كان هذا الاسم جديرا ان يطلق على الجمعة الأخيرة ، فقد أخذنا نحن معشر الثوار مقلبا محترما ، ختمنا المجلس العسكرى أختاما لا قبل لأهل ثورة من الثورات بها . كاذب من يقول أنه قد نجا بقفاه من ختم المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الأقل فى الأيام الأولى للثورة قبل أن تتكشف الحقائق شيئا فشيئا وتبدى لنا الأيام ما كنا نجهل ، كما قال الشاعر ( يا حلو بانت لبتك أول مادابت قشرتك ) . لا زلت أذكر برامج ( التوك شو) وهى تستضيف كبار (المحللين) السياسيين والخبراء الاستراتيجيين وهم يحللون موقف المشير من الثورة حيث كان يؤكد السيد الدكتور أبو العريف أنه شخصيا كان يتوقع هذا الموقف من الجيش لأنه من المعروف فى العقيدة العسكرية المصرية أن (الجيش والشعب أيد واحدة) وهى تسمى فى العلوم العسكرية بمبدأ ال }Only one hand { وهذا من قديم الأزل ويؤكد ذلك تلك المخطوطة التى كتبها والى السودان فى زمن محمد على باشا والتى جاء فيها أن ( الجيش والشعب هته واهد ) . وكنت أحار جوابا كلما سألنى ابنى : ليه يابابا المحللين السياسيين بيلبسوا طرابيش ؟ ! وبعدين مش فيه حديث بيقول : لعن الله المحلل والمحلل له ؟ طب ليه انت بتتفرج عليهم ؟ . فكنت أنظر اليه فى سخرية قائلا : مش دول يا غبى ، أسكت خلينا نسمع . لم يشر أحد من قريب أو من بعيد إلى شحنة السلطانيات التى عبرت قناة السويس متجهة الى الإسكندرية فى ظروف غامضة وقد تم تخزينها داخل مخازن وزارة التضامن الاجتماعى ليتم توزيعها على بطاقات التموين بعد ذلك ، تحت شعار (سلطانية لكل مواطن) . وكنت أتعجب أشد العجب من هذا الغباء الذى خيم على المخلوع ، كيف أنه عاش طيلة ثمانية عشر عاما وهو لا يعلم أن وزير دفاعه (مفقوع ) من سياساته و(متغاظ هيطق ) من فساده هو وحزبه ،ولكنه كان ينتظر اللحظة الحاسمة ليخلص شعب مصر من هذا الطاغية . لدرجة أننى أخذت أجمع من على النت وأعداد الصحف القديمة عندى كل الصور التى نشرت للمخلوع ،منذ أن كان جنينا فى (بطن امه) إلى أن صار سجينا (يا كبد أمه) ، ورحت أتفحص وجهه من زوايا مختلفة عسى أن أعثر على أى عصافير مدقوقة هنا أو هناك دون جدوى . وقد مرت شهور عدة قبل أن أدرك معنى هذه الحركة الغريبة التى يقوم بها حفيدى كلما داعبته قائلا : فين العصافير ؟ وبدلا من أن يشير إلى الشجرة إذا به يضع أصبعه على موضع ما بين عينى وأذنى . ولا أخفيكم سرا أننى أنا الوحيد من بين النقاد الذين تناولوا شعر أحمد شوقى بالنقد والتحليل ، الذى اكتشف أن أحمد شوقى شخصية تشاؤمية بل إنه يحمل بين طيات ملابسه قدراً كبيرا من سوء الظن يصل الى درجة أنه قد أصيب بالوسواس القهرى . فمثلا على سبيل المثال قصيدته الشهيرة عن الثعلب التى يقول فيها : برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا فمشى في الأرض يهذي ويسبّ الماكرينا ويقول : الحمدلله إله العالمينا ياعباد الله توبوا فهو كهف التائبينا وعندما سافرت إلى القاهرة منذ عدة أيام وقعت فى نفس الخطأ الذى وقع فيه أحمد شوقى من سوء الظن بالآخرين عندما اتهمت هؤلاء النفر الذين أطلقوا حملة (المشير رئيسا ) بالنفاق ، فقد كنت أظن أنها حملة يأييد وترشيح للمشير لتولى رئاسة الجمهورية !! ولكن بعد الأحداث الدامية وقتل المتظاهرين فى التحرير بنفس الطريقة التى كان الثوار يقتلون بها فى 25 يناير وحتى 3 فبراير ، وبعد خروج المشيرفى اليوم الرابع للأحداث الدامية ليلقى بيانا على الأمة يعلن فيه قبول استقالة حكومة د أحمد نظيف ، أقصد عصام شرف ورحت أقارن بين الخطابين والتوقيتين ، و أراجع نفسى مرة أخرى ، وأعيد قراءة الملصق الذى كنت أمر به فى طريق ذهابى وعودتى كل يوم فأزدرى من كتبه ولصقه ، ولكننى بالأمس وجدت نفسى بغير إرادتى أتوقف أمامه متأملا وأضرب على جبهتى كمن فهم أخيرا المعنى المقصود قائلا : ياااااااه فهمت .. ( المشير رئيسا) والله عندهم حق ، فعلا " المشير رئيسا " وستين رئيسا . [email protected]