محاولة بعض القادة الغربيين الدفاع عن الرسوم البذيئة بوضعها في إطار حرية الرأي والتعبير التي هي من قيم المجتمع الغربي التي يحرص عليها هو نوع من الدجل السياسي ، والأخ ساراكوزي الدموي وزير داخلية فرنسا الذي صرح أمس بدفاعه الشاعري عن حرية التعبير مهما كان النقد الذي تحمله ، هو نفسه الذي حرض قبل عدة أشهر على إغلاق قناة المنار الفضائية في فرنسا وحرمانها من البث عبر الأراضي الفرنسية بدعوى أنها تهين السامية وتحرض على الكراهية ، ولم يذكر الأخ ساراكوزي يومها كلمة حرية الرأي والتعبير مرة واحدة ، ولذلك عندما يدافع عن التحريض على الكراهية الموجه للمسلمين متشحا برداء المدافع المجيد عن حرية الرأي والتعبير فلا يسعنا إلا أن نصف ذلك بالدجل السياسي ، وليذهب إلى غيرنا يبيع له هذه الأكاذيب ، أنت أول من حرض على حرية الرأي والتعبير وأول من كمم أفواه الصحفيين والإعلاميين في أوربا ، ليس هذا فقط بل هو نفسه الوزير الذي قرر طرد أربعمائة إمام مسجد في فرنسا لأن رأيهم وتعبيرهم لم يعجبه واعتبره تحريضا على الكراهية ، فرنسا ليست وحدها التي فعلت ذلك وإنما عواصم أوربية عديدة ، فلا معنى لإعطائنا دروسا في الأكاذيب ، الصحفي الذي أهان السيد المسيح برسم كاريكاتيري حكم عليه بالسجن في اليونان وليس في أفغانستان ، وسفراء الاتحاد الأوربي هم الذين أهاجوا الدنيا في القاهرة عندما نشرت صحيفة حزبية مصرية مقالا فيه نقد لرواية الهولوكوست والنفوذ اليهودي في أوربا ولم تهدأ ثورتهم إلا بعد طرد رئيس التحرير ونشر الصحيفة المصرية اعتذارا في الصفحة الأولى ، ولم يقم السادة الشرفاء في منظمة مراسلون بلا حدود بأي تضامن مع الصحفي المصري المسكين باسم الدفاع عن حرية الرأي والتعبير كما فعلوا مع البذيئ الدينماركي وإنما باركوا بصمتهم ذبح صحفي ، لأنه جرح المشاعر اليهودية ولم يجرح المشاعر المسلمة ، لستم مؤهلين أخلاقيا لكي تعطونا دروسا في الحرية أيها السادة ، وفي هذه المسألة تحديدا ، لا يوجد في أي مجتمع شيئ اسمه مطلق الحرية ، وإنما هناك موازنة الحرية والمسؤولية ، كما أن احتقار دين أو عرق هو عمل ضد الإنسانية ، ومنع ذلك إنما هو جزء من دستور البشرية اليوم قبل أي قانون لأي دولة ، إننا جميعا ندافع عن الحرية ونقاتل دونها ، بل نحن أكثر من غيرنا اشتياقا إليها وسعيا له ، ولكن هذا الذي يحدث لا صلة له بالحرية أبدا ، وإنما هو محض استفزاز وتعمد للإهانة للدين الإسلامي ، والصحف التي تعاقبت على نشر الصور أرسلت رسالة واضحة : هل أنتم تتوجعون من هذه الصور إذن سنزيدكم إيلاما ، هذا تحريض سافر على الكراهية والعنف والتطرف ، فالعنف ليس فقط من يحمل السلاح ، وإنما من يوفر له الأرضية والأسباب والمبررات والمهيجات ، ولذلك أنا أحترم جدا البيان الذي أصدره السيد جاك سترو وزير الخارجية البريطاني ، عندما أدان مثل هذا العمل واعتبر أنه لا يخدم الإنسانية والتفاهم بين الشعوب ولا يخدم قضية حرية التعبير ذاتها ، كما أعلن احترامي الكامل للصحافة البريطانية ، المدرسة الأولى للصحافة في العالم ، التي أبى عليها كبرياؤها المهني أن تهبط إلى مثل هذا الإسفاف أو تكون محرضة على العنف ، وأذكر في هذا السياق أن أحد المخرجين البريطانيين كان قد أنتج فيلما مهينا عن السيد المسيح ، اعترضت عليه الكنيسة الإنجيلية ، وتم عرض الفيلم على إحدى اللجان فأكدت أنه مهين للسيد المسيح عليه السلام ، فما كان من الحكومة البريطانية إلا أن أصدرت قرارا بمنع توزيع الفيلم ، القصة شهيرة ، وقد رفع المنتج قضيته إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، فانتهت المحكمة إلى تأييد موقف الحكومة البريطانية ، ولم يتفزلك أحد وقتها بالحديث عن حرية الرأي والتعبير ، إن الصحيفة الألمانية غير المحترمة التي أعادت في صفحتها الأولى نشر الصور البذيئة وكتبت تحتها : لا أحد فوق النقد والسخرية في أوربا " أتحداها أن تنشر رسما مماثلا فيه صورة يهودي أو أي رمز مقدس لدى اليهود ، أو أن تسخر من الرواية اليهودية للهولوكست وتكذبها ، .. من أجل هذه الحقائق كلها لا أحد في العالم الإسلامي اليوم مستعد لكي يتفهم دجل الميديا الأوربية أو الكولونيل ساراكوزي أو رئيس الوزراء الدنماركي في التمسح بحرية الرأي والتعبير . [email protected]