من عجائب فلسطين- ذلك البلد المبارك - والتي ربما لم تسترع انتباه أحد ، توافق التاريخ من الفعل وعكسه ، كيف ؟ لنأخذ الحدث الإخير وهو الزلزال الذي نتج عن الانتخابات الفلسطينية الأخيرة والتي فازت فيها حماس بأغلبية أصوات الشعب الفلسطيني مثالا: في 21-01-2001 أعلن شارون في حملته الانتخابية أنه يحتاج فقط 100 يوم للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية الباسلة فماذا حقق بعد خمس سنوات؟ في 21-01-2006 تم إعلان نتيجة الانتخابات الفلسطينية والذي استطاع مشروع المقاومة والأيدي النظيفة ممثلا في حماس أن يحوز غالبية مقاعد المجلس التشريعي ، بعد خمس سنوات من القتل والتدمير ، بعد خمس سنوات من التجريف لكل ماهو رائع في فلسطين من أشياء وأحياء ، بعد خمس سنوات من الدماء والتضحيات والشهداء ، بعد خمس سنوات يقف مشروع المقاومة مرفوع الرأس موفور الكرامة متجذرا في الوجدان . فماذا دها شارون بعد خمس سنوات عجاف ؟ فشل فشلا ذريعا في إنهاء الانتفاضة في 100 يوم بل في خمس سنوات ، إنه بحماقته أسس لتحدي الشعب الفلسطيني وأعطاه مبررا لاستدعاء كل طاقاته في إفشال مخططه ونجح الشعب الفلسطيني وخاب شارون واستمرت الانتفاضة . فشل في تحطيم حركة حماس رغم ما مارسه ضدها من كل أنواع الاضطهاد والقتل والاعتقال وبحماقته كذلك جمع قلوب الفلسطينيين على حماس وكتائب القسام ، وكثيرا ما كانت تنقل الأخبار النشيد الفلسطيني " الانتقام الانتقام يا كتائب القسام " ، فلم يجد الشعب الفلسطيني حاميا بعد الله سوى كتائب القسام وأصبح حلم كل شاب فلسطيني بل كل شاب مسلم وعربي أن يقوم بعملية استشهادية ضد هذا الكيان الغاصب المحتل، إنني لاأكون مبالغا إن قلت إن شخصية الشهيد الشيخ أحمد ياسين حازت ثقة الناس كلهم ولو كان هناك انتخابات لاختيار أعظم شخصية عربية معاصرة ، لم يجد الناس سوى أحمد ياسين. فشل في إيجاد سلطة فلسطينية قوية تحقق أهدافه وتحميه من صواريخ الفلسطينيين كما فشل في شق صف الفلسطينيين وراهن على حرب أهليه تودي بالأخضر واليابس ولكنه بحماقته ألجأ الفلسطينيين لللاحتماء بوحدتهم الوطنية مهما أصابهم في سبيل ذلك ، صحيح تشكلت جماعات فلسطينية للقيام بهذا الدور المشبوه ولكن الله سلم من مكرهم وكيدهم فقد صبر الشباب المجاهد على القتل والاعتقال من السلطة والذي أدى لإهدار ثقة الناس فيها. فشل في تنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى أو الشرق الأوسط الكبير لأنه بحماقته خلق تيارا عربيا وإسلاميا ضد كل ما هو إسرائيلي وإن كان يقطر سمنا وعسلا فلم يعد السلام موضع ثقة من أي مواطن عربي أو مسلم شريف ولا يقف مع هذا المشروع إلا من كان مهزوما مأزوما أو صاحب مصلحة مع إسرائيل وهكذا ذهب المشروع أدراج الرياح ليذهب بأهم حلم حلمه إسرائيلي قبل وبعد قيام دولتهم الزائلة إن شاء الله. فشل في توحيد الإسرائيليين حول مشروعه السياسي فأبى حمقه إلا أن يتركهم في أسوأ حال فقد شق الحزب العريق الذي كان أحد بناته ، وأبى الله عليه أن يكمل مشروعه في تأسيس حزب قوي يكون بديلا ل "الليكود" فشق الحزب ولم يبن جديدا وترك رعاياه كالأغنام في الليلة الشاتية المطيرة ، ظن بحمقه أنه قادر على مواصلة العمل السياسي رغم حالته الصحية فواصل عمله حتى قضى عليه جهله. أين أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي الآن وأين شارون؟ ، رغم إعاقة الشيخ ياسين إلا أنه لم يدخل في غيبوبة يوما ولم يرقد الرنتيسي على فراش المرض إلا عرضا ، هذه بشرى شارون في الدنيا والآخرة أشد خزيا ، قد كان يعلم ذلك ولكن أعياه حمقه وكما قال المتنبي : لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها أخيرا أهدي حماس قول الله عز وجل " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" العنكبوت (69) صدق الله العظيم ، إعلموا أن الله لن يتخلى عنكم ما تمسكتم بعهده وجاهدتم في سبيله ومبروك عليكم هذا العدو الأحمق. د.صبري السيد