عقد باحث أمريكي متخصص في شئون الشرق الأوسط مقارنة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والحاكم الديكتاتوري التشيلي السابق أوجستو بينوشيه، قال فيها إن الرئيس المصري تفوق على بينوشيه فيما ارتكبه من انتهاكات، مشيرًا إلى أن الديكتاتور التشيلي كانت له إصلاحات لم يقدم السيسي على تنفيذ أي منها. وأضاف الباحث في شئون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي "إليوت آبرامز" في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست; أنه يتمنى ألا يحاكي السيسي بينوشيه في البقاء في سدة الحكم، حيث إن الجنرال التشيلي بعد مكوثه في الحكم 15 عامًا، كان يرغب في تمديد بقائه لثمانية أعوام أخرى، موضحًا أن السيسي حال قيامه بذلك، ربما يظل رئيسًا لمصر حتى عام 2037. وأشار آبرامز إلى أن المقارنة مع بينوشيه جارية منذ قدوم السيسي إلى السلطة، حيث كتبت صحيفة وول ستريت جورنال أن "المصريين سيكونون محظوظين إذا تحول حكامهم الجدد من الجنرالات ليكونوا في مثل قالب جنرال تشيلي أوجستو بينوشيه الذي وصل للسلطة في حالة من الفوضى، لكنه أجرى إصلاحات لعمل سوق حرة وانبثق عن ذلك انتقال نحو الديمقراطية". كذلك كان الكاتب بصحيفة نيويورك تايمز روجر كوهين قد لفت إلى "نجاح بينوشيه في تحويل مسار اقتصاد تشيلي.. وإنجازاته التي كان بمقدور تشيلي الديمقراطية البناء عليها لتصبح أكثر الدول رخاء في الإقليم"، وتساءل إذا كان السيسي "سيتحول ليكون مجددًا وحشيًا على خطى بينوشيه، والذي سيورث دولة تثبت قدرتها على بناء ديمقراطية دائمة". وقال "آبرامز" في مقاله: أصبح بينوشيه يذكر كديكتاتور وحشي، لكن أيضًا كمصلح اقتصادي قاد دولته نحو الديمقراطية، وبات الأمل أنه بالرغم من أن السيسي قمعي بعض الشيء وفقا لمعاييرنا، لكن إذا فعل للمصريين ما فعله بينوشيه في تشيلي، فسيكون الجميع رابحًا، وعلى المدى البعيد، وربما المتوسط، ستكون هذه مقايضة مجدية. وأوضح الباحث الأمريكي أن هناك أربعة أسباب تجعل هذه الصورة خاطئة، أولها أن السيسي أكثر وحشية بكثير مما كان عليه بينوشيه بالفعل، فبينوشيه خلال 17 عامًا من حكمه للبلاد، أشرف على قتل ثلاثة آلاف شخص وسجن حوالي أربعين ألفًا آخرين على خلفية جرائم سياسية، لكن السيسي والجيش المصري حققا هذه الأرقام تقريبًا في أقل من عامين، حيث قتل نحو 2500 شخص، ووضع أكثر من أربعين ألفًا خلف القضبان، مضيفًا أنه في تشيلي، تضاءل القمع بمرور الوقت، وربما كان نصف الانتهاكات هناك في العام الأول من انقلاب بينوشيه. وأضاف أن السبب الثاني يأتي في كون السيسي أقل بكثير من كونه مصلحًا اقتصاديًا كما كان بينوشيه، فالسيسي ليس اشتراكيًا، لكن الرأسمالية التي يبدو وكأنه يفكر فيها هي المحسوبية الفاسدة لعصر حسني مبارك. أما الثالث في رأي آبرامز فهو في الفارق بين الجيشين المصري والتشيلي، حيث قال إن الجيش التشيلي في عهد بينوشيه، رغم جرائمه، كانت له أيضًا سمعة من الاحترافية والسيادة المالية، ولم يسع مطلقًا ليصبح طبقة حاكمة للأبد، بينما الجيش المصري هو الحاكم الفعلي للبلاد منذ تولي جمال عبد الناصر السلطة، ولم يفعل السيسي أي شيء يوحي بأنه يخطط لتغيير ذلك. السبب الرابع والأخير الذي أورده الباحث جاء بصيغة رد على من يصفون بينوشيه بأنه من أطلق شرارة الديمقراطية التشيلية ويريدون أن يتتبع السيسي طريقه، قائلاً إنهم مخطئون لأنه بعد 15 عامًا من وصول بيونشي للحكم، كان يرغب في البقاء في الحكم لثماني سنوات إضافية، لافتًا إلى أنه لم يتمكن من إيقاف بينوشيه سوى ضغط قوي من الولاياتالمتحدة وبريطانيا، إضافة إلى رفض بعض أعضاء المجلس العسكري القيام بذلك. وأوضح آبرامز: "لم يكن بينوشيه مطلقًا لشرارة الديمقراطية التشيلية، فمن الأحرى القول إن تشيلي عادت إلى الديمقراطية رغمًا عنه، دعونا نأمل في ألا يتتبع السيسي طريقه، وألا يظل رئيسًا لمصر حتى عام 2029 ويسعى للبقاء في منصبه حتى عام 2037 ، مضيفًا أنه في النهاية، مصر 2015 ليست تشيلي 1973 عندما نفذ بينوشيه انقلابه، فقد كانت تشيلي بلدًا أكثر تقدمًا وله تاريخ طويل من الديمقراطية.
واختتم المقال بقوله: لا تزال المقارنة بين السيسي وبينوشيه ذات جدوى، على الرغم من كونها ليست مشجعة، فحتى الآن، يبدو وكأن السيسي يفعل شيئا خاطئا ارتكبه بينوشيه، وقلما يفعل شيئا صحيحا فعله بينوشيه.