أعلنت الولاياتالمتحدةوروسيا، مساء اليوم، بدء هدنة في سوريا، من منتصف ليل اليوم الإثنين، ولكن السؤال الأهم هنا.. ما هي فرص نجاح هذه الهدنة؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب النظر إلى القوات على الأرض المطلوب منها تنفيذ هذه الهدنة ووقف إطلاق النار، في البداية الذي خرج في صورة مشتركة بين الخارجية الأمريكية والروسية، أتى بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الامريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، واستثنى من عملية وقف إطلاق النار تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة والمرتبطة بتنظيم القاعدة، وهذا هو المسمار الأول في نعش الهدنة، لأن الطرفين يسيطران على كثير من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وبالطبع القصف الروسي لن يتوقف في الرقة ودير الزور وريف دمشق وبعض حلب ومناطق أخرى. المسمار الآخر، هو إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن تنظيم انتخابات برلمانية في أبريل المقبل، وهذا الأمر يخالف فكرة الهدنة التي من المفترض أن يخلفها مفاوضات بين النظام والمعارضة، لتنظيم عملية الانتقال السياسي السلمي في سوريا، وهنا يظهر جليا مدى الخلاف بين النظام وحليفه الأقوى روسيا، فبد ساعتين من إعلان الهدنة، خرج بيان من رئاسة الجمهورية السورية، يعلن تنظيم الانتخابات البرلمانية، وهذا تفسيرات: أما أن روسيا كانت تعلم بنيات الأسد تجاه الانتخابات، واتفاق الهدنة مع أمريكا مجرد مناورة من الدب الروسي، أو أنها لا تعلم، وخرج بشار الأسد من لقاء نفسه ليضرب كرسي في الكلوب، ويفرض نفسه جزء أساسي في معالدلة الحل، وأن اتفاق الهدنة كان يجب أن يمر من دمشق أولا، وألا يأتي باتفاق أمريكي روسي. أما الجانب التركي المنخرط في الحرب بشكل أو بآخر، فأعلن ترحيبة بالهدنة، ولكنه تحفظ بحق الرد على أي تقدم لقوات الأكراد ناحية الحدود التركية ولا سيما بلدة إعزاز، وأعلن سيستمر في ضرب قوات حزب الاتحاد الديمقراطي حال إصرارها على التقدم ناحية معبر باب السلامة. في المقابل، أعلن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، أن فصائل المعارضة السورية أبدت موافقة أولية على التوصل إلى هدنة مؤقتة، بشرط أن يتم ذلك وفق وساطة دولية. كما قال خالد خوجة رئيس الائتلاف الوطني السوري: "إن مدة الهدنة المقترحة أسبوعان، لكن ممكن أن تمدد إلى ما لا نهاية إذا التزمت الأطراف بها". وهذا يطرح سؤال حول مدى العلاقة بين الذراع السياسي للمعارضة السورية والجناح العسكري المتمثل في المقاتلين على الأرض، وإذا كان الجناح السياسي قبل الهدنة، فهل تقبل بها الجماعات المقاتلة على الأرض؟ بشكل أساسي هنا نحن نتحدث عن حركة أحرار الشام والجيش الحر وجيش الإسلام، وبحكم علاقة هذة القوى بالجناح السياسي قد يقبلون بهدنة مؤقتة، خاصة حال موافقة السعودية وقطر وتركيا، ويجب التذكير أن الهدنة في هذا التوقيت تصب في مصلحة المعارضة التي تخسر كثير من الأراضي في ريف حلب الشمالي لصالح الأكراد الذي يتهمهم المعارضة بموالاة بشار الأسد. الأكراد، وقف إطلاق النار في الوقت الحالي يعني عدم تمكن قوات سوريا الديمقراطية كسب مزيد من الأراضي في سوريا حلب الشمالي ومواصلة التقدم نحو بلدة إعزاز والسيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا، وقطع طريق إمداد المعارضة، قبل اجتماعات الحل السياسي، وماكان يمكن لهم تمثيل أكبر في طاولة المفاوضات. من جانب القوات الموالية لنظام الأسد على الأرض، تظهر قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية، وهذه القوات تأتمر بأمر طهران، ولا تستطيع دمشق التدخل في قرار وقف إطلاق النار الخاص بها، وهنا يبرز الدور الإيراني، فكون القرار أتى من واشنطن وموسكو دون مشاورة الإيرانيين على ما يبدو، فهو يمثل مشكلة لهم فأمريكا هي الشيطان الأكبر سابقا، وروسيا حلت محلها في الأخذ بزمام الأمور في سوريا، وهي ترى أن هذا تعدي على حقوقها بشكل أو بآخر، ومن هنا قد تأمر أذرعها العسكرية بعدم الموافقة على وقف إطلاق النار. في الوقت الحالي يبدو من مصلحة أمريكاوواشنطن الموافقة على وقف إطلاق النار، وهي مبادرة للاستعراص الإعلامي، كما أنها تمثل نوعا من غسل الأيدي من الدم السوري، فهم يعلمون أن فرصة نجاح هذه الهدنة ضعيف للغاية، بسبب التعقيد الشديد الذي يعانيه الموقف في سوريا، فأمريكا تعرف انها لن تسطيع السيطرة على المعارضة السورية التي تتهمها بدعم الاكراد، وكذلك الأمر لروسيا التي لا تملك أي قوات على الأرض، وأقصى ما يمكن أن تفعلها منع طائراتها من قصف مواقع الفصائل الموافقة على الهدنة. أما المدنيون السوريون، فلا يملكون من أمرهم شيئا فسيظل القصف فوق رؤسهم، والمدافع تفصهم، ولا ذنب لهم سوى سيطرة فصيل لم يوافق على الهدنة على مدينتهم، فهذه الهدنة لا تخص مدن الرقة ودير الزور وريف دمشق بشكل أساسي. وستكشف الأيام القادمة إن كانت الهدنة المأمولة ستتطبق، أما ستذهب أدراج الريح كما تظهر المؤاشرات الأولية.