رئيس جامعة السادات: مشاركتنا بافتتاح المرحلة الأولى من مدينة مستقبل مصر تأكيد لمساهمتنا بجهود التنمية المستدامة    الكويت ترحب بقرار الاتحاد الأوروبي القاضي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا    السعودية تدين إطلاق القوات الإسرائيلية النار على وفد دبلوماسي دولي    سفير أوكرانيا بالقاهرة: اتفاق المعادن النادرة مع واشنطن ليس موجها ضد روسيا    يد - الاتحاد المصري يعلن مشاركة الزمالك كمستضيف والأهلي كبطل إفريقيا في مونديال الأندية    تعرف على شخصية ماجد المصري في فيلم "الست لما" بطولة يسرا    تذكرة ذهاب بلا عودة.. خطة إسرائيلية لإفراغ شمال غزة عبر مراكز توزيع المساعدات    «لا تلبي متطلبات العصر ».. «السجيني»: القوانين الاستثنائية القديمة تعيق حل الأزمة بين المالك والمستأجر    محمد رمضان عن الحكم بإيداع نجله دار رعاية: لا أشك في نزاهة القضاء المصري    الآن.. رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 في الجيزة (فور إعلانها)    عمرو الورداني: الالتجاء إلى الله سنة لمواجهة الكوارث وتحقيق التوازن النفسى    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    أحمد موسى: مصر تفتتح أكبر سوق جملة لضبط الأسعار أكتوبر المقبل    إيران: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد السلم في المنطقة    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    بيع 6 قصور.. اتهامات متبادلة بين أحفاد نوال الدجوي بشأن الثروة    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    مصدر: التعليم الثانوي ينطلق بمرونة لمواكبة التخصصات الحديثة    هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    كازاخستان: ننتظر توضيحا رسميا من أوكرانيا حول الهجوم على خط أنابيب بحر قزوين    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    فيتسلار الألماني يعلن تعاقده مع نجم اليد أحمد هشام سيسا    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    ماركو بونيتا: أسعى لتحسين تصنيف فراعنة الطائرة ولا أسمح بالتدخل فى اختيارات القائمة الدولية    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    فيديو يكشف طريقة سرقة 300 مليون جنيه و15 كيلو ذهب من فيلا نوال الدجوي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تحت ال50 .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 21 مايو 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن الخرافات أدى بالغرب إلى سياسات حمقاء
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 03 - 2010

عرضنا فى المقال السابق رؤية وزير الخارجية الفرنسى السابق هوبير فدرين للنظام الدولى إلى طرح مقاربته لقضايا العالم العربى والإسلامى. لقد رحب فدرين بانتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة ودعا الحكام الأوروبيين إلى دعم سياساته ومساعدته لكى ينجح فى تحقيق أهدافه بدءا بالصراع العربى الإسرائيلى. فالقضية تشغل مكانة محورية فى تحليل فدرين للنظام العالمى ومنذ أن خرج من الحكم فى فرنسا لعب دور المراقب المحبط، أولا من سياسة الرئيس بوش، الذى اعتبر أنه دعّم الليكود بمواقفه وثانيا من المجموعة الأوروبية، التى تبنت بشكل أعمى تلك السياسة الأمريكية العقيمة وأضاعت فرصتها فى إثبات وجودها كقوة دبلوماسية عظمى.
«بسياستنا تجاه الصراع الفلسطينى الإسرائيلى -يقول فدرين- تصرفنا وكأننا نعمل كل ما فى وسعنا لكى تنتصر حماس. وبعد أن انتصرت فعلا أصبحت مقاطعتها خطأ سياسيا وأخلاقيا». ذلك لأنه كان من واجب المجموعة الدولية أن تجرى حساباتها قبل الانتخابات، وتقرر إذا كانت سترفض التعامل مع حماس، وفى هذا الحال كان عليها أن تمنع حماس من المشاركة فى الأساس. أما وأن قبلت بحماس كقوة سياسية شرعية وسمحت بمشاركتها فقد أصبحت مقاطعتها موقفا ليس جبانا فحسب بل يشكل جريمة بحق الشعب الفلسطينى وفى نهاية المطاف وقع الغرب فى موقف سياسى سخيف كان من صنعه. واليوم فإن وضع شروط على الفلسطينيين له نتائج عكسية والمطالب الموجهة إليهم تعجيزية وعبثية. أما الرباعية ومختلف المبعوثين فقد أصبحوا مضحكة لأنهم ما زالوا يناقشون شروط الحوار مع الفلسطينيين بينما بات واضحا أن هؤلاء لا يستطيعون إنهاء الاحتلال بقرار منهم.
فالقضية إذا ليست حماس أو فتح أو الشريك الفلسطينى فإذا كانت هناك إرادة حقيقية لدى رئيس أمريكى ما ورئيس وزراء إسرائيلى فإنهما سيجدان الشريك الفلسطينى أمامهما. فحتى الآن كل ما ظهر مفاوض فلسطينى جدى اعتبرته إسرائيل مزعجا وألقت عليه صفة الإرهابى. فى الواقع ورغم كل تقلبات الصراع الداخلى الفلسطينى فإن ما يحدث على الساحة الفلسطينية هو ثانوى بينما التطورات على الساحة الإسرائيلية فهى ذات طابع جوهرى لأنها تمثل وحدها مفتاح تغيير المعادلة.
