يمثّل الانخفاض المتوالي لسعرالجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، خلال عام 2015، الملمح الرئيسي للاقتصاد ، مُتحديًا تدخلات البنك ا لمركزي عبر آليات السوق، لضبط سعر صرف العملات الأجنبية، دون تحديد مباشر على حد تصورات المراقبيون الاقتصاديون . ويرصد موقع ساسة بوست في هذا التقرير أبرز4 أسباب اقتصادية ستدفع الدولار إلى رفع قيمته ليصل سعره إلى مايوازى 9 جنيهات وهى كالتالى :- 1- تحويلات المصرين في الخارج تتراجع من بين أهم المحددات لسعر الجنيه المصري مُقابل الدولار، هي نسبة تخلّي العاملين في الخارج عن دولاراتهم للقطاع المصرفي. وخلال الفترة ما بين 2003 إلى 2010، بلغت النسبة الإجمالية لتخلي العاملين في الخارج عن دولاراتهم للقطاع المصرفي نحو 75%، ما انعكس على سعر الدولار الذي ظلت قيمته ثابتة عند 6.20 جنيه لمدة 7 سنوات، سواء في السوق الرسمية، أو السوق الموازية (مكاتب الصرافات).
إلا أن نسبة التحويلات هذه لم تستمر، ما أدى بالضرورة إلى حدوث قفزات كُبرى في قيمة الدولار، بخاصة الفترة الأخيرة، بعد أن وصلت تحويلات العاملين في الخارج لنسبة ضئيلة لا تتجاوز 5%. يسري مُصطفى، البالغ من العمر 56 عامًا، يعيش بمفرده في المملكة العربية السعودية لأكثر من 30 عامًا، حيث يعمل طبيبًا بشريًّا. اعتاد "يسري" خلال هذه السنوات تحويل راتبه بالدولار إلى الجنيه المصري خلال إرساله لمصر، لكنّ هذه العادة انقطعت في السنوات القليلة الماضية. ويقول "يسري" ل”ساسة بوست”، إنه اعتاد تحويل راتبه بالدولار إلى عائلته في مصر، بسبب ثبات سعره في السوق المالية المصرية حتى أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، إلا أنّه تراجع عن عادته بعد ارتفاع سعره أخيرًا. “الحسبة بسيطة، معايا دولار أقدر أبيعه بستة جنيه الآن. ولو صرفته السنة المقبلة هيكون بسبعة جنيه”، يشرح يسري أسباب تراجعه عن عادته القديمة، مُوضحًا أنّ سعر الدولار يرتفع بشكل مُطرد، “فما الدفاع إذًا لتحويله الآن؟”. 2- ارتفاع الدولار أمام العملات الأخرى: الجنيه المصري للوراء مُضطرًا في نوفمبر 2014، كانت التكهنات بشأن اتجاه البنك المركزي السويسري لخفض أسعار الفائدة، إثر قرارٍ مماثل اتخذه البنك المركزي الأوروبي؛ إيذانًا بالقفزة الكبرى لسعر الدولار أمام غيره من العملات الرئيسية، ليصل إلى أعلى مستوياته خلال 8 أشهر.
ويتضح ذلك من ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه الإسترليني بواقع 4.59% خلال عام مضى، وبواقع 17.69% مقابل اليورو، و3.76% مقابل الين الياباني، و5% مقابل اليوان الصيني. وفي 16 ديسمبر 2015، جاء قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، رفع سعر الفائدة على الدولار، لأوّل مرة منذ تسع سنوات، بمقدار ربع في المئة؛ ليجعل هذا القرار ارتفاع سعر الدولار خلال العام الجديد، مسألة وقت، بخاصة وأنه انعكس على مُؤشرات البورصة العالمية، التي حققت ارتفاعًا ملحوظًا، مدعومةً بردود فعل المستثمرين الإيجابية حيال القرار، فضلًا عن الثقة في الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتمد عليه القرار بدرجة كبيرة. على هذا، لا يمكن فصل تقدير الجنيه المصرية بالنسبة للدولار الأمريكي، عن ارتفاع سعر الأخير مُقابل العملات الرئيسية حول العالم، إذ إنّ تسعير أيٍّ من تلك العملات، يمر مُقابل الجنيه المصري، ليكون بذلك ارتفاع الدولار مُقابل العملات تلك، دافعًا رئيسيًا لوضع قيمة "حقيقية" و"عادلة" للجنيه، من وجهة نظر المستثمرين. 3- سعر الدولار بالشركات الكُبرى: أكثر من 9 جنيهات كشفت مذكرة بحثية صادرة عن بنك فاروس للاستثمار، خلال شهر ديسمبر 2015، أنّ غالبية الشركات الكبرى العاملة في مصر، حددت سعر الدولار في ميزانيتها للعام الجديد (2016)، بما يتراوح ما بين 9 و 9.5 جنيهات مصرية. وأوضحت المذكرة أن بعض الشركات، زادت بالفعل من أسعار منتجاتها وخدماتها للعام المقبل، بناءً على توقعاتها هذه لسعر الدولار، ما يُنذر ب"صدمة تضخمية" مع بداية 2016، وفقًا لمذكرة فاروس.
