سبق أن تحدثنا أول أمس، عن وزارة الداخلية باعتبارها قد أخرت التشكيل الوزارى حيث مكث الجنزورى فترة طويلة يبحث عن وزير داخلية وتنبأنا باللواء محمد إبراهيم يوسف، مدير أمن الجيزة الأسبق، باعتباره لم يكن من ذوى النفوذ فى عهد حبيب العادلى وها قد وقع الاختيار عليه. فى حقيقة الأمر فإن هذا المنصب فى الوقت الحالى ليس تشريفًا بالمعنى الذى تعودنا عليه لكنه تكليف فوق طاقة البشر. فوزير الداخلية الحالى قد ورث تركة ثقيلة مفعمة بالمشاكل .. كان الله فى عونه لم يترك السابقون رؤية واضحة يسير عليها.. وبات حتماً أن يرسم ملامح المرحلة الحالية والمستقبلية فى اختيار صعب. مرحلة نحتاج فيها إلى إعادة صياغة لوزارة الداخلية بكل قطاعاتها بحيث يحقق المعادلة الصعبة بين إعادة الثقة المفقودة لرجال الشرطة ورغبة الشارع .. وهذا لن يتم إلا بإعادة هيكلة هذا الجهاز.. وكما فعل محمد على باشا فى عام 1805 حين تولى عرش مصر.. تخلص من الزعامة الشعبية ورجال المرحلة التى سبقته فإن وزير الداخلية الجديد لابد أن يتخلص من رجال العادلى الذين لا يزالون يديرون الداخلية بفكره.. لابد أن يستفيد من الأخطاء حتى لا يقع فى مصيدة اللواء منصور عيسوى.. وليعلم الوزير أن معاونيه ومساعدينه إما أن يسطروا اسمه بأحرف من نور وإما أن يسودوا تاريخه.. الأمر الثانى لتحسين أوضاع الداخلية.. هو تنثيق وتدريس مواد حقوق الإنسان على طلاب كلية الشرطة وزرع الواجب الوطنى فى أعماقهم.. حتى يتخرج جيل من الضباط مؤمن برسالة الشرطة.. وحفظ الأمن والاستقرار فى ربوع المجتمع.. ولكى نتخلص من الرواسب القديمة التى خلقتها الأنظمة والفلسفات السابقة، والتى عمقت فى رجال الشرطة عادات سيئة كانت سبباً فى هزيمة الشرطة، وتراجع دورها إلى الخلف.. الأمر الثالث لابد أن يعمل ضابط الشرطة فى تخصصه فقط.. فليس من المنطقى أن ضابط مباحث يقوم بالتحقيق فى قضية طوال ساعات الليل ويخرج من عمله متجهًا لتأمين موكب السيد الرئيس أو خدمة على مباراة كرة قدم أو ما شابه ذلك من أمور ترهق كاهل الضباط وتبعدهم عن دورهم الأصلى.. الأمر الرابع.. إعادة النظر فى دور جهاز الأمن الوطنى والذى أصبح لا يقوم جديدا.. فهناك الأمن القومى يقوم بهذا الدور، خاصة أن هناك عقيدة راسخة أكدتها ولائل عديدة بأن أمن الدولة لم يتم حله، وأن ما تغير فى الجهاز هو الاسم فقط وهو ما يخلق حالة من عدم الثقة فى الداخلية.. من هذا المنطلق فإن ثمة مشاكل لابد أن يكون اللواء محمد إبراهيم على علم كامل بها وأن يكون قراره جريئًا فى مواجهتها حتى تعود وزارة الداخلية كما يتمناها الشعب المصرى.