قل للاستشهاديين والاستشهاديات، والفدائيين والفدائيات، والمجاهدين والمجاهدات، من حواريي الرنتيسي وأحمد ياسين، وتلاميذ محمد الدرة- وعياش معلم المهندسين من مضى منهم، ومن يتأهب ومن هو آت سلام عليكم جميعا في أعلى عليين ونقول لكم: ناموا هانئين مطمئنين؛ فقد أينع غرسكم، وأفلح درسكم، وأنجب صالحا عُرسكم. وبشر الصهاينة الخائفين، وعملاءهم الخائنين، بأن الأرض عادت إلى أهاليها، وأعطى القوس باريها، فانتهى عهد التيه والضلال، والشعارات والأقوال، وجاء دور الحسم والنزال، بالتعبئة والأفعال. لقد وفى الشعب الفلسطيني، بعهده لمن كانوا درعه في شدته وجهاده، وجسر تحول من أيام شؤمه لأيام نصره وإسعاده؛ وإن الشعب الفلسطيني لقوي عزيز، يؤتي الحكم من يشاء وينزع الحكم ممن يشاء. إن إنتصار حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، لهو درس بليغ للمقاومة الوطنية التي تخلص النية للوطن، وتقدم في سبيل القضية الغالي من النفس والبدن، وتتكبد في سبيل تحقيق النصر أقسى التضحيات وأنكى المحن. وإنه لدرس آخر لا يقل بلاغة، تقدمه الشعوب للحكام في تمكين هذه الشعوب من ممارسة حقها في حرية الاختيار، والنأى بالانتخابات عن التزوير، وشراء الذمم بالأورو والدولار، واحترام رأي الصندوق الحر، فلا يجهض بإيقاف المسار. قال الشعب الفلسطيني- إذن- كلمته، عندما عرف طريقه الموصل إلى النص، فاختار الذين لم يتاجروا بالقضية، ولم يسقطوا من كتفهم سلاح البندقية، ولم يطعنوا ظهر الفدائي والفدائية.. إنه الإنذار "السلمي الديموقراطي" يقدمه شعبنا في فلسطين لأفراد الشعب اليهودي المغدور بهم بأن فلسطين الحرة المستقلة، لا ترمي بكم في البحر إن أنتم سالمتموها، وهادنتموها، ولم تحالفوا الذين لم يسالموها، ذلك أن قادة اليهود هم أشد الناس عداوة للشعب اليهودي لأنهم جعلوا منه شعب حرب، ودار حراب، وبذلك أضلوا اليهود والغربيين وأذلوهم، وابتزوا أموالهم وسلبوهم.. إن قادة " اسرائيل" قد أخطأوا الحساب عندما ناصبوا الممثلين الحقيقيين للشعب الفلسطيني العداء فسجنوهم، وعذبوهم، وقتلوهم، بدل أن يسالموهم، ويفاوضوهم، ويعاهدوهم. كما أن قادة فلسطين، قد استهانوا بحقيقة شعبهم، فلم يقرأوه قراءه الدارس المدقق والعالم المحقق، وعالم النفس الاجتماعي المستبطن لبواطن الأمور، فاستعدوا عليه الانتفاعيين، والانتهازيين، والوصوليين، حتى استيقظوا على صوت الهزائم والشتائم بعد ان "فات الميعاد". إن الفلسطنيين كفروا بالوعود، منذ" وعد بلفور" فلم يعودوا يؤمنون إلا بالسلوك والأفعال، بعد أن خدعوا باللغة الخطابية، والشعارات الانفعالية، التي تحطمت على جبين العروس الاستشهادية.. صفحة جديدة تفتح اليوم في تاريخ فلسطين، حيث تدخل القضية في عصر الحسم والحزم فتعيد لم الصف، وتحقيق نيل الهدف، بتصحيح المفاهيم، وتجديد التعاليم، والقضاء على المزيف من الأقانيم. إن فلسطين التي حفظ التاريخ أن الله قد اختارها لتكون حلقة الوصل بين السماء والأرض في رحلة المنهج الديني الصاعد والنازل، وفي البلاغ والتبليغ، تأبى إلا أن تكون اليوم الجسر الواصل بين المؤمنين- حقا- بالنبوات من مختلف الديانات ليتعاونوا جميعا على تطهير القدس المقدسة من وثنية المنهج الشاروني في الفساد، وصنمية التغطرس الأميركي في احتلال البلاد، والسماسرة المتاجرين بفلسطين بمختلف الشعارات والأبعاد. وعلى حركة حماس، وقد بوّأها الشعب الفلسطيني منزلة القيادة، بعد أن كانت تحظى بشرف الريادة عليها أن تثبت لشعبها، ولمواطنيها، وللعالم أجمع أنها تملك مقومات الدفاع عن السيادة، وحماية شعبها من كل ألوان الظلم والقمع، والإبادة. يجب أن يدرك إخوتنا- في حماس- إن ما هم مقدمون عليه من مرحلة التفاوض والمنازلة، هي أخطر في مهامها ونتائجها من مرحلة الجهاد والمقاومة... فسوف تنزل عليهم المؤامرات والمكائد من كل مكان، وسوف يطوقون بشتى أساليب الترغيب والترهيب في كل زمان، وسنتواصل- حتما- سياسة الاحتيال والاغتيال، ولكن وحدة الصفوف، وعدم الخوف من ورود المنايا والحتوف، هو الدرع الذي ستتحطم عليه كل أنواع الأسلحة والسيوف. ورسالة أخيرة إلى الوطن الإسلامي الكبير، والوطن العربي الصغير، أن فلسطين هذه القطعة العزيزة من الوطن ستظل هي المؤشر في جس نبض التأييد وتقديم المزيد من الدعم القوي والسديد. وإلى هذا الضمير الغربي المتبلد، الواقع تحت قبضة النفوذ الصهيوني المتشدد، ندق جرس الإيقاظ من الغيبوبة، للتحرر من الحبائل والشراك المنصوبة، ومناهضة ساسته، وحكوماته المغلوبة، ليدركوا أن خيوط فجر الحقيقة قد لاحت، وأن وسائل التعتيم- مهما قويت- لن تمنع بزوغ الشمس، وطي صفحة الأمس واستيعاب حقيقة الدرس. لقد عرف الشعب الفلسطيني طريقه، وويل لمن يقف حائلا دون طمس معالمه أو إخفات نور حقه أو بريقه؛ ويومها يمكن القول بأن الدولة الفلسطينية الحرة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى. *كاتب و مفكر جزائري