دخلت الأزمة بين القضاة والنظام منعطفا جديدا في الأيام الأخيرة بعد معاناة نوادي القضاة في المحافظات من أزمة مالية جادة أثر قيام وزارة العدل بإيقاف تقديم الدعم المالي إلى نادي القضاة بالقاهرة ومختلف النوادي بالأقاليم والذي يبلغ 60 مليون جنيه سنويا. وتوقعت المصادر أن يتضاعف الغضب الحكومي ضد القضاة بعد قيام المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية بالإعلان عن قبول النادي لتبرعات وهبات من المواطنين ورجال الأعمال والعديد من المنظمات المدنية لإنقاذ النادي من أزمة مالية طاحنة ، وتهديد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة بالقاهرة بالإقدام على خطوة مماثلة لمواجهة تنامي الضغوط الحكومية على القضاة لتقديم تنازلات فيما يخص استقلال القضاء. وحذرت مصادر بنادي القضاة بالقاهرة من أن النادي يتجه إلى كارثة مالية نتيجة عجزه عن تدابير الأموال اللازمة لصرف الرواتب الخاصة بالعاملين بالنادي وتمويل الاحتياجات اليومية له فيما ينذر بمواجهة شديدة بين النادي والنظام خصوصا أن هذه العقوبات قد أسهمت في تنامي التشدد داخل صفوف القضاة الرافضين لأي تدخل حكومي في شئونهم وإخضاعهم لسطوة مجلس القضاة الأعلى. في سياق متصل ، رفض مجلس القضاة الأعلى الرد على مراسلات من نادي القضاة بخصوص أسباب وقف الحركة القضائية التي كان مقررا إعلانها منذ عدة أشهر وهو ما أغضب النادي بشدة ، حيث هدد عدد من رموزه برفع دعاوى قضائية لإجبار المجلس على إعلان الحركة القضائية أو إعلان أسباب وقفها ، فيما فسرت مصادر هذا الأمر بأن القضاة يدركون أن وجود عدد من أبناء قضاة مؤيدين لاستقلال القضاة ضمن هذه الحركة هو سبب وقفها حتى الآن غير أن المصادر أعلنت أن هذا الموقف لن يثني القضاة عن استمرار مواقفهم الرافضة للقبول بأي حلول وسط فيما يخص استقلال القضاة. من جانبه ، أوضح المستشار هشام جنينه سكرتير عام نادي القضاة أن سلاح العقوبات لن يفت في عضد القضاة بل سيزيدهم إصرارا على رفض التدخل الحكومي في شئونهم ، مشيرا إلى أن هذه العقوبات ستؤثر على عدد من المشروعات من بينها مدينة القضاة ومشروع الحاسب الآلي لكل قاض وستدخل النادي في أزمة مالية طاحنة. ونفي جنينه وجود أي خلافات بين القضاة حول القبول بحل وسط مع النظام أو تنازلات متبادلة بين الطرفين ، مشيرا إلى أن القضاة لن يقبلوا بتقديم أي تنازلات فيما يخص مشروع قانون السلطة القضائية. من جهته ، شدد المستشار محمود الخضيري رئيس نادي القضاة الإسكندرية على ضرورة وجود دعم شعبي ونخبوي للقضاة في صراعهم مع السلطة لان ما يريده النظام للقضاة سيحول السلطة القضائية إلى مجرد ديكور في يد النظام وسيشل أي قاض عن إصدار حكم قضائي عادل. وأوضح الخضيري أن النادي سيلجأ إلى التبرعات الشعبية والهبات لمواجهة محاولات الحصار المالي التي لجأ إليها النظام كأداة للضغط على القضاة ، خصوصا أننا ننظر للشعب كشريك أصيل في الحفاظ على استقلال القضاة ، كونه الضحية الأولي لوجود قضاء مستأنس تحت السيطرة الحكومية. من ناحية أخرى، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز " الأمريكية أن فقدان ثلاثة من القضاة من نواب رئيس محكمة النقض ممن اعتادوا على انتقاد الرئيس مبارك والتحدث إلى وسائل الإعلام مطالبين بإجراء تحقيقات فيما شاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة من تزوير وعنف لحصانتهم القضائية يشير إلى الحكومة تريد السيطرة على القضاة برفض مطالبهم الرامية لترسيخ استقلال القضاة من خلال الإصرار على رفض مشروع قانون السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة . وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء القضاة سيمثلون أمام النائب العام للتحقيق معهم في بلاغ تقدم به أحد القضاة، الذين اتهموا بالتلاعب بنتائج الانتخابات ، ونقلت عن المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض وأحد المحالين للنائب العام ، قوله إن الحكومة تتحرك الآن ضد القضاة على نطاق واسع في محاولة للضغط عليهم لعدم تلبية مطالبهم الرامية لزيادة استقلال القضاة. وأضاف البسطويسي "أن هذه محاولات حكومية لإسكاتنا لكن لن نسكت لأن مصر تستحق الحرية والديمقراطية وانتخابات حرة شفافية وعادلة ". ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الحكومة تعمل أيضا على السيطرة على جماعة الإخوان المسلمين وقد أجلت الانتخابات المحلية لمدة عامين لهذا الغرض.