قال خبراء سياسيون فلسطينيون إن قرار المحكمة باعتبار كتائب "الشهيد عز الدين القسام"، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، "منظمة إرهابية"، يُلقي بظلاله على كافة الملفات التي تربط مصر بقطاع غزة. هؤلاء الخبراء أجمعوا، في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، على أن المرحلة القادمة تتطلّب جهدا سياسيا ودبلوماسيا من قبل حركة "حماس" لتجاوز تداعيات قرار المحكمة وتأثيرها على قطاع غزة، حيث يعيش نحو 1.9 مليون نسمة، والذي تحاصره إسرائيل منذ أن فازت الحركة بالانتخابات التشريعية عام 2006. وقضت المحكمة السبت الماضي، في حكم أولي، باعتبار كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإلامية (حماس) الفلسطينية، "منظمة إرهابية". واستندت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في منطقة عابدين، وسط القاهرة، إلى "تورط الكتائب في العديد من العمليات الإرهابية، آخرها تفجير كمين كرم القواديس (قبل نحو 3 أشهر)". ورفضت حركة حماس قرار المحكمة ، واعتبرته "مسيسًا وخطيرًا ولا يخدم إلا إسرائيل، وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري "إن القسام هي عنوان المواجهة مع الاحتلال، ورمز لكرامة الأمة وعزتها رغم كل محاولات التشويه التي تتعرض لها". ولم يصدر أي تعقيب رسمي من قبل السلطات في مصر حول قرار المحكمة، غير أن القاهرة درجت على التأكيد على استقلالية القضاء. ويرى طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية، الصادرة من الضفة الغربية، أنّ قرار المحكمة المصرية ينطوي على أبعاد خطيرة، وسلبيّة في ما يتعلق بالعلاقة بين مصر وغزة. وأضاف عوكل:" المشكلة تتعدى اتهام الفصيل الأقوى والأكبر والأهم من بين فصائل المقاومة، وعلى ماهية القرائن التي استندت إليها المحكمة المصرية، في اتخاذ قرارها فكتائب القسام هي الجناح المسلّح لحركة حماس التي لا تزال تسيطر على غزة، كما أنها تُمسك بزمام العديد من الملفات الفلسطينية". وأضاف عوكل، أن العلاقة بين مصر وغزة، لا يمكن تجاوزها، أو المغامرة بتجاهلها، وهو الأمر الذي يستدعي وفق تأكيده، أن تبحث حركة حماس عن حلول سريعة وسياسية لترميم العلاقات بينها وبين مصر. وتابع:" على حركة حماس أن تبقى في حالة هدوء مع مصر، وأن تبتعد عن أي اشتباك سلبي مع مصر، وبمساعدة أطراف فلسطينية وعربية، وحتى دولية حركة حماس قادرة على ترميم هذه العلاقة، وتجاوز قرار المحكمة وتداعياته". وعلى حركة حماس، أن تقوم بتكليف محامين أكفاء للاستئناف على قرار المحكمة المصرية، إلى جانب إجراء اتصالات مكثفة مع المستويات السياسية والأمنية في مصر لتدارك "القرار" والعمل به كما يقول عوكل. ويتفق المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية المحلية، مصطفى إبراهيم، مع الرأي السابق (عوكل)، في ضرورة ابتعاد حركة حماس عن ما وصفه ب"القرارات العاطفية" وردود الفعل "المتهورة" و"المتشنجة" التي قد تزيد وفق قوله "الاشتعال" و"التوتر" بين الجانبين. وأضاف إبراهيم، أن القرار صعب وخطير، ومُزعج لكافة القوى والفصائل الفلسطينية غير أن حركة حماس، عليها أن تدرك أن قطاع غزة، يجب أن يكون في منأى عن "دفع الأثمان". وتابع:" من الممكن أن يتم معالجة القرار سياسيا، ودبلوماسيا، فمصر تدرك جيدا ما تمثله حركة حماس من وزن سياسي في المنطقة، وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتوليها للعديد من الملفات في مقدمتها المصالحة، والمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل". وأكد إبراهيم، أن حركة حماس لا تزال هي من يتولى الكثير من القضايا في قطاع غزة، ويدير حياة أكثر من مليون مواطن، وتسيطر على المعبر البري الوحيد وتدير شؤونه. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ إطاحة قادة الجيش، بمشاركة قوى شعبية وسياسية ودينية، بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو 2013. ويرى إبراهيم أن حركة حماس مطالبة أكثر من أي قت مضى في تحقيق بنود المصالحة مع حركة فتح، والتعامل وفق المتغيرات من منطلق وطني. ويصف مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، قرار المحكمة المصرية بأنّه خطير، نظرا للعلاقة بين مصر وغزة "التاريخية" و"السياسية". ويضيف أبو سعدة، أن ثمة ملفات عالقة في غزة تستوجب أن تدار بحكمة من قبل كافة الأطراف الفلسطينية والمصرية. وتابع:" كل الملفات التي تربط غزة بمصر، ستتعطّل، وفقا لهذا القرار، خاصة إن اتخذت حركة حماس ردة فعل قوية ورفضت التعامل مع المصالحة، أو المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل". ويرى أبو سعدة أن حل إشكالية حماس مع مصر في الوقت الراهن، تستدعي تدخل أطراف دولية وعربية، لفك ما وصفه ب"الاشتباك"، وتحسين العلاقات بين الجانبين، لتجنيب قطاع غزة ما أسماه ب"الأثمان السياسية". ويجب وفق أبو سعدة معالجة الأزمة على نحو يراعي مصلحة سكان قطاع غزة (أكثر من 1.8 مليون فلسطيني)، وأن يتم الفصل بين البعد السياسي والإنساني، وتلبية احتياجات قرابة مليوني فلسطيني، يعانون أشد المعاناة، جراء إغلاق معبر رفح. وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية. وفي الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت حركتا فتح وحماس في القاهرة على اتفاق يقضي بتنفيذ كافة بنود تفاهمات المصالحة، بعد جلسات من الحوار دامت ليومين. واتفقت الحركتان على تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الذي وقع عليه في نيسان/أبريل الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده. وتنص التفاهمات، على" تمكين حكومة التوافق ووزرائها كل في مجال اختصاصه من العمل" في مناطق السلطة الفلسطينية وبينها قطاع غزة، و"تذليل العقبات التي تعترض عملها وصولا إلى دمج الموظفين في كافة الوزارات". غير أن تلك التفاهمات لم تر النور، ولم تتسلم حكومة الوفاق الوطني أيا من مهامها، حتى اليوم ، بسبب الخلافات السياسية بين الحركتين. وبرعاية مصر توصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في 26 أغسطس/ آب الماضي إلى هدنة طويلة الأمد، أوقفت حرباً إسرائيلية على قطاع غزة دامت 51 يوماً؛ ما تسبب بمقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وجرح أكثر من 11 ألفا آخرين، وتدمير آلاف المنازل. وكان وزير الخارجية النرويجي يروج برندي، قال في وقت سابق لوكالة الأناضول إن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستستأنف بعد الانتخابات البرلمانية (الكنيست) الإسرائيلية القادمة والمقررة في مارس/ آذار المقبل.