(1) "زيجرد هونكة" "زيجرد هونكة" (1913 – 1999) عميدة الاستشراق الألماني ذاع صيتها بكتابها الرائع 1960 (شمس الله تسطع على الغرب) وقد صدرت له ترجمة أخرى باسم (شمس العرب تسطع على الغرب) إنه كتاب مسموع، أما كتابها (الله ليس كذلك) 1995 فإنها تدافع برمزية العنوان عن تبرئة الإسلام من كل ما نسبه إليه الغرب من افتراءات. وتقول هونكه في كتابها (إبل على بلاط قيصر) 1977، "انتصر الإسلام بتدفق مظاهر التفوق الثقافي والفكري من الشرق إلى الغرب على دعايات الكنيسة الكاذبة، والجهل الظافر المستبد والسائد لم يكن في معركة مع الشعوب المغلوبة على أمرها بالسيطرة المكبلة للروح البشري والتجهيل فالمعركة كانت مع السلطات المنغلقة المستبدة التي تمنع الإنسان من أن يكون إنسان وتقوم بتكبيله واستضعافه وسرقة مقدراته والحرص على استعباده واستغلاله، فقط انتصر عليها بانجازاته الثقافية والحضارية وجعل حياتها ثراء وأحدث تغير جذريا في كل مناحيها" ص 39. و(الله ليس كذلك) كتاب لزيجرد هونكة صدر 1995، يقول ناشره أنه يحمل سمات (فقه المؤلفة) إذ أنها تشير بالعنوان الذي وضعت تحته تصورات الغرب الباطلة وافتراءاته الجماعية على القرآن والنبي محمد والمسلمين وتاريخهم، إن الله عز وجل وما أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أتي بالخير والرحمة للبشرية والعلم والعقل للإنسان الجاهل والغافل، وانزل عليه شريعة تصنع مدنية وحضارة كونية، إن هناك أكذوبة كبيرة روجت لحجب حقيقة العلم في الإسلام ومداه الإنساني والكوني، العمودي والفقري، فكم مرة طلب القرآن من المسلمين بالبحث والنظر، والعلم والتفكير والملاحظة والتعقل، وكم قدم المسلمون في التاريخ الحضاري من ثمائن الكتب والمخطوطات. ص 110. وتقول هونكة أيضا: "إننا لا نزال نلاحظ جهلا يؤسف له يسود حتى اليوم، جهلا بالشعب العربي وشخصيته وتفكيره (كتبت هذا الكلام قبل عام 1995) !!" وتقول هونكة في كتابها الرائع (ألله ليس كذلك): "لقد أصر الغرب إصرارا على دفن حقيقة العرب في مقبرة الأحكام التعسفية والافتراءات الجماعية دفنا، وأهال عليها ما أهال طمسا منه لمعالمها على الرغم من محاولتنا المعروفة كما شهد بذلك كتابنا "شمس الله" وكتابنا "إبل على بلاط قيصر" ولا يزال القوم يروجون للخرافات السائدة" ص (7 ، 8) وتؤكد هونكة أيضًا: "إن الوجه الذي قدمته أحداث 11 سبتمبر لم يكن هو وجه الإسلام، إن المسلمون أخرجوا قديما الغرب نفسه من الظلمات التي كان فيها إلى نور العلم والمدنية والنظافة والترقي" ص 16 من كتابها (إبل على بلاط قيصر) ومن ضمن ما يستلفت النظر في كتابات هونكة قولها: "لا داعي للإنغلاق على ما يفيد أمة الإسلام مما لا يتعارض مع هويتهم ودينهم" ص 97 من كتابها (الله ليس كذلك) ولا تنسى المؤلفة أن تنهي كتابها وربما حياتها بالإيمان ب "إن الإسلام هو ولاشك أعظم ديانة على ظهر الأرض سماحة وإنصافا، نقولها بلا تحيز، ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تلطخه بالسواد، به وإن علينا أن نتقبل هذا الشريك والصديق مع ضمان حقه في أن يكون كما هو" ص101. هذه هي (زيجرد هونكة) في كتابها (الله ليس كذلك) تطالب بالمحافظة على هويتنا وديننا في حين البعض منا يستنكر مفهوم الهوية بدعوى أنه لم يرد في أدبيات الفقهاء !! تنادي "زيجرد هونكة" بالمحافظة على هوية الأمة الإسلامية ودينها ويري بعض العلماء أن مسألة الهوية لم ترد في أدبيات الفقهاء وإنها لا تعني شيئا !! ويأتي الهجوم على هوية الأمة ودينها بشكل منظم يستلفت النظر في معظم الأحوال. هل هانت علينا عقيدتنا ؟! الإجابة واضحة للغاية وتتمثل في هبوط المستوى الأخلاقي العام فالأخلاق هي القاعدة التي يبنى عليها الدين ولا دين بدون أخلاق كما قال العلماء الكبار من أمثال الإمام محمد أبو زهرة رحمة الله. لا دين بدون أخلاق انحطاطنا الأخلاقي هو السبب الرئيسي في تراجعنا الحضاري في شكله المادي والروحي معا فلا إتقان لعمل على الإطلاق ولا اتفاق على المعاني الكريمة في التعامل ومن ثم يصبح الحديث عن النمو حديث خرافة !! نعم، حديث خرافة لا واقع له، أو كما تقول العرب (لا قاع له ولا درج) ويروي عن الأستاذ العقاد إجابة على سؤال محدثه عن رأيه في أغنية (أيظن) فقال: إنها نهاية التخلف !! وذكر عن العلامة محمود شاكر أنه كان يعنف من يسيء إلى اللغة العربية بشطر كلمة. كانوا يدافعون عن الهوية، أليس كذلك ؟ والكلام مهدى لمن يقول (إيه يعني الهوية!!) الهوية التي جعلت سيدنا (ربعي بن عامر) رضى الله عنه وأرضاه والذي رد على قائد الفرس حين سأله من أنتم ؟.. قال سيدنا ربعي وهو على دابته: "نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد !!" لقد صدقت (زيجرد هونكة) نعم لقد كانت الإبل على بلاط (قيصر) وكانت أيضا على بلاط (كسرى) ، رحم الله سيدنا (ربعي) ورضى الله عنه وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
