سار فوق ترابها أنبياء الله يعقوب وعيسى وعاش فيها موسى وإلياس ودفن بأرضها هارون وصالح عليهما السلام . خصها الله بمكانة مميزة فى تاريخ البشرية حيث وطئ ترابها إبراهيم وعبرها يوسف واتجه إليها موسى عليه السلام وكلم ربه وتلقى الألواح فى الوادى المقدس طوى ، ومر بها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام فى رحلة الإسراء والمعراج ... أقسم الله بها فى قرآنه الكريم. "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " (التين ) ، وعلى أحد جبالها تجلى الله سبحانه وتعالى بنوره الكريم ، ووصف المكان بالمقدس "فاخلع نعليك إنك بالوادى المقدس طوى"( طه ) و بالبقعة المباركة التي خصها الله تعالي بنوع من الشجر يمتاز دون غيره بأعلى القيم الدوائية والغذائية "وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين" ( المؤمنون) وعلى أرض الوادى المقدس حدثت معجزات لنبى الله موسى بداية من تكليم الله له ثم معجزة شق البحر بالعصا ثم معجزة عيون الماء، قال الله تعالى: "وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين" ( البقرة ) وعيون موسي لازالت هناك لمن يعتبر ويتعظ ويرتدع ..!! جبل موسي عليه السلام شهد حدثاً إلهياً عظيماً، حيث كلم الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى، عليه السلام، وعليه تلقى ألواح العهد من ربه، ويحيط به الوادى المقدس طوى، وهو المكان الذى ورد عليه سيدنا موسى، ورأى فيه النار، وحدثت فيه المناجاة بينه وبين ربه، وقد حمل عدة تسميات منها جبل الطور، وجبل موسى، وجبل الله ، وجبل الشريعة، حيث موسى الوصايا العشر من الله سبحانه وتعالي . أسرى موسى بقومه من بني إسرائيل ليلاً هربًا وفرارًا من بطش فرعون وتنكيله حتى وصل البحر، فأتبعهم فرعونُ بجنوده بغيًا وعدوًا، فكان البحر من أمامهم و العدوُّ من خلفهم، أوشك اللحاق بهم والقضاء عليهم، حتى ظنَّ أصحابُه أنهم لمُدركون، لكنَّ استشعارَ المعية الإلهية والثقة العالية " كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ"( الشعراء : 62) فأوحى الله إليه أن يضرفب بعصاه البحر فانفلق حتى جمد الماء واتخذ موسى من البحر طريقًا يبسًا، سار عليه هو وقومه فنجوا جميعا .
سيناء ارض الفيروز التي شهدت صراعا بين الحق والباطل ، بين المؤمنين بقيادة موسي عليه السلام والمستبدين علي راسهم فرعون اللعين ، الان بعد الاف السنين يحاك لها ويمكر بها ويترصدها اعداء الاسلام في الداخل والخارج ، اصبحت مسرحا للصراع المرير بين الارهابيين والطامعين ، لكن الله سينجيها وينصر اهلها ويخذل المستبدين والطامعين والارهابين كما نصر موسي عليه السلام و خذل فرعون عليه لعنة الله حيث استعرض فرعون البحر بجيشه ، حتى إذا جاوزه موسى وقومه أراد موسي عليه السلام أن يضرب البحر ثانية حتي يذهب يبسه لكن الله نصحه " اترك البحر رهوا انهم جند مغرقون " وكانت ارادة الله افضل ، اراد موسي ان يفصل البحر بينهما فقط واراد الله ان يغرق فرعون ومن معه فيخلص البلاد من فساده و ينجي العباد من عناده ، لما وصل فرعون وسط البحر تحول الماء رهوا وغرق هو وجنوده، فالماء الذي نجي الله به موسي أغرق به فرعون ، إنما نجَّاه الله ببدنه فقط ليكون عبرةً لمن يعتبر وذكري لمن يتذكر وعظة لمن يتعظ بها كلُّ جبارعنيد متكبِّر في الأرض . العاشر من المحرم من أعظم أيام الله ، يُذكِّرُ الله فيه أهلَ الإيمان بنعمةٍ من أجلِّ نعمِه، وأعمقِها أثرًا، وأعظمها دلالةً، نعمةُ إنجاء موسى - عليه السلام - ومن معه من المؤمنين، وإغراق الطاغية فرعون وحِزبه وجنوده ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾ [الفجر: 11، 12]، حين استكبَروا في الأرض بغير الحقِّ، ونفَوا القيامة، وأنكَروا المعاد، وبلغ بفرعون عُتُوُّه وعلُوُّه وإسرافُه واستِكبارُه أن قال لقومه: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، وقال لهم أيضًا: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]. في اليوم العاشر من المحرم وعلي ارض سيناء وفي بحر سيناء أغرق فرعون ونجي موسي ، فكانت سيناء مقبرة الطغاة ومنجاة الدعاة الي الله ، ذهب فرعون ومن معه غرقًا لكن الله ابقي بدنه فقط ليعتبر الخلوف من بعده " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً"( (يونس: 92) و اتخذ اليهودُ هذا اليوم ( العاشر من المحرم عيدًا) تعبيرًا عن فرحتهم بنجاتهم من فرعون وبطشه، وتخلصهم من ظلمه وفساده ، وذلك بصيامهم هذا اليوم يوم عاشوراء، وكان من هدْي النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- أن أمر المسلمين بصيامه "نحن أولى بموسى منكم"؛ وتمييزًا للأمة الإسلامية كان من هدي النبي أن يُصام يومٌ قبله أو بعده 0 هل من عاشوراء جديد يفصل بين الايمان والطغيان ؟ هل من عاشوراء جديد يدحر المستبدين وينصر المؤمنين ؟ شهر المحرم يأتينا ليعلمنا أن اصحاب الحق سينتصرون بإذن الله علي عدوهم ، أما أهل الباطل سيزهقون مع باطلهم ويهزمون مع عنادهم ويولون الدبر .." وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا "( الفتح ) .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.