حذر خبراء من محاولة سيطرة الشركات الخليجية على عدد كبير من البنوك العاملة في مصر عبر مدخل التقارب السياسي الملموس بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة وملوك الدول الخليجية. على الرغم من أن فرص الاستثمار والنمو في مصر قد تكون أحد أكبر العوامل الجاذبة إلا أن خروج البنوك الأجنبية واستبدالها ببنوك خليجية قد يكون له دلالة أو ربما يمكنها هذا الاتجاه من بسط نفوذها داخل القطاع المصري، مطالبين الحكومة بضرورة وضع تشريعات محددة لحماية القطاع المصرفي من سيطرة دول بعينها مع التأكيد على رفع درجة الرقابة من البنك المركزي على البنوك العاملة في مصر لحفظ حق الدولة في السيادة وفرض سياساتها المالية. واستحوذ البنك الأهلي الكويتي مؤخرًا على بنك "بيريوس مصر" مما ضاعف المخاوف حول احتكار البنوك الخليجية للقطاع المصرفي المصري من خلال تركز ودائع العملاء ومشاركتها في كبرى المشروعات الاستثمارية، ولم تكن هذه الصفقة الأولى من نوعها، حيث سبقها استحواذ بنك قطر الوطني على البنك الأهلي سوسيتيه جنرال في 2012، واستحواذ بنك الإماراتدبي الوطني على بنك "بى ان بى باريبا" عام 2012، كما استحوذ مصرف أبو ظبي الإسلامي على البنك الوطني للتنمية عام 2007، بالإضافة إلى استحواذ بنك الكويت الوطني على البنك الوطني المصري في عام 2007. وتوسع البنوك الخليجية في القطاع المصرفي المصري يأتي بالتوازي مع مساندة الحكومات الخليجية، وتضم بنوكًا إماراتية في مصر هي أبو ظبي الوطني والاتحاد الوطني والمشرق وأبو ظبي الإسلامي والإماراتدبي الوطني والأهلي الكويتي. وأرجع علاء عبد العظيم، الأمين العام لحزب الجمهوري الحر، إقدام العديد من البنوك الخليجية للاستحواذ على حصص عاملة في السوق المصرية عبر شراء بنوك أجنبية ومصرية، إلى الدعم القوي السياسي والاقتصادي الذي تقدمه هذه الدول لمصر بعد الإطاحة بحكم الإخوان وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، الأمر الذي خلق تقاربًا بشكل كبير في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية على سبيل الخصوص. وأوضح، أن البنوك الخليجية تسعى للحصول على فرص استثمارية أكبر عبر استغلال قبول النظام السياسي برئاسة السيسي لأي طلبات خليجية للعمل في مصر دعمًا لها على مواقفها النبيلة في مساعدة النظام الحالي عبر ضخ المزيد من المنح والمساعدات، مؤكدًا ضرورة العمل على وضع تشريعات اقتصادية جديدة تنظم آلية عمل هذه البنوك في مصر لاسيما وأنها تقدم طلبات شراء مغرية لبيع البنوك. وتوقع أن يدفع التقارب المصري الخليجي المزيد من البنوك الخليجية لاختراق السوق المصرية وهو ما يجب أن يواجه بضوابط تضمن حق الدولة وتفرض سيطرتها. وقال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن توجه البنوك الخليجية نحو الاستحواذ على عدد من البنوك العاملة في مصر، قد يكون بسبب رؤيتها المستقبلية الجيدة للسوق المصرفية المصرية ورغبتها في تحقيق نجاحات كبيرة. وأضاف أن غالبية البنوك التي تم الاستحواذ عليها في مصر هي في الأصل بنوك أجنبية لم تتكيف مع المناخ الاقتصادي المصري وبعضها يعاني من مشكلات مالية في الأصل مثل بنك "بيريوس" الذي تم الاستحواذ عليه مؤخرًا من قبل البنك الأهلي الكويتي الذي يعمل في اقتصاد قوي ومنتعش، موضحًا أن قرارات البنوك لا يمكن ربطها بالأوضاع السياسية وإنما تعتمد على طموحاتها في تحقيق أرباح إضافية. وشدد على أهمية رقابة البنك المركزي لخطة البنوك العاملة في مصر ومراقبة توسعها وتأكد مطابقتها للبنود والقوانين التي تضمن عدم سيطرتها على جزء كبير من القطاع المصرفي لاسيما وأنه الجهة الوحيدة المسئولة عن موافقة إضافة أو انتقال ملكية أو اندماج أو حتى تصفية أي بنك عامل في القطاع. وقال إن البنوك الوطنية مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة تستحوذ على حوالي 65% من القطاع المصرفي، مما يضمن سيطرة البنك المركزي على القطاع والتحكم في سياساته، مؤكدًا أن الوضع في مصر يسير نحو الاستقرار مما يدعم جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية.