...وفي الغربة قابلت أجمل البشر وأحطهم ، أكذبهم وأصدقهم.. قابلت كذابين ومدعين وسببجيه . عرفت من يرتزق بلحيته ومن يرتزق بليبراليته. وصادفت بشر يقفون مع الاخوان اذا كان الوقوف مع الاخوان سيأتي لهم بشغلانة، وعرفت فلول منهم من كان مع مبارك ويؤيده ومنهم من كان صديقا لزوجته وأولاده ثم أصبح شرعاويا أكثر من محمد مرسي نفسه. وعرفت من كانوا يؤيدون الإخوان في عهد مرسي ابتغاء اعداد برنامج أو العمل في موقع نت وحين انقلبوا على مرسي بدأ يسب ليل نهار في مرسي وفي الإنقلاب أيضا .وقابلت من يصرحون بجمل لا يقولها من تعاطى طنا من الحشيش. قابلت من هي على استعداد لأن تطارد رجلا أعجبها حتى لو رفضها وتسعى للعمل في قطر التي ضد السيسي. وحين ناداها السيسي وجلست معه كأن النبوة جاءتها من جديد. وقابلت طيبين محبين للناس والحياة يحضون الناس على الأمل والحلم وينأون بأنفسهم عما يتكالب عليه الآخرون من مال ودنيا. قابلت من هم على استعداد للنزول فورا لمصر والوقوف في الشارع ضد السلطة ومن هم كانوا في الشارع وباعوا الثورة والشارع لأجل سبوبة. شاهدت عاهرات يمارسن السياسة وساسة يمارسون العهر، التقيت أمراء وفقراء وأصحاب تاريخ تخلوا عنه، وبلا تاريخ حاولوا أن يكسروا باب التاريخ ويدخلون فألغاهم التاريخ من كتابه. رأيت من يصلي بلا وضوء نفاقا لمن حياتهم الصلاة ومن يفتي ويؤلف ويخترع ليمد في عمره السياسي. في الغربة رأيت ملائكة وشياطين ، وصليت في جنازات لا أعرف أصحابها وذهبت لزيارة مدافن لا أعرف موتاها، وحضرت أعراسا وجهي فيها مبتسم وقلبي يدمي على وطني. في الغربة لم أستطع تعلم أي شيء مثلما تعلمته في مصر ولا أضافت لي الغربة شيئا سوى مزيد من خسائر العمر وخراب الروح. فما تعلمته من طفل في شوارع وطني بقي في ذاكرتي ولم يغادرني حتى الآن بينما نسيت ما تعلمته أمس. في الغربة أتوه في الشوارع كل يوم وكأن ذاكرتي عطبت كأنها تصر ألا تحفظ أمكنة الا في مصري. في الغربة عرفت قادة وقوادين.. قادة يرتزقون بالسياسة ويتكالبون على الأموال، وقادة سدت في وجوههم كل منافذ الرزق فاتكأوا على دول تساعدهم. وقوادين باعوا كل شيء على الناس باسم الثورة المباركة. عرفت أشخاصا يسبون مرسي واخوانه ويتهمونهم بأنهم السبب فيما وصلنا اليه وعلى الشاشات وفي كتاباتهم يحولون مرسي لنبي والإخوان لملائكة. في الغربة تعرفت على انحطاط الإنسان عن قرب، وعرفت من يرسلون التقارير إلى المخابرات، ومن يحاولون الحديث عن الخلافة بأثداء مكشوفة وضمير معطوب. في الغربة كنت أواجه كل ما سبق بالسخرية المريرة وأظل أضحك وأضحك لكنه ضحك كالبكاء. في الغربة عرفت أن اليقين الوحيد هم هؤلاء الذين يهتفون ويموتون أما نحن فليس لنا الا ستديو مكيف وشاشة نهتف أمامهم. في الغربة عرفت أن النضال من الخارج يجعل غيرك يتحكم في مقاديرك ومقادير ثورتك وأنك لا تستطيع أن تقود ثورتك. في الغربة عرفت أن الشهيد حق وكل ما عداه زيف. #في_الغربة بكيت وطني وحلمي وتحطمت آمالي وكسر قلمي لأنه رفض أن يكون معوجا.