما أعلنت سحب طائراتها قبل شهرين، وهى تعتبر أن نظام الأسد هو ملك لها فقط، وأن سوريا باتت مستعمرة روسية بامتياز، خاصة وأن التدخل العسكري لها عزز من موقف قوات الأسد بعدما أوشكت على الهزيمة، ومن ثم تعتبر موسكو أن دمشق هي موطئ قدمها الوحيد في الشرق الأوسط الذي لن تفرط فيه أو تتركه بسهولة، ولذلك دفعت في اتجاه استكمال تقدم الأسد واستعادته سيطرته على المدن التي انتزعتها منه المعارضة السورية، وخاصة مدينة حلب التي تمثل أهمية استراتيجية ليس للأسد فقط ولكن لروسيا أيضاً، ومن هناك لعبت روسيا دورا مهماً في التصعيد الأخير في حلب عن طريق إعطاء الضوء الأخضر لنظام بشار لقصف المدنيين بحجة وجود جماعات مسلحة في تلك الأماكن، وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي الذي قال إن بلاده لم تطلب من الأسد وقف القصف على حلب كإشارة ضمنية لاستمرار القصف. ثانياً: أهداف سيطرة النظام على حلب: تقف وراء علميات القصف المستمرة على حلب من قبل طائرات النظام السوري، السعي نحو تحقيق عدة أهداف منها: 1 معاقبة المعارضة على تعليق المفاوضات وإضعاف موقفها في التفاوض: الموقف المفاجئ الذي اتخذته الفصائل السورية التي كانت تتفاوض في جنيف، بوقف المحادثات أزعج الدول المعنية بالملف السوري ولاسيما الغربية منها، فما ظهر من لا مبالاة من قبل الأطراف الدولية وغض الطرف عن علميات القصف التي استهدف بالأساس مدنيين جلهم من الأطفال، فالولاياتالمتحدة غضت النظر عن شريكها الروسي الذي قدم الغطاء للعملية العسكرية شمال سوريا، مما يعني دعم فكرة تلقين المعارضة السورية درسا لانسحابها من العملية التفاوضية التي تحرص كل من موسكووواشنطن على استمرارها بغض النظر عن الخروقات المستمرة للهدنة، وفي نفس الوقت إضعاف موقفهم أثناء عملية التفاوض، لا سيما في حال نجاح نظام بشار الأسد في السيطرة على بعض المناطق المهمة في ريف حلب الشمالي والذي يعد بمثابة الرئة لفصائل المقاومة السورية. 2 تهجير أهل حلب: تمثل حلب أهمية استراتيجية كبرى في معادلة الصراع الدائر في سوريا، فهي ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان، كما أنها تعد المدينة الاقتصادية الأولى في البلاد، إضافة إلى ملاصقتها للحدود مع تركيا التي تعتبر المعبر الآمن والأهم للسوريين إلى تركيا ومن بعدها إلى أوروبا، ومن خلال عمليات القصف التي يستهدف بها النظام البنى التحتية من مستشفيات ومدارس وغيرها، وبالتالي تهجير ما تبقى من أهل المدينة وتسكين عناصر المليشيات الحليفة له كما حصل في مناطق أخرى من سوريا، وإفقاد الثوار للحاضنة الشعبية، ضمن مخطط إن نجح في حلب سيتابع تنفيذه في إدلب وصولا إلى المنطقة الساحلية. 3- قطع الإمداد من تركيا: منذ اندلاع الثورة قبل 5 سنوات، وتعد تركيا الداعم الأكبر والأول للثوار السوريين، وتعزز هذا الموقف بعد سيطرة المعارضة على النصيب الأكبر من ريف حلب الشمالي الذي يربطهم مباشرة بالحدود التركية. فهذه المنطقة تعد الأهم بالنسبة للفصائل المعارضة لأنه عن طريقها يتم إدخال السلاح والمقاتلين وخروج الجرحى والمصابين للعلاج إلى تركيا، ولهذه الأهمية أراد نظام بشار الأسد قطع هذا الطريق الحيوي على المعارضة بهدف محاصرتهم والقضاء على ما تبقي منهم في المدينة أو تهجيرهم بعيداً عن الحدود التركية. 