سيناء الأرض المقدسة من ثري مصر الأم.. مهد الاديان وعبق التاريخ.. وارض المستقبل المصري الواعد.. عاشت طويلا تحت يد الاحتلال.. والعزلة والتهميش في عهد النظام البائد- وقسوة الطبيعة ويد الانسان التي اتت علي كل مظهر من مظاهر الديانات القديمة.. ويقول عالمنا الجليل الراحل عبدالفتاح الشريف عن الديانات الفرعونية.. يؤمن الانسان بحكم فطرته ايمانا ثابتا بأن هناك قوة قاصرة تتحكم فيه وفي الكون الذي يحيط به وهذه القوه هي الاله الخالق الرازق الذي يستحق العبادة.. ولم يهتد الانسان القديم الي عبادة الله عبادة صحيحة.. بل اعتقد ان المظاهر الطبيعية كالشمس والقمر والرعد والنار تقمصتها شخصية الإله فأصبحت جديرة بالعبادة وهكذا اصبحت المنارات والكهوف المنتشرة في سيناء وخاصة في المناطق الجنوبية فيها مكانا تؤدي فيه العبادة لقوي الطبيعة المختلفة وكان القمر اظهر المعبودات وذلك لما له من فضل بارز علي الثري في ظلام الصحراء وانه يبدد ظلماتها ومخاوفها ويهدي الانسان الي السبيل.. وفي سنة 0851 قدم أحد ملوك الاسرة الثامنة معبدا للاله »هاتور« مازالت آثاره قائمة حتي يومنا هذا علي ان هذا لا يعبد اكثر من 05 خمسين ميلا عن جبل موسي المقدس.. الديانة اليهودية.. لا يستطيع الباحث ان يستدل من التاريخ علي وجود ديانه يهودية بالمعني الصحيح في سيناء اذا انه ليس بشبه الجزيرة من معالم الدين اليهودي ما يثبت ذلك.. فما حدث للاسرائيليين من العوامل المتعددة من قسوة الجو وتيههم في صحرائها الشاسعه ما استأصل معالم هذا الدين في المنطقة بل ومن نفوسهم ايضا علي ان سيناء لم تكن الا طريقا عبره الاسرائيليون في قدومهم ورواحهم فلئن كانت سيناء خلال تاريخها الطويل قنطرة تشهد في صمت الهجرات البشرية الواسعة سواء الزاحفة منها وراء الثراء والمعيشة الرغدة علي ضفاف النيل أو تلك التي تدفعها الافكار السياسية والاطماع العسكرية لئن كانت سيناء هذه القنطرة البشرية فقد كانت هجرة اليهود خلالها اكبر حدث سجله التاريخ في سيناء.. فليست هذه المنطقة غريبة علي سيدنا موسي عليه السلام فقد عبرها يوم ان خرج فارا من مصر بعد ان وكز احد اهلها فقضي عليه وهو يدافع عن الظلم عن قومه.. حتي القي عصا التيار بأرض مدين ومكث بها عشر سنين كانت مهدا لاحدي بناتها التي دخل بها في هذه الفترة الي مسقط رأسه والي اهله وعشيرته الذين خلفهم في مصر فعاد مره ثانية بزوجته واخيه وهنالك في عرض الصحراء وعلي جبل الطور ضل طريقه فأظلم عليه الليل المخيف ولفحة برد قارص فأذا بنور ساطع يكشف الظلمات فذهب موسي مسرعا الي مصدر ذلك النور يلتمس عنده الدفء والطمأنينة والهدي وشعر موسي بالسعادة الربانية واستمع الي ذلك الصوت الذي يملأ سمعه ونفسه يناديه الله تعالي ان يا موسي اني انا ربك فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوي.. الخ كانت تلك رساله الله الي موسي عليه السلام.. امره فيها بالذهاب الي فرعون الذي استهان بأمره وغضب حينما دعاه موسي عليه السلام الي عبادة الله عز وجل فقال له فرعون »لئن اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين« عند ذلك رأي موسي الا مفر من مغادرة مصر مرة اخري قاصدا ارض الميعاد.. متخذا طريقه عابرا البحر الاحمر الذي انشق له ولقومه حينما اشار اليه بعصاه وكان ذلك بالقرب من مدينة السويس فتتبعه فرعون بجنده يريد ان يظفر به ليفتك به والدين الجديد.. الذي يسلب منه عظمته وسلطانه فأراد الله سبحانه ان ينجي موسي وقومه ويغرق فرعون وجنده في البحر. فاخترق موسي وقومه برية سيناء حتي وصل الي جبل موسي وهناك ناجي موسي ربه وطلب منه ان يراه وانزل عليه الوصايا العشر المدرجة في سفر الخروج وذهب بها الي قومه وتتحدث هذه الوصايا عن وحدانية الله عز وجل وعن الاسس والاداب- وأراد الله ان يتم نعمته علي بني اسرائيل فأوصي سيدنا موسي ان يقودهم الي الارض المقدسة.. من بلاد الشام وهي ارض الميعاد التي وعد بها ابراهيم الخليل عليه السلام.. ولكنهم حينما سمعوا كلمة غزو لارض الميعاد واخراج الحبشيين والكنعانيين منها قالوا لموسي جبنا وضعفا في نهاية الامر إنا لن ندخلها ابدا ماداموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا أنا هاهنا قاعدون فتلفت موسي فلم يجد من يعتمد عليه من قومه سوي اخيه هارون فقال »رب اني لا أملك الا نفسي واخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين« فأوصي الله اليه انها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في البيداء ويضربون في مجاهلها ويتخبطون في نواحيها حتي يقتل كبراؤهم ويهلك رؤساؤهم ويذهب المؤرخون الا ان البلاد التي تاه فيها الاسرائيليون في سيناء هي الواقعة بين وادي فيران ووادي الاحبقية شمالا وجنوبا..