أكاد أتفق مع الدكتور كمال حبيب فيما ذهب اليه حول الملابسات العامة لاغتيال القيادى بحزب النور الدكتور مصطفى عبد الرحمن رحمه الله بشمال سيناء ، فولاية سيناء – أو من تبقى منها - تتحدى الدولة وتسعى لاحراجها واظهارها كعاجزة عن اتمام الانتخابات هناك كجزء من استراتيجية فرض واقع اللادولة واللاقانون واللامؤسسات ، لكن لماذا استهداف قيادات حزب النور بالذات ، أليس هناك أساليب أخرى لاعاقة وتقويض العملية الانتخابية بشمال سيناء بدون اللجوء لعمليات اغتيال مرشحى النور واجبارهم على الانسحاب ؟ هناك وسائل كثيرة لتحقيق هذا الهدف العام ، لكن فى ظنى أن الحالة الاسلامية السياسية – المعتدلة – مستهدفة بشكل أساسى من هذه العملية ومن مقدمات عنيفة لفظية وفعلية سبقتها فى الداخل والخارج ، بما يؤكد حالة الاصرار على افشال هذه التجربة بأى ثمن ، ومن يقفون وراء تلك العملية قد يئسوا من نجاحهم فى هزيمة الدولة ومؤسساتها الأمنية وفرض واقعهم الفوضوى بشكل كامل نتيجة اصرار الدولة على احراز النصر الكامل فى تلك المواجهة ، ليهبط سقف أهدافهم الى مناوءة تيارات تضعها فى خانة العداء ، ومن ثم احراز انتصارات ملموسة تقنع بها قواعدها ومجنديها المحبطين وتشبع حاجتهم النفسية للشعور بأى انجاز ولو هامشى بعد الفشل فى تحقيق غاياتهم ومخططاتهم الكبيرة التى كانت بحجم تحويل سيناء لولاية وامارة . الاخوان وحلفاؤهم من الداخل والخارج ظلوا يطلقون قذائف هجومية على حزب النور ، وهم أيضاً واقعون تحت تأثير الرغبة فى التشفى من خصم سياسى ربما يحرز نجاحاً فى واقع يغيبون عنه وفشلوا فى الاستمرار فيه . وكذلك لاستجداء مبررات يتعيشون عليها فى ظل الفشل والعجز السياسى الذى يعانونه ، فهم بحاجة لملف اعلامى يشتغلون عليه بعد فقدان معظم أطروحاتهم السابقة لقيمتها وبريقها ، فى ظل واقع ترسخت أركانه شيئاً فشيئاً محلياً واقليمياً ، وليس هناك أفضل من التشفى والهجوم على النور كمادة اعلامية جديدة تحظى بجاذبية وتجاوب واسع من القواعد على المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعى ، فهى بمثابة المسكن والمخدر الموضعى حتى لا يستفيق الأتباع على حقائق الخسائر والانهيارات والكوارث الكبيرة ، من قبيل التعويض لاراحة النفس بانتصار هامشى بعد الفشل فى مواجهة النظام وتحقيق أى مكاسب فيما يتعلق بالقضية الأساسية للاخوان بعد 30 يونيو وهى عودتهم للحكم . هناك رغبة مشتركة اذاً لاحراز نصر جانبى وهامشى سواء بالدعاية السلبية والتشويه الممنهج أو باطلاق النار المباشر كما حدث فى شمال سيناء ، وأيضاً هناك رغبة مشتركة لاجهاض مشاركة الاسلاميين بصفة عامة فى المشهد السياسى وجر التيار بأكمله الى التشدد والصدام مع الدولة . والهدف الأساسى من محاولة تقويض تجربة حزب النور الحالية هو قطع الطريق أمام تمثيل اسلامى أو سلفى فى المشهد الحزبى والسياسى حتى لا يكون هناك متنفس للشباب الاسلامى يشاركون من خلاله فى عمل سياسى سلمى ويوجه طاقاتهم فى العلن فى عمل مشروع ، وكلاهما يرى أن تمثيل اسلامى فى المشهد الحالى يقلل من وجاهة طرح كون الدولة كافرة والنظام يحارب التيار الاسلامى ومن ينادون بالشريعة . جزء من هذا الهدف تحقق بانقسامات الحالة السلفية وانحياز مشايخ معروفين لخيارات الاخوان وبتواصل الحملات الدعائية ضد حزب النور باعتباره حالة شاذة مارقة عن الاجماع الاسلامى وباعتباره خائن لعموم السلفيين فى مصر وليس للحركة الاسلامية فقط ، والجزء الآخر بالارهاب المباشر والتصفيات الجسدية . نتحفظ على الأداء ونشير الى بعض مواطن الخلل والقصور والتجاوزات والسلبيات ، أما محاولة القضاء على الحالة الحزبية الاسلامية بالكامل – ولكل نصيب فيها - فيصب فى مصلحة التطرف والتشدد بجرف البقية الباقية من مساحة الاعتدال فى الحركة الاسلامية نحو الغليان والتمرد والعصيان والصدام مع الدولة . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.