أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم السبت 5 - 7 - 2025    أسعار الأسماك اليوم السبت 5 يوليو 2025 بكفر الشيخ.. البلطى ب80 جنيها    طهران تنفي وجود محادثات مرتقبة بين عراقجي وويتكوف في أوسلو    أخبار مصر.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم عناتا وضاحية السلام ويخرب منازل وممتلكات المواطنين    مدبولي يشارك في قمة "بريكس" بالبرازيل نيابة عن الرئيس السيسي غدًا    باريس سان جيرمان يتحدى بايرن ميونخ فى نهائى مبكر بمونديال الأندية.. فيديو    محافظ الشرقية: إصابة 3 أشخاص بحريق مصنع للأقمشة فى العاشر من رمضان    موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وتفاصيل مراجعة الدرجات وتجميعها    طقس شديد الحرارة نهارا معتدلا ليلا فى كفر الشيخ    تنسيق الجامعات 2025.. ما هي رسوم التقدم لحجز اختبارات القدرات؟    بالصور.. العليا للانتخابات تستقبل طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ في بورسعيد    فيضانات تكساس تتسبب في فقدان 23 طفلة بمعسكر صيفي.. وعائلاتهن تنشر صورهن وتناشد بالدعاء    ترامب يعبر عن رغبته في مساعدة أوكرانيا في مجال الدفاع الجوي    بالأسماء.. محكمة شمال بنها تتلقى 6 طلبات ترشح لعضوية مجلس الشيوخ    موسم رحيل الأساطير في ملاعب العالم.. شيكابالا ومعلول ومودريتش الأبرز    خبير تكنولوجي يحذر من هلاوس الذكاء الاصطناعي    التعليم: تحصيل 50 جنيها مقابل خدمة التعليم التفاعلي و25 جنيها للمنصات    غدًا.. البرلمان يناقش تعديل بعض أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية    لهيب النيران.. مصرع شاب في حريق شقة بالخلفاوي والنيابة تحقق    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    فيلم "المشروع X" يتراجع ويحتل المركز الثاني في دور العرض السينمائية    الليلة بالسامر.. عرض "العائلة الحزينة" في مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    تبدأ من العلمين وتنتهي بالسعودية.. تامر عاشور يستعد ل3 حفلات خلال أغسطس المقبل    محمود الطحاوى: يوم عاشوراء من النفحات العظيمة وصيامه يكفر ذنوب السنة الماضية    مصر تشارك ب 10 كوادر طبية في برامج تدريبية بالصين لتنمية المهارات    معهد القلب يجرى زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية خلال 6 أشهر    10 فوائد مذهلة لطبق العاشوراء    وزيرة التنمية المحلية: صوتك مسموع تتلقى 139.8 ألف شكوى وتحل 98.5% منها    جهاز المشروعات يتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم مشروعات المرأة المصرية    فلومينينسي يحرم الهلال من 21 مليون دولار    الجار قبل الدار    منتخب شابات الطائرة يستعد لمواجهة كرواتيا بعد الانتصار على تايلاند في كأس العالم    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    وزير الري: جار إعداد منصة رقمية لمتابعة صيانة وتطهير المساقي الخصوصية    "الرعاية الصحية" يتابع مستجدات التحول الرقمى بمنشآت الهيئة فى محافظات المرحلة الأولى    العنب الأسود ب40 جنيه.. أسعار الفاكهة في مطروح اليوم السبت 5 يوليو    وزارة الصحة في غزة تحذر: أزمة الوقود تُهدد بتوقف المستشفيات وتُفاقم انهيار المنظومة الصحية    البابا تواضروس يكشف عن لقاء "مخيف" مع مرسي وسر تصريحاته "الخطيرة" في 2013    هل حضر الزعيم عادل إمام حفل زفاف حفيده؟ (صورة)    بينهم 10 أطفال.. إصابة 15 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي بالمنيا    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    الصين: الحرب لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني    في هذا الموعد.. نجوى كريم تحيي حفلًا غنائيًا في عمان    عبدالله السعيد يهنئ أبنة بهذه المناسبة (صور)    علاء مبارك يعلق علي دعوة إثيوبيا لمصر بحضور حفل افتتاح سد النهضة    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    وائل القباني: جون إدوارد يتبع سياسة خاطئة في الزمالك.. وهو سبب رحيلي    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د."زيجريد هونكه" تؤكد: الله ليس كذلك!
نشر في بص وطل يوم 25 - 10 - 2010

"لا بد أن هناك سببا معيّنا في كون الأحكام الظالمة المتعسّفة الموروثة عن القرون الوسطى لا تزال حتى يومنا هذا -على خطئها وخطرها- تسدّ الطريق على المعرفة الموضوعية للنواحي الفكرية والعقلية لذلك العالم، ودينه، وتاريخه، وحضارته، وفي كونها -حتى يومنا هذا- تصبغ المغالطات والتحريفات التاريخية في مجال المعلومات العامة عن العرب، صبغة يبدو أنها لا تنمحي أو تزول!".
بدأت د."زيجريد هونكه" كتابها الرائع "الله ليس كذلك" بهذه العبارة، في سياق حديثها عن إشكالية النظرة الغربية السلبية للعالم العربي الإسلامي.
ولكن قبل أن أتحدّث عن هذا الكتاب المتميّز من حقك عزيزي القارئ أن أجيب سؤالك: من هي د."زيجريد هونكه"؟

د."زيجريد هونكه" (1913-1999) هي -بحق- أهم وأعظم المستشرقين الألمان، بل والأوروبيين، وأكثرهم عدلا وإنصافا للإسلام والعروبة على مستويات الدين والعرق والثقافة، درست الصحافة وعلم النفس وعلم الأديان المقارنة، حصلت على الدكتوراة سنة 1941، وتخصّصت في الكتابة عن الحضارة العربية الإسلامية، مدافعة عنها ضدّ موجات تشويه الصورة التي يتعرّض لها العرب والمسلمون من حين لآخر.
أشهر كتبها "الله ليس كذلك" و"شمس الله تشرق على أرض العرب".
وقد تمّ تكريمها في أكثر من بلد عربي؛ تقديرا لأمانتها العلمية، ودفاعها عن التاريخ العربي ضدّ الافتراءات الغربية.
في ستة فصول لكتاب من مائة صفحة تتناول "زيجريد هونكه" مواطن سوء الظن والافتراء الغربي على المسلمين، متتبّعة لحظات ميلادها الأولى في النداء البابوي الأول للحملة الصليبية الأولى، بل من قبل ذلك، من معركة "تور دو بواتييه" (بلاط الشهداء) التي يفخر الأوروبيون أن "شارل مارتل" قام فيها ب"إنقاذ" أوروبا من "الغزو" العربي.
وعن تلك النظرة السطحية لوضع العرب خلال دولتهم التي دامت 800 سنة في أوروبا تتحدّث "هونكه"، فتعيد للحضارة العربية بعض حقّها في الإنصاف، وتؤكد أن مصير أوروبا كان سيكون أفضل بكثير لو أتيح للعرب نشر شعاع حضارتهم فيها، وتسوق الأدلة بعرضها المظاهر الحضارية العربية في الأندلس، كما تنزع عن "شارل مارتل" صفات القداسة الزائفة التي أضفاها المتعصّبون من المؤرخين عليه، وتُظهِر حقيقته كفارس همجي احترف الاستيلاء على أملاك الكنيسة!
أما عن البابا "أوربان الثاني" -صاحب النداء الصليبي الأول- فتنتقد المستشرقة موقفه، وزرعه البذرة الأولى لحملة التشويه الممتدّة لنحو ألف عام ضدّ العرب والمسلمين، وتحمّله مسئولية متتاليات ندائه المصبوغ بصبغة دينية، في أنه قد ساهم بشدة في إفساد فرص التوافق بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي.

وفي المقابل، تمتدح الكاتبة موقف الإمبراطور الجرماني "فريدريك الثاني" الذي خالف السائد في عصره من معاداة تلقائية للمسلمين، وسعى لإقامة علاقات إنسانية راقية مع نظرائه من ملوك المسلمين، ودفع ثمن رقي أخلاقه بمعاداة البابا له وتوقيعه حرمانا كنسيا بحقه، فلم يهزّه هذا عن موقفه، وحقق بالسلام لأوروبا ما عجز أسلافه عن تحقيقه بالحرب.

وتتناول "هونكه" إشكالية تالية هي الصورة النمطية للمسلم عند الغربيين، باعتباره شخصا أثيما مذعنا جبريا مستسلما للقدر بسلبية مفرطة، سفاكا للدماء باسم الجهاد، فتتحدث -من منطلق دراستها الدين الإسلامي- عن الصورة الإسلامية الحقيقية للمسلم، كشخص يؤمن بالقدر ويتوكل على الله دون تواكل، ويحافظ على إرادته الحرة ولا يحارب إلا من حاربه، ويؤمن بشدة بمبدأ أن لا إكراه في الدين.
وفي المقابل تتحدّث عن حملة التشويه الشعواء التي شنّها بعض الجهّال على الإسلام، وتصويرهم أهله على أنهم قوم دمويون وثنيون يمارسون السحر الأسود ويقدمون القرابين للشيطان!

وعن الزعم الغربي بنفي اهتمام العرب واعتنائهم بالعلم والثقافة تتحدّث "زيجريد هونكه"، فتصف هذا بأنه "الفرية المُزَيِّفة للتاريخ، والتي لا يُراد لها أن تُمحَى أبدا!"، وتعرض نموذجين لذلك: أولهما الاتّهام السخيف بأن العرب عندما فتحوا مصر أحرقوا كتب مكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب! فتؤكد "هونكه" أن تلك القصة عارية من الصحة، وتضيف -بالبراهين- أن كتب مكتبة الإسكندرية لم يكن لها وجود يُذكَر عند دخول العرب مصر، حيث إنها كانت قد دُمّرت على مراحل منذ الحريق الشهير للمكتبة، وخلال القمع الروماني للثورات المصرية المتتالية.
أما النموذج الثاني فهو عملية "السرقة" الأوروبية للإنجازات العلمية للعرب، ونسبها لعلماء أوروبيين، تكبّرا من هؤلاء الآخرين على الاعتراف بفضل علماء العرب المسلمين على الحضارة الأوروبية، التي تنظر للعالم العربي الإسلامي نظرة فوقية متكبّرة!
في نهاية الكتاب تتحدث د."هونكه" عن العلاقة بين الشرق والغرب، وحالة التضارب بين احتياج كل منهما للآخر، والتحفّز الأوروبي للمشرق العربي، وتنتقد تعارض هذا مع ذاك، كما تنتقد في الجانب العربي إغراقه في اجترار أمجاد الماضي، والنوم عن محاولة التعامل مع معطيات الحاضر بشكل يعيد هذه الأمجاد من جديد!
كما تنتقد -بقوة- عملية إسقاط الغرب عداءه الماضي مع الدولة العثمانية -خلال غزوات تلك الأخيرة لشرق أوروبا- على المسلمين اليوم، خاصة المهاجرون لأوروبا، وتصف ذلك بأنه "إجحاف ظالم بعد تسعمائة عام من ذلك النداء البابوي الوخيم المشئوم إلى النصارى"، وتعني به نداء "أوربان الثاني" سالف الذكر.

إنصاف "زيجريد هونكه" للإسلام -دينا ودولة- وقوّتها في الدفاع الذي يصل لحد "النضال" لأجل ردّ اعتبار هذا الدين، فاقت ما قد يصدر عن مسلمين أبا عن جدّ، حتى أن ثمة شائعة تردّدت بقوة عنها أنها قد أسلمت سرّا، وإن لم يكن من دليل، ولا حتى قرينة يُعتَدّ بها، على صحة هذه الشائعة.
ولا أجد ما أنهي به عرضي هذا الكتاب الرائع سوى ما أنهته هي به في قولها:
"إن الإسلام هو ولا شكّ أعظم ديانة على وجه الأرض سماحة وإنصافا، نقولها بلا تحيّز، ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تلطّخه بالسواد، إذا ما نحّينا هذه المغالطات التاريخية الآثمة في حقه، والجهل البحت به، وأن علينا أن نتقبّل هذا الشريك والصديق، مع ضمان حقه في أن يكون كما هو!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.