قررت محكمة جنايات القاهرة وقف نظر القضية المتهم فيها 24 شخصا وبينهم شخصيات رفيعة من رموز النظام السابق في أحداث التعدي على المتظاهرين يومي 2 و3 فبراير الماضى المعروفة إعلاميا ب "موقعة الجمل"، لحين الفصل في طلب رد المحكمة المقدم من المحامي مرتضى منصور أحد المتهمين في القضية. وجاء القرار بعد أن سلم منصور محكمة استئناف القاهرة ظهر الأحد طلبًا برد رئيس المحكمة المستشار مصطفى حسن عبد الله والذى يباشر قضية "موقعة الجمل". وتحدد لنظر الرد 19 ديسمبر المقبل امام الدائرة المدنية رقم 8 بمحكمة استئناف القاهرة، الأمر الذى قامت معه المحكمة بوقف نظر الدعوى تعليقيا وإرسال أوراقها إلى محكمة استئناف القاهرة لحين الفصل في طلب الرد. وكان المحكمة اكتشفت تغيب منصور خلال التأكد من المتهمين داخل قفص الاتهام في مستهل الجلسة، وعندها تقدم أحد المحامين لرئيس المحكمة باعتباره موكلاً عنه بطلب لرد المحكمة لكن رئيس المحكمة رفض استلام مذكرة طلب الرد، مشيرا إلى أنه لا يجوز للمحامي التقدم بطلب في غيبة من موكله. ورد رجب هلال حميدة وإيهاب العمدة ومحمد عودة المتهمين في القضية "نحن نتمسك بالمحكمة العادلة ولا يجوز لأي شخص أن يرد المحكمة".. وانخرط حميدة في البكاء، وردت المحكمة على المتهمين أن من حق أي شخص أن يرد هيئة المحكمة شريطة أن يتقدم بطلبه من خلال الطرق القانونية. وتضمن الطلب المقدم من منصور المتهم العاشر في القضية عشرة أسباب لرد المستشار مصطفى حسن عبد الله رئيس محكمة جنايات القاهرة التي تنظر القضية. ويأتي على رأس الأسباب أن القاضي سبق أن تلقى طلب رد تقدم به منصور ضد المستشار ضد محمود السبروت قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل للتحقيق في القضية الذي أصدر أمر الإحالة، وهو ما يكشف إبداء رأيه في الدعوي مما يجعله غير صالح لنظرها. وقال إنه كان لابد أن يتم الفصل في رد قاضي التحقيق قبل بدء نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات وهو ما لم يفعله رئيس المحكمة وتعامل مع الدعوي كأن لم تكن. واستند أيضا إلى رفض القاضي التصريح له بالطعن بالتزوير على عدد من أوراق القضية على الرغم أنه "لا يملك هذا الحق قانونا"، وهذا- وكما يقول منصور- يكشف عن رأيه المسبق، الذي استند فيه إلى معلومات شخصية وحجبه لحق كفله القانون. وتمثل السبب الثالث في قيام القاضي باتهام مرتضي منصور بإهانة أحد خصومه في الدعوى وهو المدعي بالحق المدني شاهد الإثبات رقم 19، عندما وصف أقواله بأنها كاذبة، وهو ما اعتبره رئيس المحكمة إهانة لبلشاهد، وقرر استبعاده من الجلسة وحجزه بمحبس المحكمة. فضلاً عن أنه رفض أن يقر تهمة البلاغ الكاذب المقدمة ضد الشاهد، وهذا "يكشف مودة القاضي للشاهد وعداوته للمتهم" حسبما جاء بالمذكرة. ودفع منصور في طلب الرد بأن القاضي رفض إثبات أسماء المحامين الحاضرين مع منصور في محضر الجلسة إلا بعد إلحاح من جانب المحامي رجائي عطية، وقام باستضافة بعض الخصوم وشهود الإثبات الذين حضروا للشهادة وقال لهم حرفيًا: "أنتم ضيوف المحكمة وتجلسون في غرفة مجاورة تشربون ماتشاءون على حساب المحكمة"، وكان هؤلاء هم كل من محمد علي سليمان الشوربجي الذي ادعى مدنيا. أما السبب الرابع فتمثل في قيام القاضي بإقرار ما أرفقه قاضي التحقيق بالقضية من أقراص مدمجة والتغطية علي ماشابها من وقائع تزوير في بياناتها، بحسب المذكرة المتضمنة طلب الرد، بالرغم من أنه – أي منصور- تقدم في السابق ببلاغ للنائب العام للمستشار عبد المجيد محمود بشأن وقائع التزوير في الأقراص المدمجة وما طالها من عبث وتلاعب. إذ يقول في طلبه، إن هناك تلاعبًا حدث في عدم تحريز هذه الأقراص، وخلو جميع محاضر التحقيقات من أي محضر يتضمن وصفًا لإجراءات قام بها أي من قضاة التحقيق لتحريز الأقراص. وأبدى منصور اعتراضه على ما ورد ب "السي ديهات" في الجلسة الخاصة لمشاهدة محتواها، لعدم وجود أختام وتحريز للاأراص، فرد المستشار بأنه قام بنفسه بفض الأحراز، وقال منصور له: "دي مجرد أظرف غير محرزة" وتم نشر هذا بوسائل الاعلام والعديد من الصحف نقلا عن شهادة الصحفيين الذي نقلو وقائع الجلسة ولم يتم تسجيل كل هذا بمحضر الجلسة. وتضمنت باقي الأسباب التي ساقها منصور اتهام القاضي بحرمان من حقه في الدفاع عن نفسه وعدم السماح له بالحديث كلما طلب ذلك، وإهانته ومهنة المحاماة حينما قال: "أنتم المحامين لاتفهمون في القانون"، وتعمده عدم إثبات كل ما يدور بالجلسة بمحضر، وقيامه بالتغيير في صياغة الأسئلة التي وجهها المحامون الحاضرون مع المتهم للشهود. وشكا منصور من تعمد القاضي إهانته وإذلاله بشكل علني "رغم محاباته لخصومه في الدعوي"، وإفصاحه عن الامتناع من تمكينه من إبداء أي دفاع أو إثبات أو اعتراض علي أي إجراء، وإصراره على عدم إثبات ذلك في محضر الجلسة. وكانت المحكمة استمعت أكس إلى أقوال صفوت محروس (موظف) أحد شهود النفي في القضية والذي قال إن علاقته بالمتهم يوسف خطاب عادية، مشيرا إلى أنه مقيم بجواره منذ نحو عام وأن معلوماته عن التهمة التي يحاكم بها المتهم أنها تتعلق بقضية "موقعة الجمل". وقال الشاهد إنه في يوم الأحداث (2 فبراير) كان متواجدا بميدان مصطفى محمود شأنه في ذلك شأن من خرجوا في مظاهرات لتأييد الرئيس السابق حسني مبارك مطالبين ب "استقرار البلاد والتوقف عن حدوث تخريب"، وأشار إلى أن هناك فنانين كانوا يتواجدون بميدان مصطفى محمود. ونفى الشاهد وجود أي أسلحة بحوزة المتهم يوسف خطاب أو أنصاره أثناء تواجدهم بميدان مصطفى محمود، وقال "إنه كان متواجدا بالميدان من الساعة الخامسة والنصف واستقل سيارة المتهم حتى ميدان الجيزة"، مؤكدا أنه لم يسمع أو يشاهد أي شخص يحرض المتظاهرين للذهاب إلى ميدان التحرير. وناقشت المحكمة شاهد النفي الثاني إبراهيم كامل مدير بشركة النصر، والذي أكد في أقواله أن المتهم يوسف خطاب عضو مجلس شورى عن الدائرة التي يقطن بها وأنه تعرف عليه أثناء الانتخابات. وأشار إلى أنه من مؤيدي المتهم يوسف خطاب غير أنه نفى علمه بشأن الاتهامات المسندة له، ولفت إلى أنه كان من بين المتظاهرين في ميدان مصطفى محمود أعضاء مجلس شعب سابقين ومن بينهم شريف والي ووليد ضياء الدين وصلاح عبدالكريم وعضو مجلس الشعب السابق سيد جوهر وشخصيات عامة معروفة. وقال الشاهد إنه شارك في المظاهرات برغبته دون تحريض من أي شخص، مبررا ذلك في ضوء "قناعته بضرورة استقرار مصر عقب حالة الفوضى التي شهدتها البلاد من أعمال سلب ونهب"، وأشار إلى أنه شاهد عددا كبيرا من أعضاء الجهاز الفني للمنتخب المصري لكرة القدم وفنانين مشهورين ومجموعات كبيرة من الأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات. وأضاف الشاهد أنه قابل المتهم يوسف خطاب أمام مبنى كلية الزراعة بالدقي ومعه بعض الأشخاص وتوجهوا إلى ميدان مصطفى محمود، وعندما سألته المحكمة حول حيازة خطاب أي أسلحة نارية أو بيضاء أو وجود بعض الخيالة أو راكبي الجمال كانوا برفقة يوسف خطاب، أجاب الشاهد بالنفي وعدم مشاهدة أي جمال وخيول أو تجمعات لبلطجية. وناقشت المحكمة الشاهد فرجاني سلامة "صاحب شركة سياحية" والذي قال إن معرفته بالمتهم خطاب ترجع إلى أنه من ذات المنطقة التي يقطن بها المتهم, مؤكدا أنه لاعلاقة شخصية بينهما. ونفى أن يكون قد حاز أو قام بتوزيع أسلحة نارية أو دفع بتجمعات من راكبي الخيول والجمال من منطقة نزلة السمان (جانب من دائرته الانتخابية)، مشيرا إلى أن الأمر اقتصر في ميدان مصطفى محمود على ترديد الهتافات الداعية لاستقرار مصر. وذكر الشاهد أن البعض من راكبي الجمال والخيول تجمعوا في منطقة نزلة السمان احتجاجا على إنشاء سور أمني يحيط بمنطقة الأهرامات على نحو يمنعهم من أخذ السائحين للتنزه هناك بالجمال والعربات التي تجرها الخيول، وهوما تسبب في ركود السياحة، وما تلاها من اندلاع المظاهرات اعتبارا من 25 يناير وهو ما أدى إلى توقف حركة السياحة بصورة كاملة بما هدد رزق