أعود للدكتورة (آنا ماري شمل) لنرى الإصرار على طلب الحق والدفاع عنه وعشقها لدين الله الذي هو الإسلام دين الله في الأرض وفي السماء، لم تزعم كبعض كبار كتابنا الأماجد الذي علقوا على صدورهم يافطات تشيد بوثنية الغرب الذي رفضها العبقري (محمد أسد) (ليوبولد فايس سابقاً) لقد أنارت قبلها بشعلة (محمد أسد) الصحفي النمساوي الأشهر الذي حاج (هرتزل) مؤسس الصهيونية السياسية التي أسست لليهود دولة في فلسطين بقرار إنجليزي تنفذ بنوده بدقة متناهية برعاية شاملة من النظام العالمي الجديد الذي تديره الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد دافعت (آنا ماري شمل) عن دين الله الذي هو الإسلام ودافعت عن نبي الله محمد الرسول الخاتم صل الله عليه وسلم بكتابها (نعم إني أحبه) المترجم إلى صيغة (محمد نبي لهذا الزمان) نشر مكتبة الشروق الدولية بمصر عام 2008م والمحزن والمخجل أن ما قدمته (آنا ماري شمل) اعظم بكثير مما قدمه بعض كتابنا الأماجد الذين تربعوا على عرش الثقافة أكثر من نصف قرن من الزمان أفسدوا الذوق العام بنقل مخلفات الوثنية الغربية على اعتبار أنها نهاية ما وصل إليه العلم والكلمة الأخيرة في قضية النهوض والقيام من رقدتنا الحضارية البائسة والتي قد تطول كثيراً نظراً لغياب أو تغيب وعي الناس وصرفهم عن اتباع الحق بكل الوسائل. عرفنا جهود (محمد أسد) خلال عمره المديد من النمسا إلى باكستان مروراً بالجزيرة العربية. عرفنا جهود (زيجرد هونكه) وكتابها الرائع (شمس الله تسطع على الغرب)، عرفنا (مراد هوفمان)، (عبد الهادي هوفمان)، (روجيه جارودي) صاحب كتاب (فلسطين أرض الرسالات السماوية) وكتابه الأشهر والأخطر (الأساطير المؤسسة للصهيونية) وكذا (حفاروا القبور: الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها) .. كتاب كبار عملوا من أجل الإسلام الذي هو دين الله في السماء والأرض كانوا على غير دين أو على دين من صنع البشر، هداهم الله إلى الحق فقاموا بالدفاع عنه بل أكرمهم ربهم بالدفاع عنه وتعرضوا للأذى والمطاردة والتنكيل الجسدي ولا تنسى الذاكرة مطلقاً ما حدث للكاتب العظيم (روجيه جارودي) من مآسي في شيخوخته (91 سنة) لأنه أسلم ودافع عن إسلامه بيقين ثابت لم يرتاب أو يشك لحظة إنه على غير الحق. رحم الله (روجيه جارودي)، والدكتوره (آنا ماري شمل) اعتقلت وطردت من الجامعة ولكنها العزيمة والإصرار على الدفاع عن الحق فكان كتابها الرائع هو الرد الشافي على الذين أهانوا فكرها وسخروا من عقيدتها، قالت لهم: (نعم إني أحبه) صلى الله عليه وسلم. أما عن كتابنا الأماجد الذين تربوا على موائد الغرب وعاشوا على فتاتها فقاموا بالاعتداء على عقيدة الأمة مرة بالإساءة إلى الدين وأخرى إلى خاتم النبيين وظلوا عاكفين على عبادة الأوثان، ضم لنيتشه، صنم أجست كونت، صنم جولدزهير، صنم جب، ضم سارتر أوثان كثيرة في فنون مختلفة قدمها لنا كتاب البعث كما أطلق عليهم هذا اللقب فهل كان (سلامه موسى) من كتاب (البعث)؟ حيث أنه قد قدم للأمة الصابرة كتابه (هؤلاء علموني)!؟ وهل كان (لويس عوض) من كتاب البعث؟ وهل كان الدكتور (طه حسين) من كتاب البعث؟ وهو الذي أنكر الإخبار القرآني وقصة سيدنا إبراهيم؟ وردد مسائل في غاية الغرابة قالها من قبل أساتذته في الغرب؟ وقد قدم العلامة الدكتور / محمد عمارة كتابه الرائع (طه حسين من الانبهار بالغرب إلى الانتصار للإسلام) كملحق لمجلة الأزهر ولا يستطيع قلم مثلي أن يرد كلام العلامة الكاتب العظيم محمد عمارة من أن الدكتور طه رجع عن انبهاره بوثنية الغرب.
