تصدر الوضع الأمني في سيناء مجددا اهتمامات وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية, حيث ذكر موقع "المونيتور" الأميركي أن تنظيم "أنصار بيت المقدس" في سيناء لجأ مؤخرا إلى تنفيذ خطط جديدة وفعالة تتمثل في تنفيذ عمليات تجفيف منابع المعلومات لدى قوات الأمن المصرية. وفجر الموقع في تقرير له في 15 أكتوبر مفاجأة مفادها أن التنظيم أسس مؤخرا جهازا أمنيا ومخابراتيا بداخله، وظيفته جمع المعلومات عن أبناء القبائل, الذين يمدون الجيش المصري بالمعلومات، ويتحركون معهم كمرشدين في العمليات العسكرية، وكذلك الموساد الإسرائيلي. وتابع "وبعد ذلك، يقوم التنظيم بخطف هؤلاء المرشدين وتعذيبهم, وتسجيل اعترافاتهم بالفيديو، والتعرف منهم على جميع المتعاونين مع الجيش، ومن ثم, قتلهم بالرصاص بالقرب من منازلهم, أو أمامها، لإثارة مخاوف الآخرين من أبناء القبائل, الذين يساعدون الجيش". وأشار الموقع إلى أن تنظيم "أنصار بيت المقدس" بدأ مؤخرا أيضا استعادة قوته رغم الضربات العسكرية والأمنية التي تعرض لها منذ أكثر من عام, موضحا أنه نجح بتغيير آلياته المتبعة في الحرب، دون أي تغيرات تذكر للجيش المصري، الذي يحتفظ بالروتين التقليدي في عملياته. واستطرد الموقع " التنظيم تخلى عن المواجهة المباشرة مع الجيش المصري، واتجه إلى الاختباء في المناطق الصحراوية, التي لا يعرف الجيش تضاريسها الوعرة, فيما اكتفى الجيش بتمشيط القرى التي ينتمي إليها عناصر التنظيم، وتدمير منازل أسرهم، واعتقال الأبرياء، في حين يعود مقاتلو التنظيم بعد انتهاء الحملات الأمنية، إلى القرى لإحكام السيطرة عليها, وزرع العبوات في الطرق". وفي السياق ذاته, اهتمت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية بواقعة تفجير خط الغاز بين مصر والأردن، الذي وقع مساء الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر، بمنطقة القريعة جنوب شرق العريش، بمحافظة شمال سيناء. وأوضحت الصحيفة، في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، في 15 أكتوبر أن سيناء تعاني من هجمات "المتشددين" منذ الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي، بل امتدت تلك الهحمات, لتصل إلى قلب القاهرة، حيث وقعت سلسلة من التفجيرات والاغتيالات. وأشارت الصحيفة إلى انفجار السيارة المفخخة, الذي وقع بمنطقة الإسعاف في وسط القاهرة مساء الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر, وأسفر عن إصابة أكثر من 12 شخصًا بجروح، وربطت الصحيفة بين وقوع هذا الانفجار, وبين أحكام الإعدام التي صدرت بحق 7 من المتشددين، الذين اتهموا بقتل جنود مصريين العام الماضي، في إشارة إلى عادل حبارة، وآخرين، ممن اتهموا في القضية المعروفة إعلاميًا ب "مذبحة رفح الثانية". وأضافت "لقد استهدف المسلحون خطوط أنابيب الغاز بين مصر والأردن وإسرائيل، بشكل منتظم منذ ثورة 25 يناير, التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وقد دفع ذلك الأردن إلى البحث عن مكان آخر لإمدادها بالغاز الطبيعي، وفي شهر سبتمبر الماضي، أنجزت شركة الكهرباء الأردنية ومجموعة نوبل إنرجي الأمريكية، صفقة تقدر بنحو 15 بليون دولار، لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي من إسرائيل". وتابعت "الحكومة الأردنية رحبت بهذا الاتفاق لأنه سيساعد بشكل كبير شركة الغاز الوطنية، التي عانت ماليًا في السنوات الماضية، وذلك بعد توقف صادرات الغاز من مصر بسبب الاضطرابات". وكانت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية ذكرت أيضا في تقرير لها في 7 أكتوبر أن السلطات المصرية لم تنجح في القضاء على "الإرهاب", الذي بات ينتشر في أنحاء البلاد, وليس سيناء فقط. وأضافت الصحيفة أنه رغم بدء السلطات المصرية حملة أمنية واسعة للقضاء على الإرهاب في سيناء منذ أكثر من عام, إلا أن العمليات الإرهابية تزايدت وانتقلت إلى محافظات أخرى. وتابعت الصحيفة أن الدليل على عجز مصر عن القضاء على "الإرهاب", الذي يحاول إسقاط هيبة الدولة, هو تزايد الهجمات التي تستهدف رجال الأمن تحديدا, ما بث الرعب في قلوب المواطنين العاديين. وأشارت "لاريبوبليكا" إلى أن الجماعات الإرهابية بدأت تتوسع في عملياتها, لتخويف قوات الأمن المصرية، حتى يتوقفوا عن تطهير سيناء، التي اتخذتها بعض تلك الجماعات مقراً لها. ومنذ عزل مرسي في 3 يوليو 2013، تعيش شبه جزيرة سيناء على وقع عمليات المسلحين, التي يصفها الجيش بالإرهابية، وعمليات الجيش التي يصفها السكان بالعقابية. وشهدت سيناء خلال الأسابيع القليلة الماضية انتشارا لعمليات ذبح مواطنين من قبل مجهولين، وفي ثاني أيام عيد الأضحى، عثر الأهالي -على الطريق الدولي الذي يربط مدينتي العريش والشيخ زويد- على ثلاث جثث مقطوعة الرأس، وتداولوا صورة لأحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي مقطع فيديو منسوب لجماعة "أنصار بيت المقدس" ، أعلنت الجماعة مسئوليتها عن عملية الذبح، وقالت إن المذبوحين الثلاثة "عملاء يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي". وحذرت الجماعة كل من يتعامل مع إسرائيل بالرجوع عن ذلك, أو "الذبح", وقال أبو عبد الله السويركي -أحد سكان جنوب الشيخ زويد- لقناة "الجزيرة" إن الشهرين الماضيين شهدا ذبح أكثر من 15 شخصا، مشيرا إلى أنه تم العثور على جثثهم في أماكن مختلفة منها مدينة رفح المصرية, وطريق "البرث" وبئر "لحفن". وأضاف السويركي أن عمليات الذبح ازدادت في الآونة الأخيرة, تزامنا مع انتشار المسلحين في المنطقة، وهو ما يعكس عدم سيطرة الجيش على مناطق كثيرة بسيناء، على حد قوله. وقال شهود عيان وبعض أهالي منطقة البرث الواقعة غرب مدينة الشيخ زويد، إن مسلحين ملثمين خرجوا أول وثاني أيام عيد الأضحى وهم يستقلون سيارات دفع رباعي عليها أسلحه ثقيلة، ورفعوا "رايات سوداء" وهم ينشدون "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وأبدى كثير من أهالي سيناء استياءهم من غياب الجيش أمام هذا المشهد في الوقت الذي يحارب فيه كل من يحمل سلاحا من الأهالي، خاصة أن هذا "العرض العسكري" للمسلحين, تزامن مع إصدار الجيش بيانات قال فيها إنه قتل مئات المسلحين في سيناء. ووفق الأهالي, فإن الجماعات المسلحة تنظم بعض الكمائن على الطريق وفي قريتي رفح المصرية والشيخ زويد ومحيطيهما, للبحث عن شخصيات "مطلوبة لديها". ويشكو كثير من أهالي سيناء من الحملات الأمنية التي ينظمها الجيش ردا على ما يقوم به المسلحون في سيناء, ويتهم عدد من سكان قرية "المهدية" في مدينة رفح الجيش بمحاولة إيصال رسالة إلى المسلحين عبر معاقبة السكان باعتقالهم وحرق منازلهم وتهجيرهم، مضيفين أن النساء والأطفال باتوا يواجهون العقاب بعدما اعتقل أو قتل أو هرب أزواجهم. تجدر الإشارة إلى أنه أعلن عن تأسيس تنظيم "أنصار بيت المقدس" بعد ثورة يناير 2011 , وتبنى التنظيم في البداية إطلاق صواريخ على إسرائيل، لكنه أصبح لاحقا, يتبنى بانتظام هجمات على قوى الأمن المصرية منذ عزل مرسي . وقال مسئولون أمنيون مصريون إن الجماعة ترتبط بصلات بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش", الذي تستهدفه الآن ضربات جوية من تحالف دولي تقوده الولاياتالمتحدة بعدما اجتاح مساحات واسعة في العراق وسوريا. وظلت سيناء حتى وقت قريب "أرض الحرب والسلام"، لكنها اليوم باتت تعرف باسم "أرض الحرب والإرهاب"، فبعد استرداد آخر شبر منها عام 1982 من إسرائيل، عانت أرض الفيروز من تهميش من كل الحكومات المتعاقبة، مما جعلها مرتعا خصبا للإرهاب. وبينما تؤكد التقارير الرسمية المصرية أن الحملة الأمنية في سيناء تسير كما ينبغي، تتسرب بين وقت وآخر تقارير تتحدث عن تجاوزات كبيرة تقع ضد المدنيين . وبحسب التقرير الأخير الصادر عن المرصد المصري للحقوق والحريات، فإن الانتهاكات, التي وقعت ضد المدنيين في سيناء منذ انطلاق الحملة الأمنية الأخيرة, قبل عام, شملت 549 حالة قتل خارج القانون، و7365 حالة اعتقال تعسفي، و493 حالة هدم للبيوت, وتهجير قسري للسكان، و314 حالة اختفاء قسري, بالإضافة إلى حوادث قتل جنود, لم تنشر التحقيقات فيها, كان أبرزها حادثة مقتل 17 جنديا أثناء تناولهم طعام إفطار رمضان في أغسطس 2012 , بعد حوالي شهر من تولي الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم.