أمين البحوث الإسلامية: الإخلاص في العمل هو التجسيد الحقيقي لصفاء القلب    تطور العدالة الاجتماعية في 30 عامًا.. معلومات الوزراء: تراجع عمالة الأطفال إلى 7.8% عالميا.. انخفاض وفيات العمل بأكثر من 10%.. و58% من العمال في وظائف غير رسمية في 2025    د. عائد زقوت يكتب من الأراضي المحتلة: ناصر القدوة يعود إلى واجهة المشهد الفلسطيني مع قرب الاستحقاقات المقبلة    بجوائز مالية للمرة الأولى، بطولة مصر المفتوحة للهواة تجمع نجوم الجولف من 15 دولة    سقوط لص الهواتف المحمولة بمدينة نصر    الداخلية تعلن قائمة الممنوعين من السفر لحج القرعة لعام 2026    التحالف الوطنى يقدم خدمات متنوعة ل 18 ألف مواطن فى برنشت بالعياط    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    توتر جديد في القدس.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى ويدعو ل«نصر كامل» على حماس    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    استعدادا للسوبر الأفريقي.. بيراميدز يستأنف تدريباته    برنامج تأهيلي لثلاثي الزمالك المصاب    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 8102025    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    ضبط 19 طن دقيق مدعم بالمخابز السياحية    تأجيل دعوى تعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني بسبب حادث سيارة    تأجيل محاكمة «ميدو» في اتهامه بالتشهير بالحكم محمود البنا    من هو عمر مؤنس ياجي الفائز بنوبل في الكيمياء؟ أمريكي أردني من أصل فلسطيني ومعه جنسية سعودية    قصر ثقافة حلوان فى ثوبه الجديد.. مسرح وقاعات أنشطة بأحدث التقنيات    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    احذر هذه الأطعمة على معدة فاضية.. تسبب مشاكل في الهضم    تموين قنا: ضبط 295 مخالفة تموينية متنوعة خلال أسبوع    السيطرة على حريق نشب فى مخزن سيراميك على طريق مصر الإسماعيلية    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    منال عوض تتوجه إلى مدينة أبوظبي للمشاركة فى المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اسعار الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محرقة بثينة» تحيي أشهر المجازر ضد التراث الإنساني
بدأت في أثينا وانتهت بالقاهرة..

الإسكندرية وروما وكابول وبغداد وغرناطة ومدريد عواصم شاهدة على حرق الكتب.. وألبير أنشتاين وكارل ماركس وتوماس مان وابن رشد علماء ذاقوا المأساة
التعليم المصري يتهم «بونابرت» بالإرهاب.. والكتب المحروقة غالبيتها لاعلاقة لها بالإخوان

"لكل طريق قويم لابد من منهج، ولابد لكل سائر من سبيل محدد، وإلا ضاع السائر وضل".. كانت تلك جملة عابرة فى كتاب "منهج الإصلاح الإسلامى فى المجتمع" للشيخ عبدالحليم محمود الذى حرقته الدكتورة بثينة عبدالله كشك، مدير مديرية التربية والتعليم بالجيزة، ضمن حوالى 82 كتابًا مدعية أنها تدعو للإرهاب.
"احرقونى احرقونى لا تسيئوا إلى... ألم أقل الحقيقة فيما كتبت؟ لم تعاملوننى ككذاب؟ .. آمركم أن تحرقوني"، كلمات قالها برتولد بريخت خلال إحراق أدوليف ألويس هتلر الألمانى لكتاب ديمقراطى نمساوي، ليسطر بذلك تاريخًا طويلاً من حرق الكتب على مستوى العالم، بدأت بالفراعنة واليونانيين ومرت بأوروبا وانتهت هنا فى القاهرة مؤخرًا.