ويوضح هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في شركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية، في تصريحاته ل”ساسة بوست”، عن أسباب رفع سعر الدولار إلى 9 جنيهات قائلا "تراجع المصادر الأساسية المسؤولة عن توفير الودائع الدولارية بشكل مُستمر، مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بالإضافة إلى حرص الشركات على استمراريتها في الأسواق العالمية والتنافسية، فضلًا عن تطبيق سياسات الصندوق والبنك الدوليين، كل هذه مثّلت محددات بالنسبة للشركات عند تحديدها هذه القيمة للدولار مقابل الجنيه". ويرى "جنينة"أن البنك المركزي، سيكون مُضطرًا لرفع قيمة الدولار مُقابل الجنيه، بُغية تشجيع كل من التصدير والسياحة، في مُقابل تقليص حجم الاستيراد، مُستشهدًا في ذلك بتخفيض البنك المركزي سعر الجنيه، قُبيل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، بدافع تشجيع الاستثمارات الأجنبية، ولإدارة سعر الصرف وفقًا للظروف الدولية الراهنة. 4- ضعف السياحة والاستثمار ينعكس على الجنيه حساب المعاملات الجارية، يُظهر الميزان التجاري المُعبّر عن الفارق بين الصادرات والواردات، وكذا الميزان الخدمي الذي يرصد مُتحصلات الدولة من الصناعات الخدمية كالسياحة والنقل، بالإضافة إلى التحويلات الجارية الشاملة للمساعدات والمنح.
ووفقًا للبنك المركزي، فإن الميزان التجاري سجّل عجزًا بنحو 10 مليارات دولار، ليبقى عند نفس مستواه في الربع المقارن. وأرجع البنك هذا العجز إلى تأثر الصادرات والواردات المصرية بانخفاض الأسعار العالمية للبترول، وغيره من السلع الأساسية الأخرى. وخلال الربع الأول العام المالي الجاري، تراجعت حصيلة الصادرات السلعية بنحو 26.5%، لتقتصر على نحو 4.6 مليار دولار، بعد أن كانت عند حدود 6.3 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الماضي. ويرجع سبب ذلك لانخفاض حصيلة صادرات البترول (الخام أو المنتجات) بنحو 1.2 مليار دولار، بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية بأكثر من 51% خلال فترة المقارنة. بالإضافة لذلك، تراجعت حصيلة صادرات البترول، رغم زيادة الكميات المصدرة من خامه، والتي تمثل 71.3% من حصيلة الصادرات البترولية الإجمالية، و24.2% من إجمالي حصيلة الصادرات السلعية. كما أن بيانات هيئة قناة السويس المصرية، المنشورة على موقع الهيئة، أظهرت أن إيرادات البلاد من القناة تراجعت إلى 408.4 مليون دولار في نوفمبر، بعد أن كانت 449.2 مليون دولار في أكتوبر 2015، لتسجل بذلك أدنى مستوياتها منذ فبراير الماضي، حين بلغت 382 مليون دولار، وهو ما يُفقد البلاد نحو 40.8 مليون دولار. ويُشار إلى أن هذا التراجع في إيرادات القناة، جاء على خلفية تراجع عدد السفن المارة إلى 1401 سفينة في نوفمبر، بعد أن كان عددها 1500 سفينة في أكتوبر من نفس العام (2015).