العاملين في مجال السياحة بمنطقة نزلة السمان وهو الأمر الذي أشعل غضبهم ودعاهم إلى التجمهر والاحتشاد أمام مبنى محافظة الجيزة. وأشار الشاهد إلى أن خطاب حضر إلى ميدان مصطفى محمود بسيارته الخاصة ثم اعتلى صهوة أحد الجمال لدقائق معدودة نزولا على رغبة أنصاره من منطقة نزلة السمان لالتقاط الصور التذكارية له ثم نزل على الفور دون أن يشارك أو يقود أية اعتداءات ضد المعتصمين بميدان التحرير. وناقشت المحكمة شاهد النفي مصطفى مرسي (محام) بناء على طلب دفاع المتهم شريف والي الذي أكد في شهادته أمام المحكمة أنه يعرف المتهم منذ عام 2008 من خلال الأعمال التطوعية بجهاز تشغيل الشباب الذي يرأسه المتهم وأنه شاركه العديد من القوافل العلاجية والكثير من الأعمال الخيرية التي كان يقوم بها المتهم وأن دوره كان تنظيم المواطنين أثناء القوافل الطبية. واكد أنه لم يشاهد أي شخص من المرافقين للمتهم شريف والي يحمل معه أي أسلحة، مشيرا إلى أنه شاهد الفنانة نهال عنبر واللاعب حازم إمام قبل أن يغادر الشاهد الميدان في الساعة الثالثة عصرا. وقالت سهير يسري (شاهدة نفي - مديرة لمركز حقوقي) إن علاقتها بالمتهم شريف والي تعود إلى فترة إندلاع انتفاضة الأقصى الثانية حينما تدخل المتهم للافراج عنها بعد إلقاء القبض عليها إثر مشاركتها في المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني، وأضافت أنها توجهت عقب الإفراج عنها هى وباقي زملائها إلى مكتب المتهم لتوجيه الشكر له. وذكرت أنها سمعت من خلال التلفزيون المصري بالدعوة إلى وقفة احتجاجية بميدان مصطفى محمود، مشيرة إلى أنها توجهت إلى الميدان لتجد الهتافات المؤيدة لمبارك تتردد في أرجاء الميدان تصحبها دعوات بعدم التخريب إلى جانب وجود هتافات مناهضة ضد اثنين من مرشحي الرئاسة هما أيمن نور ومحمد البرادعي. وتضمنت لائحة المتهمين أيضا رجب هلال حميدة عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة عابدين وطلعت القواس عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة عابدين،وإيهاب العمدة عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الزاوية والشرابية وعلي رضوان عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الساحل وسعيد عبدالخالق عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة باب الشعرية ومحمد عودة عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة شبرا الخيمة ووحيد صلاح جمعة المحامي ونجل شقيقة مرتضى منصور وضابطي الشرطة حسام الدين مصطفى حنفي (رئيس مباحث قسم السلام ثان) وهاني عبدالرؤوف (رئيس مباحث قسم المرج). يذكر أن جهات التحقيق في القضية أسندت إلى المتهمين في أمر الإحالة (قرار الاتهام) أنهم "وهم من أركان النظام السابق بحكم مواقعهم في الحزب الحاكم أو السلطتين التشريعية والتنفيذية" أراد فريق منهم عقب خطاب الرئيس السابق حسني مبارك في أول فبراير الماضي الدفاع عن بقاء مبارك في السلطة فيما أراد الفريق الثاني "تقديم قرابين الولاء والطاعة" حتى يستمروا تحت عباءة ورضا النظام السابق .. فتلاقت إرادة الفريقين من المتهمين واتحدت نيتهم من خلال اتصالات هاتفية جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين بميدان التحرير فقاموا بتكوين عصابات إجرامية وأداروا جماعات إرهابية مسلحين بأسلحة نارية وبيضاء واشتركوا في قتل المتظاهرين. وأضاف قرار الاتهام أن المتهمين ال 25 ألفوا جماعات من الخارجين على القانون جلبوهم من دوائرهم الانتخابية ومن أماكن آخرى وأمدوهم بالأموال والأسلحة ووعدوا فريقا منهم بفرص عمل ووفروا لهم وسائل الانتقال واتفقوا معهم وحرضوهم على الاعتداء على المتظاهرين سلميا واصفين المتظاهرين السلميين بالتحرير ب "العملاء والخونة والمرتزقة" .. فاندفعت تلك العصابات والجماعات صوب ميدان التحرير واقتحموه على المتظاهرين ممتطين الجمال والخيول والبغال ومتسلحين بالأسلحة البيضاء والعصي والزجاجات.