حرق الكتب تاريخ طويل من القمع حول العالم
الفراعنة واليونان
البداية كانت مع التاريخ الفرعوني، حيث أحرق الشاعر أخناتون الكتب الدينية السابقة له لأنها كانت تزرع الظل على شعره، كما قام أفلاطون بحرق مؤلفات دمُقريط الذى رأى فيها منافسًا كبيرًا لمثاليته.
ومرت الأديان السماوية بمرحلة حرق الكتب، فقامت الإمبراطورية الرومانية بحرق كتب المسيحية لسنوات عدة فى القرون الوسطى حينما خرجت من صلبها محاكم التفتيش المقدس التى أوكلت لها مهمة حرق الكتب التى رأت فيها هرطقة أو مروقا عن الدين وأحكامه المقدسة.
الإسكندرية والمسيحية
كما تعرضت مكتبة الإسكندرية بمصر إلى الحرق الأولى أثناء الصراع بين يوليوس قيصر وبطليموس الثالث عشر عام 48‏ ق‏.‏م، أشعل يوليوس قيصر النيران فى سفن بطليموس لتمتد النيران إلى مكتبة الإسكندرية فتحرق عشرات الآلاف من الكتب، كما لحقت بالمكتبة أضرارًا فادحة عام 391م عندما أمر الإمبراطور الرومانى ثيودوسيوس الأول (379 – 395) بتدميرها بالحرق، وبعد ذلك تدهورت المكتبة تدهوراً تاماً.
وفى عام 473 ميلاديًّا، احترقت آخر المكتبات الكبيرة بالعالم على يد المسيحيين الذين أحرقوا مكتبة القسطنطينية بعاصمة الدولة البيزنطية, وفقدت المكتبة 120 ألف مخطوطة بعدما كانت حافظة للمعرفة القديمة لليونان والإغريق لأكثر من ألف عام، حتى نالت منها الحروب.
كتب ابن رشد
ونالت كتب القاضى ابن رشد عام 1198م، نصيبها فى ساحة أشبيلية، لخلاف سياسى مع الخليفة المنصور، الذى استغل فلسفة الأول واتهامه بالخروج عن صحيح الدين، وحُرقت مؤلفاته، وتم ترحيله شخصيًا إلى خارج البلاد.
وأجبر المسلمون فى غرناطة عام 1500م على تسليم الملايين من المؤلفات المزخرفة التى لا تُقدر بثمن، تمّ حرقها كليًا ولم تنفذ منها إلا بعض الآثار العلمية والطبية التى تمت ترجمتها والاستفادة منها غربيًا وشكلت لبنة أساسية لمجتمع المعرفة الذى نشأ على أنقاض ظلام القرون الوسطى.
كتب أوروبا
وفى القرن العشرين كانت أولى هذه المكتبات التى تعرضت للدمار شامل هى المكتبة البولندية على يد النازية، التى أنشئت عام 1928م وفتحت أبوابها عام 1930م وتم تدميرها بالكامل فى الحرب العالمية الثانية عن طريق قصفها بالطائرات ليحترق فيها أكثر من 14 مليون كتاب ومخطوط لكبار المفكرين والكتاب والمبدعين مثل ألبير أنشتاين وكارل ماركس وتوماس مان وسيغموند فرويد فى ساحة أوبرا برلين.
واشتعلت النيران فى عام 1937 بمحتويات مكتبة الإيسكوريال بمدريد، بعد قصفها لتحترق بذلك الكتب والمخطوطات النادرة والكثير من اللوحات الفنية، هو نفس المصير الذى واجهته مكتبة البوسنة والهرسك، والتى أنشئت عام 1945 وتم تدميرها عام 1992 على يد القوات الصربية، فيما دمرت قوات الرايخ الهتلرية المكتبة الشعبية بصربيا وحدها خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941, فقصدها الجيش بالقنابل الحارقة لتقدر محتوياتها بأكثر من 2.6 مليون كتاب.

كابول وطرابلس وبغداد
وخلال العشرين عامًا الماضية شهد العالم الإسلامى حرق عدد كبير من الكتب، وكانت أكبر المكتبات العامة بأفغانستان وأفضلها, فحوت المكتبة 55 ألف مطبوعة بين كتب ووثائق ومخطوطات نادرة تم حرقها كاملة على يد جماعة طالبان فى أغسطس 1998، هذا وأشعل مجهولون النار فى مكتبة السائح فى طرابلس شمالى لبنان, المكتبة العريقة كانت تضم نحو 80 ألف كتاب، من بينها كتب إسلامية ومصاحف، كما أحرقت مجموعات من "داعش" الآلاف من الكتب بالمدن العراقية.
بينما شهدت مصر بزوال حُكم الإخوان المسلمين دعوة لحرق الكتب التى تحمل فكرهم فى المكتبات العامة، كما أشيع عن مكتبة البحر الأحمر العامة التى حُرقت فيها الكتب، فى واقعة نفاها وزير الثقافة وقتها.