(2) آنا مارى شميل لم تكن حياة العلامة " آنا مارى شميل " (1922-2003) عميدة الاستشراق الألماني خالية من الصعاب والمواجهات مع المغايرين لها ذهنيا وفكريا لا سيما أنها آلت على نفسها متابعة ما يقرأه وما يكتبه المستشرقون الألمان وخاصة ذوي الأصول اليهودية ثم تفيذ ما يرد في رؤاهم من أكاذيب تنافي حقائق التاريخ وكان من الطبيعي أن يتخذ المستشرقون عامة منها والألمان منهم خاصة موقفا عدائياً على الرغم من أنها لم تعلن اسلامها حتى رحيلها . وقد أوصت آنا أن تتلى (إذان العصر الآن) سورة الفاتحة على قبرها وقد رتل السورة الكريمة باللغة العربية يوم دفنها الشيخ (أحمد زكى يماني) نقلاً عن موقع جريدة الحياة في 28/9/2013 وفي 1985 صدر لها كتاب (محمد رسول الله) بالألمانية والانجليزية مما أثار وسائل الإعلام الإلمانية ضدها فرددت بكلمات حازمة (نعم إني أحبه !) كان يصفها ناشرها ب (مؤمنه آل فرعون) واشتركت معها في هذا اللقب العلامة (زيجرد هونكه 1913- 1999) ابنه الناشر هونكه هونكه والاستقراطية النشأة على عكس (آنا) المولوده في أسرة رقيقة الحال. لولا الوحي لبقينا عيمانا ! تعبير فريد للدكتور (مراد هوفمان) صاحب كتاب (الإسلام كبديل) والتي تقول عميدة الاستشراق (آنا ماري شميل) عنه: " وبعد ، فإنني أزعم أن القارئ سيقع في هذا الكتاب على كثير من التفسيرات والتحليلات التي يجهلها أو التي يجدها جديدة عليه ، وأزعم أن القارئ سيعجب أو يدهش ، بل قل سيصدم لموقف الدكتور مراد هوفمان الجلي الواضح كل الوضوح ، فهو ثابت القدمين على أرض الإسلام الذي عرفه السلف كما بلغ الرسول وكما طبقه الصحابه والتابعون ، وذلك بلا أدنى تقدير منه للتصوف الذي اراه أقرب إلى نفسية الغرب . إن الإسلام السلفي التقليدي الذي يري فيه الغرب باقيا باليه موروثه عن صيغ وأشكال طاعنه عتيقة قروسطية ( من القرون الوسطي) إنما هو في نظر المؤلف دين قيم حتى سام جدير بالبقاء. وأخيراً ينبغي إلاننسي بيتي جوته في الديوان الشرقي الغربي : إن يك الاسلام معناه القنوت فعلى الاسلام نحى ، ونموت من مقدمه (آنا ماري شميل ) وهذه المقدمة لعميدة الاستشراق (آنا ماري شميل) التي أوصت قبل وفاتها بدفها في مقابر المسلمين ، أهديها لكل من سولت له نفسه بالاعتداء اللفظي أو بالكتابة المستفزة أو الهابطة عن الدين كدين . اتقوا الله أيها الناس ، واعلموا أن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. دين الأمة ليس للسخرية . أو التندر . فما اكثر مجالات اللهو. إتقوا الله أيها الناس واعلموا أن الله لن يترك دينه لعبث العابثين وإن عقابه لشديد وهو واقع ماله من دافع .في كتابه (يوميات الماني مسلم) 1993 الصادر عن مركز الاهرام للترجمة والنشر يقول الدكتور / مراد هوفمان : " إن الإنسان لا يملك ببساطة الهروب من اتخاذ قرار بالايمان ، وإن خلق الكائنات التي توجد حولنا هو أمر واضح ، وأنه مما لا شك فيه أن هناك أعظم إنسجام ممكن بين الاسلام والحقيقة الكلية ، وهكذا ادركت ، وقد هزتني الحقيقة ، أنني قد اصبحت في خطوة وراء الأخرى بالرغم منى ودون أن أكون داعيا بذلك مسلما بمشاعري وفكري . ولم تبق إلا خطوة واحدة أخيرة وهي أن اعلن اسلامي رسمياً نطقت بالشهادتين في المركز الإسلامي بكولونيا واخترت لنفسي من بين الاسماء الاسلامية اسم (مراد فريد) وأصبحت منذ اليوم مسلما وهكذا بلغت مرادي" ص74. في 21/9/1985. وأهدى هذا الكلام للمحذلقين وهواه بقايا الموائد. للدين رب يحيمه ولن يترك الله دينه. تهتف (أنا ماري شميل) للدين ويهتف بعضنا ضد الدين اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله الدين الذى هو الشرائع والشعائر معاً. لا مجال للاختيار بين شريعة وأخرى، تقبل واحدة وتترك الأخرى كما لا مجال للاختيار بين الشعائر إلا أحكامها العامة في القران والتفصيلية كما جاءت بها السنة النبوية الشريفة . الدين ليس للتسلية واللعب . الدين منهج للناس أما أن يأخذوا به أو يتركوه فليس هناك أدني إجبار . اختيار كامل لأن هناك في الآخره حساب شديد على اللفظ فما بالك برفض المنهج !