*****
وانتصر للإسلام، ولكن يبقى الأهم والأخطر وهو أثر كتابات طه حسين في القارئ! لقد ترك لنا الدكتور طه مدرسة كبيرة تتبنى منهجه وفكره إلى الآن، رحل الرجل وترك هما ثقيلاً وليس فكراً ولكنه التمرد والاستعلاء وتمجيد مدرسة الشك أو حسب ما قاله الرافعي: حسبه من العلم أن يقول إن ما كان لم يكن، وإن ما لم يكن يجوز أنه قد كان هل هذا يعد منهجاً؟! ربما يصح عند الدكتور (مراد وهبه)! الذي راح ضحية فكرة آلاف مؤلفة من الناس بزعم حرية الاعتقاد. المصطلح الغامض البليد الذي لا يقصد منه إلا الترويج للإلحاد وتوهين الدين في النفوس والقلوب ولقد قال العزيز الحكيم في كتابه (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف رقم (29) ويقول الإمام سيد سابق في كتابه عناصر القوة في الإسلام. إن القضية ليست الردة وإنما هي الردة ثم الدعوة إلى نزع القداسة عن الدين بأكمله كما يحدث الآن!! يبغونها عوجاً: بلا ضابط ولا رابط بلا قيود بلا حدود وهل هذه حياة؟! خلق الإنسان مقيداً بضوابط شرعية إن عمل بها يثاب وإن تركها يعاقب. إنه حر في الأخذ بالضوابط أو تركها. لقد تفرغ البعض من مدعي الثقافة للهجوم على كل ثقافة الأمة لتفريغ العقل من كل ما يمت إلى العقيدة بصلة ونزع القداسة عن المقدس ولا أعرف من أين أكتسب ذلكم البعض تلكم الجراءة على الدين؟أ إنما جراءة غلبت جراءة كتاب عشرينيات القرن الماضي التي ساندها ومهد لها أفكار فرويد ودارون ودوركايم والتي نقلت إلينا عبر (كتاب) أعلنوا الولاء التام للغرب وترك خصائصهم الذاتية المستمدة من عقيدتهم فتصدع البنيان الثقافي وكما تراه الآن. إنها جراءة الجهال كما وصفها مولانا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله. جراءة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وجراءة على الصحابة رضوان الله عليهم، جراءة على أمهاتنا أمهات المؤمنين رضى الله عنهن، جراءة على كل الجيل المتفرد الذي رباه سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، جراءة الجهال حقاً. بلادة عقلية وتنطع لا حدود له وتقليد أعمى للملاحدة ابتغاء الشهرة ووصولاً إلى صناع الفساد الإعلامي الهائل للحصول على الأموال من المنظمات الدولية التي أنشأت خصيصاً لنهب ثروات العالم وإفقاره طبقاً لما قاله الأستاذ روجيه جارودي رحمه الله. وها هي الشركات العابرة للقارات تعبث بالعالم!! الاستعمار الجديد!! منظومة عالمية فاسدة ضالة مضلة لإفقار العالم ونهب ثرواته والجهال يمرحون ويصفقون!! فقر وإلحاد!! ونهب لثروات الأمم منقطع النظير إنما الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها كما قال جارودي لذا قالت: (آنا ماري شميل) عن سيدنا محمد صل الله عليه وسلم : (إني أحبه) رحم الله العلامة السيدة آنا ماري شميل وأسكنها فسيح جناته.