محرقة بثينة .. 82 كتابًا بعضها عن الإسلام والمرأة والغزو الفرنسى وبلاد آسيا
هدأت الرياح قليلًا بشأن حرق الكتب لكنه الهدوء الذى سبق العاصفة، حيث قادت الدكتورة بثينة عبدالله كشك، مدير مديرية التربية والتعليم بالجيزة، حملة لحرق كتب التراث الإسلامى المتواجدة بإحدى مدارس المحافظة "فضل الحديثة"، بدعوى أنها تحرض على العنف والتطرف لتشمل المحرقة 82 كتابًا.

الإسلام وأصول الحكم
وكان أحد ضحايا المحرقة كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، هو كتاب للشيخ الأزهرى على عبد الرازق، صدر فى 1925م، وقد أحدث ضجة فى مصر بسبب رفضه لفكرة الخلافة والدعوة إلى مدنية الدولة، وقد أدى هذا الكتاب إلى معارك سياسية ودينية كبيرة، وقامت هيئة كبار العلماء فى الأزهر بمحاكمة على عبد الرازق وأخرجته من زمرة العلماء.
وتعرض الكتاب لنقد لاذع من عدد كبير من العلماء، أشهرهم الإمام الأكبر محمد الخضر حسين فى كتابه نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم، الذى صدر عام 1926 والذى قدم له الدكتور محمد عمارة عرضًا فى كتاب منفصل فى عام 1998، ومفتى الديار المصرية محمد بخيت المطيعى فى كتابه حقيقة الإسلام، فيما دافع عن الكتاب الكثير من المفكرين، منهم الدكتور محمد حسين هيكل، حيث كتب مقالاً شديد السخرية فى جريدة السياسة يسخر من القرار، ودافع عباس محمود العقاد عن عبد الرازق فى مقال فى صحيفة البلاغ.

منهج الإصلاح الإسلامى فى المجتمع
كما كان أبرز تلك الكتب أيضًا "منهج الإصلاح الإسلامى فى المجتمع" للشيخ عبدالحليم محمود، الذى فى قرية أبو احمد من ضواحى مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية فى 12 من مايو 1910، ونشأ فى أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1932م)، ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالى فى باريس، ونجح فى الحصول على درجة الدكتوراه فى سنة (1940م) فى الفلسفة الإسلامية.
ويتناول الكتاب العديد من الجوانب المهمة المرتبطة بقضية الإصلاح فى المجتمع، مستعينًا بالمنهج الإسلامى الصحيح، ومن منظور علمى ورؤية معاصرة، بعيدًا عن المغالاة أو التشدد أو التزمت، ولا تفتقد فى الوقت نفسه إلى الموضوعية التى يتطلبها البحث العلمي.

دستور أمة الإسلام
وأما حسين مؤنس، الذى ولد فى مدينة السويس فى 28 أغسطس 1911، فقد نال نصيبه أيضا من محرقة الحكومة فى كتاب دستور أمة الإسلام، ويعد بذلك تسطير أول دستور وضع فى الإسلام السنة الأولى للهجرة، أى عام 623م ويحتوى على ما يفوق الخمسين بندًا، كلها من رأى رسول الله، هناك حوالى خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، والباقى مرتبط بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان.
ونشأ مؤنس فى أسرة كريمة، وتعهده أبوه بالتربية والتعليم، فشب محبًا للعلم، مفطورًا على التفوق والصدارة، حتى إذا نال الشهادة الثانوية فى التاسعة عشر من عمره جذبته إليها كلية الآداب بمن كان فيها من أعلام النهضة الأدبية والفكرية، عمل مترجمًا عن الفرنسية ببنك التسليف، واشترك فى هذه الفترة مع جماعة من زملائه فى تأليف لجنة أطلقوا عليها "لجنة الجامعيين لنشر العلم" وتولى هو ترجمة الكتب الإسبانية والبرتغالية.

مكانة القدس
لم ترحم الحكومة المفكر الإسلامى والمجاهد الشيخ عبد الحميد السائح، رئيس المجلس الوطنى الفلسطينى السابق، الذى توفى فى أحد مستشفيات عمان فى عام 2001 ، من محرقة الكتب فالتهمت النيران كتاب مكانة القدس فى الإسلام للشيخ السائح، الذى ولد فى مدينة نابلس بالضفة الغربية عام 1907 وحصل على شهادة العالمية من جامعة الأزهر وعمل مدرسًا للغة العربية والدين فى مدينة نابلس بعد تخرجه ثم عمل قاضيًا فى كل من نابلس والقدس حتى أصبح رئيسًا لمحكمة الاستئناف فى القدس.
وعرف عن السائح منذ بداية شبابه غيرته على وطنه وتصديه لقوات الاحتلال واعتقل لأول مرة عام 1927 إبان الانتداب البريطانى على فلسطين وعزل من القضاء، ونفى آنذاك من نابلس إلى رام الله، وكانت أبرز مؤلفاته "ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى وعقيدة المسلم وما يتصل بها والقانون الدولى والشريعة الإسلامية ومحاضرات حول الفقه والاقتصاد الإسلامي".

المرأة فى الإسلام
كما كان كتاب مكانة المرأة فى الإسلام لمحمد عطية الإبراشي، هو الآخر ضحية لما قامت به الحكومة، والإبراشى هو مفكر وفيلسوف من مواليد 1 إبريل 1897 بقرية العزيزية محافظة الشرقية، حفظ القرآن فى كتاب القرية، حصل على دبلوم دار العلوم عام 1921، ثم عين مدرسًا للغة العربية بالمدارس الابتدائية.
وفى عام 1924 سافر إلى إنجلترا فى بعثه دراسية، لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها، وقام بدراسة علوم التربية وعلم النفس، وحصل على دبلوم فى التربية وعلم النفس من جامعة إكسترا عام 1927، وجذبته دراسة اللغات الأخرى فدرس اللغة السريانية حتى حصل على شهادتها من كلية الملك فى لندن عام 193، وبعدها حصل على دبلوم فى اللغة العبرية من معهد اللغات الشرقية عام 1930.
كان أول مصرى يكتب ويؤلف ويطبع كتابًا باللغات السامية، وقد أنشأ قسمًا خاصًا لطبع الكتب العبرية والسريانية فى المطبعة الأميرية، واستورد الحروف الخاصة بهاتين اللغتين من فرنسا عام 1935، كما ألف 40 كتابًا.

نابليون بونابرت ومحاربة المخدرات والتجربة الأسيوية
كما ضمت المحرقة كتبًا أخرى بعضها صادر عن المجلس القومى للمخدرات، وأحدها عن العالم الفرنسى نابليون بونابرت فى مصر لمؤلفه كريستوفر هيرولد، وكتابين أحدهما عن البوسنة والهرسك، والثانى عن المسلمين فى آسيا الصغرى.
وثلاثة كتب لصحفيين، هم: عبدالعال الحمامصى (أقلام فى موكب النور)، رجب البنا (البحث عن المستقبل) سمير رجب (للسياسة رجال)، هذا إلى جانب كتب أخرى بعضها عن الغزو الثقافى ودور المرأة وعالم الجن والشياطين، وافتراءات أعداء الإسلام والمشاهير، الذين أسلموا والأخلاق الإسلامية.. إلخ.
عزيزى القارئ هذا قبس بسيط من بعض الكتب التى أحرقتها مديرية التربية والتعليم بالجيزة مدعية أنها كتب إرهابية.

قراءة فى الكتب المحروقة فى عيون مفكرى مصر
فى قراءة فى الكتب المحروقة، وصف كتاب وروائيون واقعة حرق الكتب فى مدرسة فضل الإسلامية بفيصل، بالفاشية، مفسرين الواقعة بأن المشاركين فيها أرادوا توصيل رسالة للنظام بأنهم يحاربون التطرف والإرهاب، دون أن يكلفوا أنفسهم مجهودًا للبحث فى مضامينها وما تحمله من قيم تربوية وتاريخية.
ووصف الروائى إبراهيم عبد المجيد، واقعة حرق الكتب، بالفاشية من عهد التتار ثم هتلر مرورًا بالمكارثية الأمريكية وصولاً لداعش وما فعله فى الموصل، ثم وصل إلينا الآن وليس بأيدى متطرفين، ولكن مسئولين فى وزارة التربية والتعليم.
وقال إن المشاركين أرادوا نقل رسالة للسيسى أنهم يحاربون التطرف، والدليل أنهم قاموا بتصوير الواقعة كأنها حدث عظيم، لتتحدث عنها الصحافة والتليفزيون وكل وسائل الإعلام، حتى تصل فى النهاية إلى كبار مسئولى الدولة.
وفى قراءة لمضامين الكتب المحروقة، أوضح عبد المجيد، أن من بينها مجموعة من الكتب العظيمة، تم حرقها فقط لمجرد أن عليها كلمة إسلام أو مسلمين، ضاربًا مثلا بكتاب الشيخ على عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم" الصادر عام 1925، معتبرًا أن هذا الكتاب أحدث ضجة حين صدوره، وأدت تلك الضجة إلى تبرؤ الأزهر منه وفصله من عمله كقاضٍ شرعي، كذلك مصادرة الكتاب، لأنه رفض فكرة الخلافة الإسلامية ودعا إلى مدنية الدولة.
وأضاف عبد المجيد، أن من بين قائمة الكتب المحروقة، كتاب "جمال الدين الأفغاني" لعثمان أمين، قائلا: إن أمين واحد من أكبر العقول الحرة، وكان ليبراليا ويقبل جميع الآراء، وكتابه عن الأفغانى ممتلئ بالأفكار العظيمة، كما كتب أحسن كتاب عن الشيخ محمد عبده وهو كذلك مؤلف كتاب الفلسفة الرواقية، فما علاقة ذلك بالتعصب؟
وأشار إلى أن كتابًا يناقش علاج المخدرات أصدره المجلس القومى لمكافحة الإدمان كان من ضمن ضحايا الحريق، متسائلاً: "لماذا اشتريتم الكتاب من البداية؟".
وأما فهمى هويدي، الكاتب الصحفى فى الشؤون العربية، قال إن ما حدث من حرق الكتب يأتى باسم مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن الفكري، وبعد إطلاق الدعوة إلى الثورة الدينية وتعالى الأصوات الداعية إلى التنوير.
وأكد هويدي، أن أصحاب الكتب جميعهم من الأعلام والرموز الذين أثروا فى العقل المصرى العربي، وجميعهم لا علاقة لهم بالإخوان، وأنهم من الذين رحلوا عنا وانتقلوا إلى الدار الآخرة، ولم يذهبوا إلى قطر.
وأضاف هويدي، أنه كذَّب عينيه حين قرأ الوثائق المنشورة، وأن فكرة حرق الكتب من جانب نفر من المربين أمام طالبات المدرسة صدمه، معتبرًا التلويح بالعلم المصرى فى المشهد ابتذالاً وإهانة له وبأن الحدث بمثابة وصمة عار فى جبين المرحلة التى نعيشها.
وتابع: "لا أستطع أن أبرئ وزير التربية والتعليم من المسئولية، وهو من سبق أن وافق بتحريض بعض الأكاديميين، والإعلاميين، على إدراج عقبة بن نافع وصلاح الدين الأيوبى فى القوائم السوداء، وأقر حذف أجزاء من سيرتهما من مناهج التعليم، لأن الأول ارتكب جريمة فتح إفريقيا، والثانى كانت جريمته أنه قام بطرد الصليبيين من ديار الإسلام".
واستطرد: كما كانت جريمة مؤلفى الكتب التى أحرقت أنهم حاولوا شرح الإسلام ودافعوا عنه، وهو ما يعنى أن الاستقطاب والصراع دخل مرحلة العبث والجنون، الأمر الذى جعلنى أتساءل: إلى أين نحن ذاهبون؟ ولماذا نلوم "داعش" إذا كنا نفكر بعقلها ونستخدم نفس أساليبها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.