في مفاجأة غير متوقعة من أحد أطرف الصراع الحالي على الساحة السياسية، خرج قيادي بارز بجماعة الإخوان المسلمين، ليبدى ترحيبه بإمكانية القبول بتكرار سيناريو مشابه 2011 مع المجلس العسكري بشرط إبعاد الرئيس عبدالفتاح السيسي عن المشهد، لحل الأزمة الدائرة منذ 3يوليو. وقال محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة المنحل"، الذراع السياسي ل "الإخوان المسلمين"، إن السياسة هي فن الممكن تجعل من المرجح أن يقبل الإخوان بسيناريو مشابه لسيناريو 2011 مع المجلس العسكري. وأضاف سودان في مداخلة على قناة "الشرق" المناهضة للنظام، مساء الجمعة: "يمكن ترتيب سيناريو من جهتهم في إشارة ل"المجلس العسكري" عن طريق إبعاد السيسي وحينها وارد هذا الأمر وحينها نقبل أن يحكم المجلس العسكري لفترة انتقالية ويتكرر سيناريو 2011"، قائلا: "لو لعبنا سياسة فيجب علينا أن نقبل هذا الأمر بشرط حلحلة هذا الموقف". وأردف: الموقف لابد أن يحلحل فنحن لدينا شهداء ومعتقلون وفتيات يتم اغتصابهن فإذا كان هذا هو الحل فلابد أن يكون هناك تفكير آخر لضمانة عودة الشرعية مرة أخرى أو إيجاد صيغة للتفاهم ووقتها لن يكون هناك أفضل من سيناريو 2011. وفي 11 فبراير 2011 تولى المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد عقب تنحي محمد حسني مبارك عن الحكم إثر اندلاع ثورة 25 يناير. ورحب سامر إسماعيل، أحد شباب الإخوان بمبادرة سودان، باعتبارها "تفكيرًا نوعيًا خارج الصندوق وبداية للتفكير السياسي الحقيقي". وأضاف أن "على جماعة الإخوان أن تضع أكثر من سيناريو للخروج من الأزمة الراهنة تضمن تعويض أهالي الشهداء والمصابين ومعاقبة المسئولين عن إسالة الدماء مع الحفاظ على مؤسسات الدولة". من جهته، أبدى الدكتور مجدي سالم، القيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، ملاحظتين على ما قاله سودان الأولى تتعلق بكون هذا التصريح "رأيًا شخصيًا له" ولا يصح نسبته إلى الإخوان أو التحالف. أما الملاحظة "الثانية" كما قال سالم هو أن "قرار الثوار - ونحن معهم- هو السعي لقيام دولة مؤسسات حقيقية تحفظ مصالح الأمة وترعي أمنها القومي، مشيرًا إلى أن ذلك لن يتأتي أبدًا والجيش وصي على الحياة السياسية؛ تلك الوصاية التي أضعفت الجيش وأفسدت ليس السياسة وفقط بل والاقتصاد والإعلام وكل مناحي الحياة". وأضاف أن "الجيش يتبنى نظرية الأذرع الموالية حتى في القضاء والنتيجة هي الفشل الذي هيمن على مصر طوال العقود العسكرية السابقة ويراد له أن يستمر". وتابع: "مازلنا نحلم بدولة حرة مستقلة الإرادة حرة القرار تحسن استغلال مواردها لصالح أجيالها القادمة يكون جيشها درعًا حقيقيًا للأمة وآمالها وليس لطغمة حاكمة فاسدة مستبدة". ورفض أحمد عبدالجواد، رئيس حزب البديل الحضاري، المؤيد لجماعة الإخوان والرافضة للنظام الحالي، وعضو "تحالف دعم الشرعية" هذه الرؤية قائلا: "إن مَن يردد أو يقبل بعودة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مرة أخرى للحكم بعد كسر ما وصفه ب"الانقلاب" أو إدارة فترة انتقالية تحت أى حجة أو تبرير فهو أمر "مرفوض شكلاً وموضوعًا". وأشار إلى أن المجلس العسكري هو مَن انقض على الثورة وقاد الثورة المضادة وحمى مَن قامت الثورة ضدهم وقتل وشرد واعتقل وهتك وشن الحرب على أهالي سيناء ووقف ضد الفلسطينيين في غزه - بحسب ما ذكر. وتساءل: "هل ترك المجلس العسكري الحكم أصلاً؟ قائلا: المجلس العسكري هو السيسى.. و"السيسى" هو المجلس العسكري، مستكملا: "لابد من إقالتهم جميعًا ومحاكمتهم وليس التفاوض معهم". على الجانب الآخر، قال اللواء محمد قدري سعيد، المستشار العسكري بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن رغبة جماعة الإخوان "المحظورة" في العودة إلى الحكم تدفعها إلى أي تصريحات أملا منها أن تستعيد اللبن المسكوب بحسب وصفه، وهو ما لن يحدث قائلا: "لن نعود للوراء خاصة أن تجربتها أثبتت فشلها في الحكم". وأضاف ل"المصريون" أنه على الرغم من الصعوبات التي يواجهها النظام حاليًا في إدارة البلد إلا أن الانتخابات البرلمانية هي الأمل في أن تستقر الأوضاع، خاصة أن مَن يمثل البرلمان مدنيون. وأكد قدري أن الإخوان لديهم الفرصة في العودة إلى الصورة من خلال المسارات في الانتخابات البرلمانية وبعدها يقرر الشعب مصيرهم إما قبولهم أو رفضهم". فيما استبعد الخبير السياسي مختار غباشي، تكرار هذا السيناريو قائلا: "من الصعوبة بمكان أن تتم الموافقة على مثل هذا الاقتراح"، لافتًا إلى أن هناك آليات أخرى من الممكن التحاور فيها ومنها الإفراج عن المعتقلين ممن لم يثبت ضدهم أي أحكام جنائية، وأن تتم استعادة كيانهم السياسي على أرض الواقع بالمشاركة في البرلمان، ويكون الأمر متروكًا لرأي الشارع المصري وهو مَن يحدد. وأوضح أن الأوضاع حاليًا في مصر مستقرة بوجود رئيس يدير شئون البلاد ودستور يحتكم إليه وبرلمان قادم في الطريق مضيفًا: "الأمر أصبح مُسلّمًا به".