4 الحصول على دعم أميركي لنظام الأسد في محاربة داعش: الملاحظ في عمليات القصف المتواصلة وحالة التماهي الدولي معها أن هناك رضا غربي وخاصة أميركي لما يقوم به بشار الأسد في حلب، وربما يرجع ذلك إلى رغبة النظام السوري بتقديم نفسه محارباً لتنظيمات الإسلامية المتشددة، للولايات المتحدة من أجل غض الطرف عما يقوم به في حلب لاسيما وأن هناك فصائل مسلحة متواجدة في أطراف حلب مثل جبهة النصرة، وتنظيم الدولة الإسلامية، والتي لا تشملها الهدنة التي أبرمت في فبراير 2016، وفي حال سيطرة النظام السوري على حلب وطرد فصائل المعارضة منها فلن يتبقى أمامه إلا عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، ولن يكون أمام التحالف الدولي لقتال داعش والذي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية إلا دعم نظام الأسد خاصة وأنه الوحيد الذي لديه قوات عسكرية مقاتلة على الأرض، وهذا سيعزز من فرص بقاء الأسد في أي حل سياسي لسوريا أو بقاء الوضع كما هو والذي يعد فرصة للأسد لتقوية شكوته يوماً بعد يوم. أرباك تركيا بفكرة الدولة الكردية: يعد الوضع في حلب شديد التعقيد أمام تداخل المصالح وتناقضها مقارنة بأي مكان أخر في سوريا، إلا أن هذه المعركة تمتاز بالحدية ووضوح رسائلها الإقليمية مع توفر الرغبة الروسية الواضحة في جعل معركة حلب ورقة ضغط على الجار التركي، فخسارة المعارضة للمدينة والريف الحلبي، سيعني وصول قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، إلى الحدود التركية، بما يحمل ذلك من تهديد للعمق التركي، هذا إن لم تستفد قوات الحماية الشعبية الكردية الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من الأوضاع، وتستولي على مدينة إعزاز، ومن ثم تقوم بربط مناطق سيطرتها على طول الحدود الجنوبية التركية وتثبيت حضورها على الخارطة السورية ،ومن ثم تهديد الجار التركي بورقة الدولة الكردية التي تزعج الدول التي يوجد بها أقلية كردية ولا سيما تركيا، فروسيا تعتبر هذه المعركة بالأساس معركتها وردها على إسقاط طائرتها من قبل الطيران التركي، فلذلك سعت في إقرار هدنة في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري وتترك حلب. في النهاية خلص التقرير إلى نقاط : 1 أثبت التصعيد الأخير على حلب أن هناك حالة من التنسيق وتوحيد الأهداف فيما يبدو بين القوتين العظمتين الولاياتالمتحدةوروسيا على محاصرة المعارضة السورية وتضييق الخناق عليها بشكل كبير دونما أي اعتبار للوضع الإنساني في المدينة وما آلت إليه بعد القصف. 2 من يتنصر في معركة حلب ويضمن سيطرته عليها بشكل كامل سيتمكن من إعادة ترتيب المشهد العسكري في سوريا ومن ثم تريب الوضع الإقليمي بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بالمعابر مع الحدود التركية. 3 أحداث حلب أعادت إلى الواجهة فكرة التضامن العربي والإسلامي مع القضايا الإنسانية في الوقت الذي تعاني منه دول أخرى في الإقليم من نفس مأساة حلب، لكن ما أُعلن عنه من مبادرات وتفاعل مع الضحايا الذين سقطوا جراء عمليات القصف أكد على أن الراي العام العربي والإسلامي أقوى من مواقف الحكومات التي تراعي التوازنات السياسية.