من بين القضايا التى ظهرت على الساحة السياسية مؤخراً قضية الأجهزة الرقابية فى مصر والتى لا يعلم أحد عددها على وجه التحديد ولا طبيعة وظائفها والدور الذى تقوم به على أرض الواقع . وقد ظهرت تلك القضية لعدة أسباب لعل من أهمها القرار الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً بإقالة المستشار هشام جنينة من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات بسبب تصريحاته حول واقعة ( فساد ال 600 مليار جنيه ) , أما السبب الثانى فهو كثرة التقارير الدولية التى نشرت طوال الفترة الماضية والتى كشفت عن الكثير من التفاصيل والأسرار حول الصراعات الدامية بين الجهات والأجهزة الرقابية فى مصر . وقبل أن نكشف المزيد من التفاصيل حول هذا الملف , أود التأكيد على أننى لا أدافع عن المستشار هشام جنينة االذى تمت إقالته منذ أيام , حيث أننى لا تجمعنى به أية صلة على الإطلاق وإنما أتحدث عن الموضوع كقضية عامة .
وكنت أتمنى أن يقوم الرئيس السيسى والذى أصدر قرار بإقالة جنينة بعد إدانته من قبل اللجنة التى شكلها الرئيس برئاسة اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية بمطالبة نفس اللجنة بأن تكشف للرأى العام الإجابة عن عدة تساؤلات منها : إذا كان حجم االفساد فى مصر لم يصل إلى 600 مليار جنيه وأن هشام جنينة أطلق تصريحات خاطئة ومضللة وأن تلك المبالغ تخص الفترة فيما قبل عام 2012 , فكم يبلغ حجم الفساد فى مصر حاليا ؟ وكم حجمه على وجه الدقة خلال عامى 2014 و2015 ؟ ولماذا لم ترد هيئة الرقابة الإدارية على التقرير الذى نشرته جريدة الأهرام فى شهر سبتمبر الماضى وكشفت فيه أن هيئة الرقابة الإدارية نفسها قامت بالتعاون مع جهاز المحاسبات بإعداد تقرير عن حجم الفساد فى مصر والذى كشف أن حجمه يزيد عن 450 مليار جنيه ؟ .
وليسمح لى الرئيس السيسى أن أوجه له سؤالاً هو : هل قرارك بإقالة جنينة سببه الوحيد إدانته فى واقعة (فساد ال 600 مليار جنيه ) أم أن هناك أسباب آخرى ؟ وهل صحيح أن أحد اسباب الإقالة هو رغبة رئيس جهاز المحاسبات السابق فى الكشف عن وقائع فساد تخص بعض الجهات العليا فى البلد .
وأقول للرئيس : يجب أن ندرك جميعا أن الزمن تغير وأننا فى حاجة الى المكاشفة والمصارحة لأن استمرار الأوضاع على ما هى عليه حتى الآن ينذر بكوارث قد لا تحمد عقباها ؟ لذلك أتمنى أن تصارحوا الرأى العام بالحقائق فى حدود عدم المساس بالأمن القومى .
أعود مرة آخرى إلى ملف الأجهزة الرقابية فى مصر , ولكن فى البداية لابد أن نشير إلى أن هناك العديد من الهيئات والأجهزة الرقابية منها هيئة الرقابة الإدارية وهيئة الرقابة المالية والجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى المصرى وهيئة النيابة الإدارية و الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات وهيئة الرقابة والبحوث الدوائية وهيئة الرقابة على المصنفات الفنية ومصلحة الرقابة الصناعية وجهاز حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار وجهاز الكسب غير المشروع ومباحث الأموال العامة ووحدة مكافحة غسيل الأموال والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .. الخ . و يؤكد الخبراء أن دور تلك الاجهزه هو مكافحه الفساد و الغش و المحافظة على المال العام وضمان حسن استخدامه والارتقاء بالأداء الحكومي و ضمان نزاهه الوزراء و تحقيق الشفافية للأعمال الحكومية ونشرها . ويؤكد الخبراء أنه من الغريب أن جميع الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في مصر تتبع السلطة التنفيذية مما يؤثر على استقلاليتها، باعتبارأن السلطة التنفيذية سوف تكون هي المراقِب والمراقَب في ذات الوقت، وهو ما يخالف المبادئ الرقابية السليمة”.