ما إن صدر قانون مكافحة الإرهاب بعد أشهر طويلة من نشر المسودات النهائية له باعتباره محاولة من السلطات لمواجهة العنف والعمليات الإرهابية التى طالت منشآت الدولة إلا وواجهته عاصفة جدل وغضب من قبل حقوقيين، الذين وصفوه بقانون الطوارئ المعدل لكونه يقضى على حرية التظاهر والرأى والتعبير ويعرض الصحفيين مرة أخرى للحبس والغرامة. ويأتى هذا القانون باعتباره مكملاً لقانون الكيانات الإرهابية الذى تم إقراره فبراير الماضى ليعرف الكيان الإرهابى ويحدد دوائر خاصة بالمحاكم ويرسم السبيل القانونى للتعامل مع الكيانات والأشخاص. ربط البعض بين إقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى لقانون مكافحة الإرهاب ووعده بتشديد القوانين لمكافحة الإرهاب وتسريع المحاكمات عقب اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات. "أيام سودا تنتظر البلاد"، هكذا علق الصحفيون والحقوقيون على هذا القانون، حيث قال جمال عيد، الناشط الحقوقي، إن القانون يبدأ "جمهورية الظلام" فى مصر لأنه يساوى بين الإرهاب وأى أصوات معارضة، أو عمال لا تروق للدولة ووافقه فى الرأى أسامة رشدي، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، قائلاً "قانون غاب يرهب المجتمع، ويكبح رسميًا حقوق وضمانات محاكمات عادلة". جاء هذا الرأى نتيجة احتواء هذا القانون على مواد تحد من حرية الأشخاص والمواطنين، وكذلك الصحفيين الذين يتعرضون، وفقًا لهذا القانون، للعديد من الانتهاكات وتهدد هذه المواد القانون بصدور حكم بعدم دستوريته، خاصة بعدما نص الدستور على أن كل مواطن يقبض عليه أو يحبس يجب معاملته بما يحفظ كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه كما لا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.. وقد رصدت "المصريون" 6 مواد فى هذا القانون يقال إنها تهدده بعدم الدستورية. نصوص نالت من حرية الصحافة تضمن هذا القانون مواد نالت من حرية الصحافة وهى المادة 26 والتى نصت على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من روج، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى" ،المادة 27 وتنص على "يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات، كل من أنشأ أو استخدم موقعًا على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية، بغرض الترويج للأفكار الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية"، المادة 29 ونصت على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات، كل من جمع معلومات عن أحد القائمين على تنفيذ أحكام القانون"، المادة 33 وتنص على "يعاقب بالحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أى عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية"، المادة 37 وتنص على "فى قضايا الإرهاب المنصوص عليها فى هذا القانون، يحظر، قيام أى فرد أو جهة بتسجيل أو تصوير وقائع جلسات المحاكمة بأية وسيلة كانت ويستثنى من هذا هيئة الأمن القومى ويعاقب من يخالف ذلك بالغرامة التى لا تزيد على عشرة آلاف جنيه". المادة 8 "عدم محاسبة الشرطة والجيش على من يقتل" عدها الخبراء أخطر مواد قانون مكافحة الإرهاب، حيث تنص على "لا يُسأل جنائيًا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال". من جانبه، أكد الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، أن المادة 8 هى أخطر مواد قانون مكافحة الإرهاب، واصفًا نصها بأنه "شديد الفاشستية" ويقدم غطاءً لعمليات التصفيات الجسدية التى تتم فى مصر منذ شهور خارج إطار القانون، وبعيدًا عن أى سند، مشيرًا إلى أن الأمر ليس فى إطار الدفاع الشرعى عن النفس كما يتوهم البعض، بل هو تقنين لجرائم يعاقب عليها القانون، فلو كان دفاعًا عن النفس فما كان هناك معنى من هذا النص فى ظل وجود النص 61 من قانون العقوبات الذى يعفى من العقاب فى حالة الدفاع عن النفس لكنه إعفاء مقيد بما ورد فى نص المادة 63 عقوبات بضرورة أن يقدم ما يثبت أن اعتقاده بالخطر على النفس كان مبنيًا على أسس، وأسباب معقولة، ومتناسبًا مع حجم الخطر، إلا وقع فى جريمة تجاوز الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس. وأضاف نور، فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن النص 8 من قانون الإرهاب، يقول فى بدايته "لا يُسأل جنائيًا القائمون على تنفيذ هذا القانون" أى أنه يلغى الجريمة أصلاً، ولا يخضعها لكل أشكال المسألة، والتحقيق، ليكون للنيابة، والقضاء سلطة فى تقدير معقولية الدوافع، والأسباب، ومدى تناسبها مع حجم الخطر الذى يوفر حالة الدفاع، مؤكدًا أننا أمام نص ينقلنا من حالة القانون إلى حالة قانون