اعتبر قانونيون أن رفض مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، التصديق بالموافقة على إعدام 14 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "أحداث مسجد الاستقامة" يشكك في شهادة الشهود التي وصفها البعض بالشهادة المجروحة وعدم الوثوق بالأدلة، الأمر الذي يترتب معه رفض المفتي حكم الإعدام على جماعة الإخوان المسلمين، بينما يرى القضاة أن رأي المفتي استشاري وغير ملزم ولن يقيد المحكمة برأيه ولها مطلق الحرية في إصدار حكم الإعدام من عدمه. وقال الدكتور فتحي عثمان الفقي، الأستاذ بكلية الشريعة الإسلامية، إن رأي مفتي الجمهورية من الناحية القانونية غير ملزم للمحكمة، يمكن أن يأخذ أو لا يأخذ به، مشيرًا إلى أن ما يوقع في ذهن هيئة المحكمة وتطمئن إليه تصدر حكمها بالإعدام، حسب الأدلة التي عرضت على المحكمة واقتنع به القاضي وارتضى بها. وأضاف أن حكم الشريعة الإسلامية مختلف عن حكم المحكمة، مؤكدًا أن المفتي قبل أن يؤيد حكم المحكمة بالإعدام على أي متهم مهما كان لابد أن تكون الأدلة يقينية، مشيرًا إلى أن الحكم في الشريعة الإسلامية يعتمد على البيانات الموثوق منها والتحقق من عدالة الشهود. وأشار إلى مدى عناية الشريعة الإسلامية بعدالة الشهود بمعنى أن تكون الشهادة صحيحة، وشرط أن يكون الشاهد صادقًا وليس كذابًا أو مشكوكًا في شهادته أو شخصًا يتبول على نفسه، أو شخصًا معتوهًا على حد وصفه أو بلطجيًا، موضحًا أن هذا أمر يتعجب منه العالم كله، مؤكدًا أن هذا ليس نوعًا من المبالغة، حيث إن الشريعة الإسلامية اشترطت ألا تكون الشهادة مجروحة، لذلك المفتي رأى أن عدالة الشهود مجروحة، الأمر الذي يترتب عليه عدم قبول شهادته، لوجود بعض الصفات التي سبق وذكرناها في الشاهد الذي تيقن للمفتي أن عدالة الشهود مجروحة ومشكوك فيه. وأكد أنه بناء على كل ما ذكر تطمئن نفس المفتي لم قدم إليها من أدلة لرفض حكم الإعدام على المتهم أيا كان، مشددًا على ضرورة أن تكون شهادة الشهود صحيحة وسليمة لتأييد حكم الإعدام. وقال إن في الشريعة الإسلامية ما يسمى بالمذكي للشهادة، مؤكدًا أنه للأسف دائمًا القاضي شهادته مجروحة لأنه لا ينظر إلا للأدلة التي أمامه دون التحقق من الشهود، مشيرًا إلى أنه عندما رفض المفتي حكم الإعدام رأى في نفسه طبقًا لشروط الشريعة الإسلامية أن هناك بعض الأشياء التي لا تريح نفس المفتي لعدم اقتناعه بالأدلة وتشككه. واعتبر الفقي أن يفلت متهم من العقوبة خير من أن يدان بريء، مشيرا إلى مدى عناية الشريعة الإسلامية أثناء إزهاق الروح ومدى رحمتها، لابد أن تكون الأدلة 100%، دون أن تحيط المفتي أي شكوك تجرحه العدالة. من جانبه، قال المستشار عبد الستار إمام، رئيس محكمة جنايات القاهرة، إن قانون الإجراءات الجنائية أوجب على محكمة الجنايات، في حالة اتجاه المحكمة إلى الحكم بالإعدام، يوجب القانون على المحكمة أخذ رأي المفتي من الناحية الشرعية، لافتًا إلى أن رأي المفتي استشاري وليس ملزمًا للمحكمة. وأوضح أن المفتي يبدي رأيه من الناحية الشرعية فقط ثم تعاد القضية للمحكمة، وللمحكمة مطلق الحرية في إصدار الحكم، حيث إن أخذ رأي المفتي وجوبي، ويمكن للمحكمة أن تصدر حكمها دون تقييد برأي المفتي، ولكن المشرع أوجب على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي المفتي ثم إبداء الرأي بإجماع الآراء وإذا قضت بالإعدام تعرض مذكرة عرض على محكمة النقض لتنفيذ الحكم" قائلا: "كل هذا ضمانات أوجبها المشرع قبل صدور حكم الإعدام". وكان الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رفض الموافقة على إعدام 14 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "أحداث مسجد الاستقامة"، حيث اعتبر المفتي أن أحكام الإعدام الصادرة ضدهم تفتقر للأدلة الكافية وعدم ارتياح المفتي للأدلة التي لا توجد سوى فى تقرير الشرطة وشهادة ضباط الاعتقال. وجاء ذلك بعد أن أحالت المحكمة تلك الأحكام إلى المفتي في يونيو الماضي، كما هو المتبع في قضايا الإعدام ضرورة أخذ رأي المفتي بالرغم من أن رأيه استشاري، طالبه القضاة بأن يعيد النظر في قراره، هذا ما يؤكد إصرار القضاة على مواصلة تنفيذ أحكام الإعدام على قيادات جماعة الإخوان المسلمين.