الدكتور عبد الناصر حسن يعمل أستاذًا للأدب العربي بكلية الأداب جامعة عين شميس، وشغل منصب رئيس دار الكتب والوثائق اليومية، حاصل على جائزة الدولة للتفوق في الآداب لعام 2015.. كان لنا معه هذا الحوار. *كيف كان للنشأة دورها فى حياتك الأدبية والأكاديمية؟ - نشأت فى حى شعبى فى حى الظاهر بوسط القاهرة وهى حى معروف بعراقته ويوجد به مسجد الظاهر بيبرس العريق، وكان يجمع بين المتناقضات حيث يسكنه الأغنياء جدا فى بعض أماكنه والفقراء فى أماكن أخرى ..كانت هناك الحانات والخمارات فى مقابل المساجد والكنائس .. كل ذلك كان موجوداً ومتعايشاً مع بعضه البعض. مصادر تفتح الذهن ثقافياً كانت السينما وبالتحديد السينما الغربية وكانت دور العرض تقدم بعض الأفلام المتميزة والرائعة وقد ثقفت من هذه الأفلام مثل فيلم "العجوز والبحر" لأرنست هيمنجواى، وفيلم "لمن تدق الأجراس"، و"ثورة على السفينة بونتى"، وغيرها من الأفلام لكبار الممثلين فى هيولود فى هذا الوقت وأحببت السينما جدا وأتصور أنها عنصر أساسيا فى مكوناتى الثقافية واستطيع أن أقول لك أن السينما بالإضافة إلى قراءة بعض الكتب فى سن صغيرة وحفظى لبعض أجزاء من القرآن الكريم ساعدت على استقامة لسانى وجعلتنى امتلك ناصية اللغة واستطيع أن اتحدث بها بشكل جيد. *الدوافع التى جعلتك تحب الأدب وتلج مجاله؟ - الدوافع كانت السيدة حسنية شعبان وهى عمتى أخت والدى كانت أديبة.. صحيح أنها لم تكن مشهورة، ولكنها كانت تكتب الروايات وقد شاركت فى تربيتى وأنا صغير واعتقد أنها جزء كبير جدا فى معرفتى بالحياة الثقافية وكانت تجلس أحيانا فى جلسات طه حسين التى كان يعقدها فى بعض الأماكن المختلفة هى وغيرها من الأقران فى ذلك الوقت ولعلى أذكر منهم الحسين القبانى وغيرهم من الأسماء المعروفة فى فترة الخمسينيات ..فهذا وذاك هى روافد حقيقة فعندما اذهب إلى بائع الجرائد والمجلات والدوريات وكنت أخذ منه الدوريات واستعيرها ثم أبدلها بدوريات أخرى وكان هذا متاح فى ذلك الزمان هو أنك تشترى ثم ترجع وتستبدلها بعد قراءتها وتأخذ حاجة مكانها وهكذا...فهذه العناصر كلها مجتمعة بالإضافة لظهورالتليفزيون فى أوائل الستينيات ساعد ذلك على التكوين الثقافى بالإضافة إلى المعرفة الدينية حيث أننى حفظت أجزاء من القرآن فى الكتاب . *وماذا عن أساتذتك ورفاق دربك؟ فى المرحلة الجامعية كنت محظوظا جداً بأن من ربانى هم أكبر أساتذة مصر فى مجال الأدب والنقد، تربيت على أحمد كمال زكى وعز الدين إسماعيل وعبدالقادرالقط ولطفى عبدالبديع ومصطفى ناصف وغيرهم من الأسماء الكبيرة، فالواحد من هؤلاء فى حد ذاتة جامعة ن فهؤلاء جميعا كان لى الحظ أن اتعلم على أيديهم وفى وقت اجتمع كل هؤلاء الكوكبة فى جامعة عين شمس وبالتالى كان لى حظ أوفر أنا وجيلى أن اتعلم من فكرهم ومن ثقافتهم وان نتعلم منهم فى المحاضرات أشياء كثيرة ولم يكن هؤلاء يعلموننا العلم بل كانوا يعلموننا الأخلاق وثقافة الأخلاق وثقافة التعامل وكل شىء. *من هو الأستاذ التى تعلقت به واقتربت منه كثيراً؟ الذى علم معى كثيرا هو أستاذنا الدكتور عزالدين إسماعيل لكنه لم يكن مشرفا لى على رسائلى العلمية، والذى اشرف على وله فضل كبير أيضاً هو الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالرحمن أستاذ الأدب العربى - رحمه الله - *كيف ينظر د. عبدالناصر حسن إلى التراث النقدى العربى؟ انظر إليه بحب شديد وبتعاطف شديد لأن القديم دائما يمتد فى الجديد وإذا لم تكن تعرف ماضيك لا تستطيع أن تعرف مستقبلك ولا حاضرك وتعلمنا دائما أن الثقافة حلقات متصلة لا انفصام بينها وأنت لكى تعرف الحديث لابد أن تؤسس نفسك بالقديم وأن تعرفه معرفة دقيقة بدونها لا تستطيع أن تقيم بناء حول شىء مثل النقد فى أوربا لابد أن يلموا بأصوله اليونانية والرومانية وهذا ما حدث لدينا فكان لا بد أن نقرأ عبدالقاهرالحرجانى وأبحاثه ونقرأ الآمدى وابن قيبة وحازم القرطاجنى وغيرهم من الكبار وهؤلاء جميعاً كونوا الأساس الحقيقى مثل (أساس المنزل) الذى بنينا فوقه ما ثقفناه من الحضارة العربية أو النقد الحديث. *كيف ترى الواقع الأدبى والنقدى فى مصر والوطن العربى فى الوقت الراهن؟ الواقع الأدبى ليس سيئا كما يحاول البعض أن يروج وأرى أن هناك أجيالاً جديدة تملك ناصية الثقافة بشكل جيد يدل على أنهم يصلحون بعد سنوات قليلة سيكون لهم دور فى إحياء الثقافة عربية والثقافة المصرية بوجه خاص فيه شباب صغار وأخذوا جوائز مؤخرا ورأيتهم عندما كنت محكما لهم فى الجوائز التى حصلوا عليها ، فطارق إمام واحد من الموهبين فى الأجيال الجديدة وهناك أحمد مراد وروايته الفيل الأزرق يكمن أن يكون هؤلاء الكبار فى قادم الأيام وغيرهم كثير .. *هل هناك تواصل بين الأجيال أم العلاقة مبتورة بين القديم والحديث؟ هذا وذاك ..أنا من الذين لهم علاقة بالشباب ويوجد اتصال دائم بهم منذ أن كنت رئيسا لدار الكتب والوثائق القومية مرورا بالهيئة العامة لقصور الثقافة واتعامل معهم فى الجامعة بحكم عملى أستاذ للنقد الأدبى اتجادب معهم أطراف الحديث فى قضايا أدبية وثقافية ويسألوننى عن بعض الأشياء وأطرح عليهم رؤيتى وأنا لا أفرضه عليهم وإنما أحاول بالضرورة أن أجعلهم يقتنعون بما يستطيعون واترك لهم المجال والمساحة للتعبير عن آرائهم ... *هناك طرح على الساحة الأدبية اليوم بين ما هو متمسك بالقديم وما هو متمسك بالنظريات والمذاهب المستوردة كيف ترى هذا الأمر؟ الناس أمزجة وبالتالى كل عصر وله اختياراته ..الناس فيه تختار ما تريد أحيانا يتحولون من طريقة حياة إلى أخرى ومن شكل إلى آخر ولعلى أذكر وتذكر معى أن فى السبعينيات والثمانينيات كانت الطالبات حاسرا وكانت نسبة المحجبات قليلة جدا أما الآن فقد تغير الوضع فصارات نسبة المحجبات كثيرة جدا ونسبة الحاسرات قليلة ..تحولات ورؤى من عصر إلى عصر