قيادات ورموز الجماعة تنتقد مواقف «الإخوان»: «تجاهلتم من مات أسيرًا بالسجن أو شهيدًا» هجوم عبد الماجد على «الإخوان» وترحيب «البناء والتنمية» بزيارة سلمان يعكس الرغبة فى تسوية سياسية
أضفى تجاهل جماعة "الإخوان المسلمين"، والفضائيات التابعة لها لحادث مقتل رفاعي أحمد طه، القيادي البارز في "الجماعة الإسلامية"، مزيدًا من التوتر الذي يخيم على العلاقة بين الجماعتين الحليفتين. وأحجمت جماعة "الإخوان" عن إصدار بيان نعى لرفاعي، بينما لم تبد أي من الفضائيات التابعة لها اهتمامًا بمقتل رئيس مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" السابق في قصف جوى على سيارته بينما كان في طريقه لمحاولة التوحيد بين "جبهة النصر"، وحركة "أحرار الشام"، اللذين يقاتلان قوات النظام السوري. وألقى ذلك المزيد من الزيت على نار الخلافات بين الطرفين المشتعلة في ظل الانتقادات المتتالية التي يوجهها المهندس عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة ل "الإخوان"، واتهامها بالمسئولية عن الكارثة التي حلت بالتيار الإسلامي في مصر، آخذًا عليها "افتقاد الرؤية للخروج من المأزق الحالي". وانعكست حالة الغضب في ردود فعل قادة "الجماعة الإسلامية" عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". وأعاد المهندس أسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة نشر تعليق عبر صفحته ينتقد موقف جماعة "الإخوان" وفضائياتها من مقتل رفاعي طه، ومن قبله الدكتور عاصم دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة، والشيخ عزت السلاموني القيادي بالجماعة. وجاء في المنشور: "وقفنا معكم نصرة للحق ودفاعًا عن أعراضكم ودمائكم ولكن تناسيتم الجميع سواء من مات أسيرًا في السجن أو شهيدًا وتلك قسمة غير عادلة" وتابع: "ليس فخرًا لرفاعي أن تنعاه قنواتكم أو تذكره ألسنتكم وبل شرف لكم أيضا من تعرفوا أصلا قدر الشيخ رفاعي"، متسائلاً: لماذا حرمتم هذا الشرف ولماذا تجاهلتم نعيه في وقت نعته جميع الحركات الإسلامية"؟. وقالت مصادر مقربة من "الجماعة الإسلامية"، إن "هناك تيارًا قويًا داخل الجماعة يدعو للانسحاب من "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، الداعم للرئيس الأسبق محمد مرسي، لاسيما أن الجماعة تقاطع جميع فاعليات التحالف منذ نهاية عام 2013". وعزز من هذا التوجه البيان الذي أصدره حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسي ل "الجماعة الإسلامية"، الذي رحب فيه بزيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة، ووصفها بالفرصة المهمة لتسوية الأزمة السياسية في مصر. ويعكس البيان رغبة الجماعة في الوصول لتسوية وسط مع النظام الحالي تخرج البلاد من الأزمة التي تشهدها منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3يوليو 2013، وهو أمر لا يحظى بدعم "الإخوان". وقال أنور عكاشة، القيادي الجهادي البارز إن "تجاهل جماعة الإخوان المسلمين لاستشهاد الشيخ رفاعي طه، وكذلك عدم اهتمام فضائياتها به يعود إلى رغبة الجماعة في عدم تسديد فواتير الرجل الذي ارتبط بالقاعدة في مرحلة تاريخية، وله توجهات سياسية وعقدية معروفة، ومعاد للهيمنة الغربية على المنطقة وبل منخرط بشكل أو بآخر في علاقة مع جماعات تقاتل نظام بشار الأسد في وقت لا تخفى الإخوان رهانها على الغرب في صراعها مع النظام الحالي في مصر". وأضاف: "الإخوان لا ترغب في استمرا علاقة التحالف مع القوى الإسلامية، بل وتسعى منذ فترة لتدشين تحالف مع قوى ليبرالية لعله ينجح في تسويق الجماعة عالميًا، لذا لم يكن موقفها من وفاة الدكتور عصام دربالة ومن قبله الشيخ عزت السلاموني وأخيرًا الشيخ رفاعي طه مفاجئًا بل أنه يتسق مع موقف الجماعة الساعية لتوثيق صلاتها مع التيار الإسلامي". وأشار كذلك إلى أن "تبني قضية الشيخ رفاعي قد يؤثر على علاقة الإخوان بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو ما لا تتحمله جماعة الإخوان". إلا أنه رأى أن "تجاهل الإخوان لاستشهاد رفاعي طه لن يمر بدون حساب، بل ستعتبره الجماعة الإسلامية فرصة للخروج من تحالف دعم الشرعية بشكل رسمي ودون أن تواجه أي مراجعة من قواعدها التي تحمل غضبًا من مواقف جماعة الإخوان بشكل عام، مرجحًا أن يعلن قريبًا عن انسحاب الجماعة وبشكل رسمي من التحالف. من جانبه، رفض صلاح هاشم عضو مجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، التعليق على تجاهل جماعة "الإخوان" وفضائيتها لوفاة الشيخ رفاعي، قائلاً إن التصريحات حول مثل هذه القضايا تعود لقيادات لحزب "البناء والتنمية". لم تقتصر حالة الغضب على تجاهل الإخوان لمقتل رفاعي طه، بل امتد إلى شخصيات مصرية معارضة. إذ انتقد الكاتب الصحفي سليم عزوز موقف جماعة الإخوان وفضائياتها متسائلاً في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "ألم تكن فضائيات الإخوان ستقيم الدنيا ولا تقعدها حال وفاة الدكتور سعد الدين إبراهيم" ممتدحًا في الوقت نفسه الشيخ رفاعي بوصفه ب "صاحب الخلق الرفيع".
إلى ذلك، برزت تباينات داخل "الجماعة الإسلامية" حول طبيعة الدور الذي كان يقوم به رفاعي طه في سوريا. ففي الوقت الذي أكد فيه المهندس عاصم عبدالماجد أن "الشيخ رفاعي طه استشهد أثناء وجوده داخل الأراضي السورية للقيام بوساطة بين جبهة النصرة وأحرار الشام"، قال عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة إن "وجوده في الأراضي السورية كان إغاثيًا ولم يكن له أي دور قتالي أو سياسي بين الفرقاء السوريين". وفسر محللون هذا التباين بأن "الجماعة الإسلامية" ترغب في النأي بنفسها عن تحمل أي تبعات لهذا التواجد وأن يكون لها صلة بأي أعمال قتالية، في وقت يصر قادتها على انتفاء أي علاقة للجماعة بالعنف والتزامها بمبادرة وقف العنف والمراجعات.