الغابة، حيث لا حرمة لحياة الناس، وحقهم فى سلامة أجسادهم إزاء سلطة متوغلة فى التشريع، ومعتدية على الحريات. المادة 47 "تمنح النيابة الحق فى غلق المساكن والمقار" المادة 47 تعرضت للانتقاد لأنها نصت على: "للنيابة العامة أن تصدر أمرًا مؤقتًا بغلق المقار والأماكن والمساكن، وتعتبر الأمتعة والأثاث المضبوط فيها فى حكم الأشياء المحجوز عليها، بمجرد ضبطها وحتى يفصل فى الدعوى نهائيًا، وتسلم بعد جردها وإثباتها فى محضر إلى حارس يكلف بحراسة الأختام الموضوعة على المقر". قال نبيه الوحش، المحامى والخبير القانونى، إن المادة 47 من قانون الإرهاب الجديد، ليس عليهم أى غبار قانونى، وخاصة أن الدولة تهدف منهم من القضاء على الإرهاب المتواجد فى البلاد. وأكد الوحش، خلال تصريحات خاصة ل"المصرين"، أنه كان لابد من تنفيذ تلك المواد من قبل ونحن تأخرنا كثيرًا فى إصدار هذه المواد من تلك القانون، موضحًا أن مصر كانت فى حاجة ماسة لتلك القانون خاصة مع الظروف الأمنية الصعبة التى نعيشها. المادة 43 "تعطى النيابة الحق فى التصريح للشرطة بالتفتيش" نصت المادة 43 على: "لدى قيام خطر أو خوف من ضياع الأدلة، يكون لمأمور الضبط القضائى أن يستصدر إذنًا مسببًا من النيابة العامة بتفتيش مسكن المتحفظ عليه أو المحبوس احتياطيًا، وضبط المتعلقات الخاصة بالجريمة التى يجرى التفتيش بشأنها". من جانبه، قال محمد أبو ذكري، الناشط الحقوقي، إن الدستور نص على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقًا لأحكام القانون، مؤكدًا أنه وفقًا لذلك فإن قانون مكافحة الإرهاب مخالف للدستور، مما يعرضه للطعن عليه وإلغائه متسائلاً: "لماذا لم ينتظر الرئيس عبد الفتاح السيسى عقد البرلمان المقبل لإصدار ذلك القانون نظرا لأهميته". وأضاف أبو ذكري، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن السيسى نفسه لا يعرف معنى محددًا للإرهاب ولكنه أصدر ذلك القانون لرغبته فى بقاء الوضع كما هو حتى لا يواجه مصير "حسنى مبارك أو محمد مرسي" ويثور الشعب ضده ويتعرض للمحاكمة نتيجة الانتهاكات التى قام بها فهو يحمى نفسه قبل أن يحمى الشعب. وتابع أن ذلك القانون لا يهدف إلى محاربة الإرهاب كما يدعى السيسي، ولكنه لإلهاء الشعب وإقناعه أن موارد الدولة تذهب لمحاربة الإرهاب، مشيرًا إلى أن تعظيم فكرة الإرهاب لإقناع الناس أن السيسى هو الحامى لهم. المادة 44 "تعطى الحق للنيابة فى التصريح للشرطة بالمراقبة" نصت تلك المادة على "للنيابة العامة أن تأذن للشرطة بمراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التى ترد على وسائل الاتصال، وتسجيل وتصوير ما يجرى فى الأماكن الخاصة أو عبر شبكات الاتصال أو المواقع الإلكترونية، وضبط الرسائل العادية أو الإلكترونية والمطبوعات والطرود والبرقيات بجميع أنواعها". من جانبه، قال الخبير القانونى أحمد مصيلحي، إن إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسى لقانون مكافحة الإرهاب خداع للرأى العام حتى يشعر الناس أنه يحارب الإرهاب بالفعل، مشيرًا إلى أن تلك المادة غير دستورية. وأضاف مصيلحي، فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الدستور نص فى المادة 45 منه على أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون كما أن للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسرية مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب لمدة معينة ووفقًا لأحكام القانون، مؤكدًا أن قانون مكافحة الإرهاب لن يقضى على الإرهاب، لأن القوانين وحدها لا تكفى لحل المشكلات. المادة 46 "تعطى النيابة الحق فى الاطلاع على الحسابات المالية والبنكية" نصت المادة 46 على "للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين أن يأمر بالاطلاع على أية بيانات تتعلق بالحسابات أو الودائع المتعلقة بالأشخاص، إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة فى التحقيق فى ارتكاب المتهم جريمة إرهابية". قال هشام إبراهيم، خبير مصرفى، معلقًا على المادة 46 من قانون الإرهاب الجديد، والتى تعطى للنيابة حق الاطلاع على الحسابات المالية والبنكية، إن هذا الأمر غير قانونى وفقًا للدستور المصري، لأن الحسابات المصرفية الخاصة بالبنوك حساسة وسرية للغاية والقضاء المصرى هو الجهة الوحيدة التى لها حق الاطلاع على تلك الحسابات وليس النيابة. وأكد إبراهيم، خلال تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الدولة هنا تدخل المواطنين فى دائرة الإرهاب من خلال هذا القانون، على الرغم أنها جهة مالية ليس لها أى علاقة بالإرهاب، خاصة أن القانون به بعض العوار القانونية الخاصة بالبنوك.