"لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون أستراليًا أو كنديًا"، أحلام تراود صحفي الجزيرة المصري الجنسية فقط، باهر محمد، بعد أن ظل أسير القضبان، وحيدا بعدما تركه رفيقاه بيتر جريستي ومحمد فهمي، اللذان منحتهما جنسيتهما الأسترالية والكندية جناحي الحرية، ليغردا بعيدا عن أم الدنيا، التي صارت نكبة لحامل جنسيتها. وكأنه جرم في حق النفس أن تكون "مصريا" فقط دون جنسية أخرى، لأن عفو النظام لا يطول إلا ممزوجي الجنسية أو الحاملين غير المصرية، عفوا لم يلتفت لآلاف المعتقلين خلف القضبان لأنهم مصريون فقط، أصابتهم لعنتها فأصبحوا مصريين "حاف".
في القضية المعروفة إعلاميا ب"خلية الماريوت"، ثلاثة صحفيين منتسبين لفضائية الجزيرة، اثنان منهم طالتهم الصرخة الإعلامية والقضائية والحقوقية الدولية ففكت أساويرهم الحديدية، وبقي الثالث، لأن جواز سفره مختوم بختم النسر، جريستي خرج لأنه أسترالي، فهمي ممكن يخرج لأنه كندي مصري، وسيصبح كنديًا فقط، لأن القانون سيحميه لو أصبح نقيًا من الجنسية المصرية، بينما باهر مصري فقط بلا سند بجنسية أخرى.
باهر محمد، صحفي مصري يعمل في قناة الجزيرة الإنجليزية، قضت محكمة جنايات القاهرة في يونيو 2014 بسجنه عشر سنوات.
تنقل باهر بين عدد من المؤسسات الصحفية، حيث تعاون مع صحيفة "أساهي شيمبون" اليابانية، وشبكة "سي إن إن" الأميركية، وقناة "برس تي في" الإيرانية قبل أن يلتحق بشبكة الجزيرة الإعلامية، حيث غطى الأحداث قبل بيان 3 يوليو الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي.
وجهت له ولزميليه بيتر غريستي ومحمد فهمي عدة تهم من أبرزها الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين -المصنفة تنظيما إرهابيا من قبل الحكومة المصرية - وتكدير السلم العام، ومساعدة المتهمين في ارتكاب جرائمهم من خلال إمدادهم بمواد إعلامية ونشرها.
ظل "باهر" رفقة زميليه قيد الاعتقال، وخلال محاكمته ورفيقيه لم تتضمن اللائحة التي قدمتها النيابة أي دليل حسي قاطع يدين صحفيي الجزيرة، ولم تتضمن سوى فيديوهات من قنوات غير الجزيرة وتسجيلات صوتية رديئة الجودة وغير مفهومة.
أمرت السلطات المصرية أمس الأول الأحد بالإفراج عن الصحفي الأسترالي بيتر جريست وترحيله إلى بلاده، فيما تشير العديد من التقارير الإخبارية والتصريحات الرسمية إلى اقتراب ترحيل الكندي محمد فهمي، غير أن مصير زميلهما الثالث وهو المنتج باهر محمد لا يزال غير معروف.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كينيث روث، في تغريدة على "تويتر": "من سيهتم بالصحفي المصري باهر محمد بعد ترحيل زميله الأسترالي واقتراب ترحيل زميله الكندي محمد فهمي"؟
وكانت أصدرت محكمة جنايات القاهرة في يونيو 2014 أحكاما بالسجن ما بين سبع وعشر سنوات على تسعة من صحفيي شبكة الجزيرة الإعلامية، وقضت في حق الزميل محمد بالسجن عشر سنوات، بينما حكمت على جريستي وفهمي بالسجن سبع سنوات حضوريا.