من الأن فصاعدا .. علينا أن نعيد قراءة التاريخ وكتابته بطريقة مختلفة عما جرت به عادة المؤرخين . فأسباب النصر أو الهزيمة في الحروب لا علاقة لها بمستوي التدريب أو مدي تقدم الأسلحة وتطورها . ولا الخطة التي يدخل بها أحد الجيوش الحرب ضد جيش معادي . أو مدي استعداد هذا الجيش وظروفه . . هناك أسباب أخري للنصر أو الهزيمة كنا نجهلها جميعا لأننا لم نقرأ عنها في كتب التاريخ أو في سجلات الحروب ويوميات القادة أو مذكراتهم .. اسبابا أخري كشف عنها المرشد العام للإخوان المسلمين مؤخرا . حين قال بأن هزيمتنا في 56 و67 لا علاقة لها بالأسباب المعروفة في حسابات انتصار الجيوش أو هزيمتها . ولكن لها علاقة مباشرة ووحيدة بموقف النظام الحاكم من الإخوان المسلمين . فإذا كان هذا النظام الحاكم علي علاقة جيدة ويحظي برضا الإخوان وتأييدهم . جاء النصر لجيشه في الحرب . أما إذا كان عكس ذلك فلم يحظ برضا الإخوان وكان علي خلاف معه . جاءت الهزيمة المنكرة التي يستحقها عقابا له علي استبعاد الإخوان أو الخلاف معهم ! هذا هو ملخص الرأي الذي أفادنا به فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين في تصريحاته التي أدلي بها مؤخرا . والتي كشف فيها عن الأسباب الحقيقية وراء هزائمنا المتوالية أمام إسرائيل . وهي أسباب مختلفة بطبيعة الحال عن الأسباب التي ذكرها المحللون والخبراء العسكريون أو التي سجلها المؤرخون في كتبهم . وإذا كان مبارك قد سقط بنظامه فلم يسقط - كما يري المرشد في تحليله البديع - بسبب فساده الذي استشرى ولا طغيانه الذي عم فطغي . ولا الظلم الذي ألحقه بجموع الشعب وطوائفه . بل بسبب ظلمه للإخوان وتنكيله بهم وحدهم . أما ظلمه لكل طوائف الشعب الأخري وتنكيله بهم . فلم تكن من الاسباب التي عاقب بها الله تعالى مبارك ونظامه . فهؤلاء من غير الإخوان فكانوا يستحقون الظلم الذي ألحقه بهم مبارك . وكانوا يستحقون التعذيب والإفقار لأنهم لم يكونوا من الإخوان ولم ينتموا إلي الجماعة ليصبحوا في زمام "الفرقة الناجية" التي تحظي برعاية الله لها وعقاب من يلحق بها الظلم والضرر !! هكذا قدم لنا فضيلة المرشد تفسيرا جديدا للتاريخ . علينا اعتماده تفسيرا وحيدا يحظي بالموضوعية والتأييد . ويبدو أن المسلمين قد انهزموا في "أحد" ،و"حنين" - والرسول صلى الله عليه وسلم قائم بينهم - لأنه لم يكن من الإخوان المسلمين ولا ينتمي إلي جماعتهم أما دول الحلفاء مثل انجلترا ، وأمريكا، وفرنسا ، وغيرها فقد انتصرت في الحرب العالمية الثانية لأنها كانت تؤمن بالله ورسوله تماما كما هي عقيدة الإخوان .. بل إن إسرائيل قد انتصرت في كل حروبها معنا لأنها كانت ترضي عن الإخوان وتؤيدهم . وقد من الله عليها بنصره المؤزر علي الجيوش العربية التي كانت أنظمتها تنكل بالإخوان وتزج بهم في السجون والمعتقلات !! وإذا كان النصر يأتي من الله مكافأة .. وتأتي الهزيمة منه عقابا .. فلماذا لم ينتصر الإخوان طيلة ثمانية عقود من تاريخهم لم يحرزوا خلالها نصرا واحدا علي خصومهم في صدام من صداماتهم المتكررة مع كل الأنظمة الحاكمة ملكية كانت أو جمهورية؟! وما هو الذنب الذي ارتكبه قادتهم حين علقوا علي أعواد المشانق أو تم إدخالهم السجون كعقاب إلهي بسبب ارتكابهم له .. لماذا قتل البنا ، ولماذا شنق الأخرون ، وسجن الباقون ؟! هل كان القتل واشنق والسجن والاعتقال عقابا من الله أم مكافأة منه؟ .. وإذا كان مكافأة إلهية فلماذا خص بها الله هؤلاء ولم يعممها علي الباقين.. الم يكونوا إخوانا مخلصين للجماعة ليكافئهم الله بالقتل أو الشنق كما كافأ غيرهم ؟!