إن قرار الغرب بمقاطعة حماس هذا يجعل خطابه حول الديمقراطية غير مسموع، فالحوار مع حكومة حماس واستئناف المساعدات الدولية لها يشكلان أقوى ضربة يمكن توجيهها ضد التطرف الإسلامى والدول الداعمة له. أما عن دعم الديمقراطية فى العالم العربى فإن السياسة الأمريكية استندت إلى نظرية طرحها اليمين الإسرائيلى منذ السبعينيات مغزاها أن ليس هناك قضية فلسطينية وإنما مشكلة عربية، فالمطلوب هو تغيير النظام فى هذه الدول لتصبح ديمقراطية فعندما يتحول العرب إلى ديمقراطيين لابد أن يصبحوا مساندين للغرب وبالتالى لإسرائيل.
فهل يواصل الغرب خطابه حول تصدير الديمقراطية؟ لو كانت لديه القدرة على ذلك لاستحقت المسألة نقاشا جادا، ولكن يقول فدرين: «ما جدوى هذه المحاولات ونحن نعلم تماما أن قدرتنا على فرض الديمقراطية تبقى معدومة».
تتكرر فكرة عند فدرين حول مختلف القضايا وهى أن الفشل يأتى دائما من إلغاء المقاربة والمجهود السياسى. فالمواقف الاستعراضية من القضايا الإنسانية ومن حقوق الإنسان وكذلك المفهوم الأمريكى للحرب ضد الإرهاب أو حتى المساعدات المالية التى تقدمها أوروبا لدول مختلفة بما فيها فلسطين، كلها أتت لتغطى على غياب التعامل السياسى مع التحديات الكبرى. فالحرب ضد الإرهاب مثلا لم تترك أى مجال لمعالجة القضايا كل واحدة بمعزل عن الأخرى لفهم خصوصيات كل منها بل وحدت قوى التيار الإسلامى المعادى للغرب، بينما كان المفروض تقسيم التيار إلى شرائح مختلفة لاحتوائه وفصل الناشطين الإسلاميين عن الدين الإسلامى.
لقد أصبح هذا التغيير فى المقاربة ضرورة ملحة لأن العالم بحاجة لعالم عربى قوى يتغلب على المتطرفين ليستعيد الثقة بنفسه ويعيد الأمل لشعوبه لكى يستعد للمشاركة فى عملية إعادة الشرعية لنظام الأمم المتحدة من خلال توسيع مجلس الأمن ليشمل أعضاء جدد ليكون هناك مقعد عربى دائم فيه.
يعالج فدرين قضية الإسلام فى الغرب وموقفه من حرية التعبير بمزيج من الواقعية والنقد الذاتى. فيعتبر أن فى أعقاب انهيار الشيوعية اعتقد الرأى العام فى الغرب أن العالم دخل فى مرحلة تعم فيه قيم كونية مشتركة. إلا أن قضية رسومات الكاريكاتير للرسول وردود الفعل التى أثارتها فى العالم الإسلامى جاءت لتظهر أن للعالم الإسلامى منظومة قيم خاصة به ولو كان هناك تلاعب واستغلال سياسى واضح من قبل بعض الجهات كالمؤسسات الدينية وتيار الإسلام السياسى. لقد أثبتت هذه الأزمة أن الخطاب الغربى الذى يزعم أن القضايا الفلسفية والسياسية قد زالت ولم يبق سوى الاتفاق على «حاكمية عالمية» ومعالجة قضايا اقتصادية وتنظيمية هو خطاب باطل. فالغرب ليس لديه أدنى فكرة عن كيفية تحرير فكر مليار مسلم.
فالعالم الإسلامى يعيش تجربة شبيهة بالتى مر بها الغرب المسيحى، وهى مواجهة تاريخية بين مسلمين هادئين ومعتدلين من ناحية وأقلية أصولية تقاوم الحداثة وتسعى إلى العودة إلى صفاوة الدين ومنبع الإيمان من ناحية أخرى. فلماذا يتناسى الغرب أن الحداثة عنده تأسست ضد الكنيسة الكاثوليكية، التى حاولت التمسك بالفكر الأحادى محاربة جاليليو ومكيافللى ولوثر البروتستانتى. لقد حارب العالم الكاثوليكى الفكر الحر العلمى والفلسفى كبدع خطيرة ولعب دور المعطل الرئيسى لتحديث الفكر والتقاليد. على الغرب أن يكون أمينا مع نفسه وفى تعامله مع المجتمعان المسلمة. فإذا كانت الرسومات حقا جزءا من حرية التعبير، فعلى الغرب أن يتعامل مع تطبيق هذا المبدأ بحكمة وواقعية كى يتجنب النتائج العكسية، وهى أن يستخدم المتشددون فى المجتمعات المسلمة هذه الحجة ليرفضوا حرية الرأى والتعبير مساوين بينها وبين الكفر.
ربما يدفع الغرب اليوم ثمن ادعائه بأن قيمه ذات طابع كونى لا نقاش فيها. فى الواقع لقد فشل الغرب حتى الآن فى عزل المتطرفين فى العالم الإسلامى من أجل أن تتجه بلدانه نحو تحديث مجتمعاتها، ولأن الغرب فشل هو أيضا فى عزل الاستفزازيين لديه الذين نشروا الفكر الصليبى فى المجتمعات الغربية بدعم من الإدارة الأمريكية السابقة. «قليلا من روح الأخوة يقول فدرين قد تساعدنا على التحاور والتعايش مع العالم الإسلامى ومن ثم، عندما نجد الشجاعة الكافية لحل القضية الفلسطينية، ربما تصبح نصائحنا ذات صدقية أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.