صعد الخلاف المكتوم بين "الإخوان المسلمين"، ورفقاء الطريق من التيارات الإسلامية الأخرى إلى السطح، بعد أن علق حمزة زوبع، القيادي الإخواني، على تصريحات للدكتور ناجح إبراهيم القيادي السابق ب "الجماعة الإسلامية"، قائلاً: "كلكم كنتم تكفيرين واتحملنا هبابكم لسنوات"، في إشارة إلى "الجماعة الإسلامية" وجماعة "الجهاد". جاء ذلك على خلفية اعتراضه على إبراهيم وتحليلاته التليفزيونية وظهوره المتكرر على قنوات النظام وهجومه على الإخوان، ووصفه بأنه "ليس مفكرًا"، موجهًا له وللمنتمين لحزب النور رسالة، قائلاً فيها: "نحن صبرنا عليكم كثيرًا فأنتم كنتم تكفيريين ومجرمين وقتلة وأمن الدولة شدنا من على المنابر ودخلنا السجن بسببكم وتحملنا هبابكم طوال الفترة الماضية"، على حد قوله. ما قاله زوبع أثار حفيظة العديد من الشخصيات ذات التوجه الإسلامي من مختلف الأحزاب والجبهات، الذين أبدوا اعتراضهم على اتهامات زوبع قال وسارعوا في الهجوم على الإخوان، وأبدو ما كانوا يخفونه ناحيتهم، وصل الأمر لوصف الإخوان بأنهم "علمانيو التيار الإسلامي". ممدوح إسماعيل، محامي الجماعة الإسلامية قال موجها حديثه لجماعة الإخوان، إن "الجناح الليبرالي داخل الجماعات والأحزاب الإسلامية هو أخطر من خصومهم". ورد عليه أحد النشطاء قائلا: "بعد كلام زوبع اتضح لي إن الإخوان المسلمين هم سبب النكبات والوكسات وهم سبب في موت إخوننا من الجماعة الإسلامية لأننا صدقنا إن الإخوان في محنة ونكبة وسايرناكم حتى وكسونا". وآخر ضرب مثال على علمانية الجماعة بقوله إن "قنوات الشرعية تحمل هاشتاجًا باسم (# الحرية لى عبدالفتاح علاء) ويتم الترويج لهذا الهشتاج على نطاق واسع طبعا علشان"، متسائلاً: "طيب وباقى المعتقلين ليس لهم قيمة ولا مدافع عنهم". أما الشيخ وجدي غنيم، الداعية الإسلامي، فقد رد على زوبع بفيديو قائلاً: "له أين التكفير والإجرام عن تيار الجماعة والجهاد؟ هل كفروك أو كفروا الإخوان"؟. بينما اعتبر سعد فياض، القيادي ب "الجبهة السلفية"، أن المشكلة ليست في زوبع بل في وجود خط داخل الإخوان وغيرهم يعتبر نفسه رمز الوسطية ويتغني برفض التكفير والدم والتشدد والتطرف، وهي دعاوى تطلق تزلفًا للغرب وبعض الحكومات دائما ما تنتهي بالتقارب مع العلمانيين أو الغرب أو الحكومات وفقط، وليس له علاقة بمواجهة الانحرافات الجزئية التي لا يسلم منها تيار أو جماعة". وأضاف فياض في تصريح إلى "المصريون" أن "توحيد الصف وتجاوز الخلافات والأخطاء الشخصية واجب شرعي لوحدة الأمة ولكن أول خطواته هو تحجيم هذا الخط الفكري المنحرف المتعالي على الإسلاميين والمتقارب والمتزلف للعلمانيين". وأوضح أن "تعميم زوبع بأن "كلكم كنتم تكفيريين واتحملنا هبابكم سنوات" يتجاوز مواقف ناجح الأخيرة إلى المدرسة التي كان ينتمي لها وهي مدرسة الجماعة الإسلامية، وهو ما يؤكد أن الإخوان لم يتعلموا أي شيء مما يصيبهم الآن". وتساءل قائلاً: "ألم يتعلم أمثال زوبع أن كل الأساليب التي استخدموها لسنوات لإثبات وسطية على حساب الإسلاميين يتم استخدامها ضدهم الآن؟. وقال إن "هناك من الإخوان من يعتبر التقارب مع الإسلاميين هو من "تحمل الهباب" بينما التقارب مع العلمانيين هو " لعق العسل"، واصفًا هؤلاء بأنهم "طابور خامس داخل الصحوة وهي التي أفرزت الهلباوي والخرباوي، وهذه العقلية هي سبب انكسار الإسلاميين الحالي. لأنها في الحقيقة أقرب للفكرة العلمانية من الإسلامية". أما أحمد السباعي، عضو الهيئة العليا لحزب "الوطن"، فتساءل: "لماذا يصر زوبع على إثارة الزوابع فمرة يتكلم في المعتصمين ومرة يتكلم في الجماعة الإسلامية؟ ولماذا يسكت عنه قادته؟؟ لماذا لايتم لومه أو حتى إسكاته؟؟ أم إأن هناك ثمة من هو راضِ عن أقواله و زوابعه". وعلق مصطفي البدري القيادي ب "الجبهة السلفية" على ما ذكره زوبع قائلاً: "بعيدًا عن التبرير والتخوين بعيدًا عن الشخصنة والتعميم المشكلة في أمرين هما "هناك بعض المنتسبين للحركة الإسلامية لم تتمكن من قلوبهم عقيدة الولاء والبراء، وعندهم خلل كبير في مفهوم الآيتين مستشهدا بقوله تعالي {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} ، {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} فتراهم يرددون مصطلحات (التكفير، الإرهاب، العنف، الاعتدال) بنفس المفهوم الغربي توددًا وتزلفًا لهم". والأمر الثاني - بحسب البدري - هو "عندما يخرج رجل في برنامج طويل شبه يومي وفي الأغلب يكون بمفرده دون ضيف يحاوره ، وتنتهي حصيلته ويقل تحضيره ويكثر من الارتجال، (أي شخص في مكانه) لابد أن تكثر سقطاته وزلاته". وفي السياق ذاته، قال الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم "الجبهة السلفية"، إن ما "ذكره زوبع يمثل تصورًا يقينيًا في عقل فئة معينة من قيادات جماعة الإخوان وبعض أفرادها الذين لم يسمعوا إلا مثل هذا الكلام عن إخوانهم من بقية فصائل العمل الإسلامي". وطالب سعيد ب "فتح الباب لمناقشة الإشكالية التاريخية والتكوينية في علاقة الإخوان ببقية الإسلاميين، خصوصًا مع المنعطف الذي حصل في تلك العلاقة بحصول "الانقلاب"، والذي ينبغي أن يكون فرصة للمراجعة الفكرية والفقهية والواقعية؛ فضلاً عن التاريخية". واعتبر أن "معالجة مثل هذه السقطات والتعامل معها بتلك البساطة وذلك التسطيح أي -الاعتذار ثم قبوله وإغلاق الموضوع- أشبه بإغلاق الجرح على قيحه". في المقابل، قال عضو بجماعة "الإخوان المسلمين"، طالبًا عدم نشر اسمه، إن "طبيعة الإخوان هي الاستعلاء ويعتبرون أن التنظيم هو الأصل وأنه الأفضل، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة جدا فيما يتعلق بالتقرب من الحركات الأخرى سواء إسلامية أو غير ذلك". وأضاف "مشكلة التنظيم هي الشك في كل ما هو غير إخواني ولو انشق أحد عنهم انقلبوا عليه وهي مشكلة أخرى لابد من علاجها". واعتبر أن "الاختلاف بين الإخوان وغيرهم من التيارات تحول منذ وصولهم للسلطة مرورا بما حدث بعد 3يوليو 2013 وتشكيل تحالف دعم الشرعية وما تلاه من انشقاقات وتجميد عضوية، وهو ما ظهر فيما يعرف بالبرلمان الثوري في تركيا وما حدث من خلاف بين رئيس البرلمان والنواب الإخوان مما أدى إلى استقالته من رئاسة البرلمان وجعل الإخوان يتصدرون المشهد كاملاً. وأشار إلى أن "القيادة في الخارج تعتبر نفسها وصية على الإخوان، وهو ما بات عقدة في التوصل إلى أي حل أو تقارب لأنها تتحدث من مبدأ الأريحية بعيدا عن أي ضغط وبالتالي تصدر عنها تصريحات وبيانات لا تستند إلى الواقع في كثير من الأحيان".