يتهرب بعض الناس من النظر في تجاربهم الفاشلة فلا يقفون أمامها بالنظرة الجادة التي تفيد أوتضيف إلى حصيلة الخبرة , وتقي من تكرار الخطأ في المسألة الواحدة أو ما يشبهها من مسائل , وسنتعرض في هذا المقال لبعض أسباب الفشل كي نتعرف على طريق النجاح وهي كمايلي:- 1- التنازع بين القادة , فمتى وقع ذلك تنافرت القلوب وانشغل كل واحد بمهاجمة الآخر والطعن عليه والخوض في عرضه , وكل هذا أعطانا القرآن الكريم نتيجته في الآية الكريمة ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا , إن الله مع الصابرين ) فالعلاج يكون بالصبر على مايقع من خلاف وعدم بلوغ حد التنازع الذي يولي فيه القادة ظهورهم لبعض , ويرفضون مساعي الصلح ولمّ الشمل . 2- عدم إدراك الواقع القائم , فنجد أن هناك من يطبق أصل الحكم الشرعي على واقع مغاير فيقع الاضطراب بل وربما يسقط في المحرم والمحظور لأن فهم الواقع يساوي نصف الفتوى , فمن تجرد عن واقعه وانسلخ منه وبات ينظر من خلال أحكام مجردة ضل طريق الصواب في التعامل الصحيح مع الموقف . 3- ترك المشورة , إذ أنها لقاح العقول وصولاً إلى الرأي الأصوب , فمن ترك مشورة الأعوان كان مستبداً بالرأي متبعاً لهواه , متعدياً على حق إخوانه في المشاركة , خاصة أن المشورة صفة من صفات أهل الإيمان الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى في قوله (وأمرهم شورى بينهم ) . 4- عدم الاستفادة من التجارب السابقة , لأن ترك النظر فيها يؤدي إلى احتمال الوقوع في نفس الخطأ , كما أن إغفال الدروس المستفادة منها يخصم من رصيد الخبرات التي ينبغي أن تزداد مع تركم التجارب يقول الإمام على رضي الله عنه ( وفي التجارب علم مستأنف ) أي أنه علم جديد يضاف إلى العلوم . 5- رسم الأهداف خارج حدود الاستطاعة والقدرة , فهناك من يعيش في أحلام وأوهام فيضع التصورات وفقاً لخيالة بما لا يتناسب مع قدراته الحالية أو المتوقع تحصيله , فيقع في المحظور , ويعجز عن الوفاء بالأهداف في موعدها المحدد , فإذا علم الإنسان أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فلا ينبغي له أن يكلف نفسه مالا طاقة له به , أو يوجب على نفسه مالا يوجبه الشرع . 6- تقديم أهل الثقة على أهل الكفاءة وهوخلل يظهر دائماً عند ثورات الشعوب , وأيضاً عند بعض الجماعات أو الأحزاب السياسية التي يتزعمها فريق من الناس لمدة طويلة , فيقدمون من يواليهم , ويستبعدون من يناصحهم ولو كان كفؤاً , ومن الملاحظ أن هذا الفهم يحدث اضطراباً في الجهاز الإداري بالمؤسسة ويحوّل بعض العاملين إلى خصوم أو غير متعاونين , وربما تقلص تعداد الكيان وربما إزداد عدد المدّاحين للقيادة مما يضر بها لفقدان الناصح الأمين . 7- سوء التنظيم والإدارة , وذلك بالصدام المتكرر مع المرؤوسين , وعدم رعاية الجوانب النفسية للعاملين في الكيان , وعدم ربط جودة العمل بالأجور , وترك مقترحات العاملين النافعة , والوقيعة بين المسئولين بنقل إنتقاداتهم إلى بعضهم البعض , وعدم تخصيص المهام على وجه التفصيل , وعدم احتواء الخلافات وعلاجها سريعاً , وعدم وجود جهة للتقاضي أو التحكيم عند الاختلاف . 8- تغليب المصلحة الذاتية على المصلحة الوطنية إذ أن هناك من الكيانات من ينغلق على ذاته فلا يرى إلا أتباعه ولا يستعمل سواهم في العمل العام , وهذا منهج خاطئ يزيد من رقعة المعارضين , كما أن هناك من الكيانات من إذا تعارضت مصلحته مع مصلحة الوطن قدّم مصلحته هو وأتباعه , وبالتالي سيبقى منبوذاً , إذ أن الناس في العادة تحب المضحين والمنفقين والحلماء , وتبغض أهل الأثرة والشح والغضب . 9- تفشي الظلم والفساد بين الناس لكون الفساد يفتح أبواب الشر داخل المجتمع ويؤذن بالعقوبة الإلهية مثل المظالم تماماً التي إن كثرت عجل الله العقوبة للبغاة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أسرع ما يعاقب به العبد في الدنيا قبل الآخرة البغي وعقوق الوالدين ) وقال تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة , واعلموا أن الله شديد العقاب ) . 10- الصدام مع سنن الله الكونية ,فلله تعالى سنن لا تتبدل ولا تتحول فعلى المرء ألا يتصور أنه سيمضي ما يريده على خلاف سنن الله , بل عليه أن يتوافق مع سنن الله الكونية ( فالتنازع مقدمة الفشل – والنصر مع الصبر – وإن مع العسر يسرا ) وهكذا سنن عديدة يلزم الاطلاع عليها ومراعاتها عند العمل . وهكذا أكون قد قدمت شيئاً للقارئ عن أسباب الفشل الذي يلحق أحياناً بالمؤسسات أو الكيانات أو الدول , فعلى كل مسئول أن يراجع نفسه وينظر في هذه الأسباب وغيرها من الأسباب المعنوية التي وردت في كثير من الكتب الإدارية والشرعية والتفاسير القرآنية كي يضع نفسه ورعيته على طريق النجاح الذي لا يمكن التعرف عليه قبل معرفة أسباب الفشل المانعة من بلوغ الغايات . والله المستعان