أصبح من اليقين أن هناك أيد خفية تقف وراء منظومة الميديا فى مصر، وهناك علامات واضحة على أن مخططات مشبوهة لخراب الدولة المصرية قد دخلت طور التنفيذ، وإذا كان الشعب قد انتفض وهب ثائرا لإسقاط النظام الفاسد فى مصر، فإن هناك من يسعى لإسقاط الدولة، وذلك بإحداث وقيعة بين الشعب وبين المجلس العسكرى الحاكم بصفة مؤقتة. الذين يطلقون على أنفسهم "القوى الوطنية"، أو "النخبة المثقفة"، أو "التيار الليبرالى" ... إلخ من مسميات وصفات نعتوا بها أنفسهم، يصرون على أن تكون كلمتهم هى العليا، وكلمة الأغلبية الكاسحة من الشعب هى السفلى، يظنون أنهم هم الأقوى لا لشىء سوى لأن كلمتهم هى المسموعة، أما الأغلبية فليس لهم منفذا يطلون من خلاله للناس ليسمعوهم، فكل النوافذ الإعلامية مقصورة على تلك الفئة المضللة التى تناصب أغلبية الشعب العداء، وتتحدث من منظور فوقى وكأنهم أوصياء على شعب قاصر لا يعرف أين مصلحته!!. الغريب أن تلك المجموعات بمسمياتها الكثيرة، من علمانيين وليبراليين وشيوعيين، واشتراكيين، وملحدين، وقوميين، وطائفيين، وحقوقيين، وأعضاء الإئتلافات والجمعيات والاتحادات المختلفة، يختلفون فيما بينهم جذريا فى مسائل وقضايا كبيرة وهامة، لكنهم اتفقوا فيما بينهم على أن يتحدوا ضد الأغلبية العظمى من الشعب، وبشكل أكثر تحديدا وصراحة، ضد كل ما هو إسلامى، فليس لهم من عدو غيره، كما أن ذلك يزيد من أرصدتهم البنكية، ويرفع من مستواهم المعيشى، وأغلبهم انتقل من جحور العشوائيات إلى فيلات المنتجعات. فجأة اشتعلت الفضائيات وما يتبعها من صحف، ضد التيار السلفى، واكتشفوا أن السلفيين هم سبب كل مصائب مصر، فى الماضى والحاضر والمستقبل، فهم الذين استولوا على ثرواتها بمليارات الدولارات، واستولوا على مساحات من الأراضى تساوى مساحة دولة مثل الأردن أو مثل تونس، وباعوا كل المؤسسات والشركات العملاقة فى مصر ببخس الثمن لقاء عمولات دفعت لهم، وهم الذين تسببوا فى نشر البطالة بين ملايين الشباب وتركوهم ضائعين هائمين يلعب الشيطان بعقولهم، بعدما قتلت أحلامهم، وهم الذين كانوا وراء غرق العبارة السلام وحوادث القطارات وسقوط العمارات، وقد يكونوا هم السبب فى الزلزال الذى ضرب مصر عام 1992، وهم الذين نشروا الفقر والجهل والرزيلة فى المجتمع ... إلخ من جرائم ومصائب نعجز عن حصرها فى مقال، بل تحتاج إلى مجلدات. الرجل الذى قطعت أذنه، وقامت قيامة الفضائيات بسبب ذلك، أثبتت التحقيقات أن الفاعل شخص بلطجى لا ينتمى لأى تيار دينى، والقبور التى هدمت فى القليوبية، وجد أن شركة مقاولات هدمتها على سبيل الخطأ قبل إثارة القضية بستة أشهر على الأقل، والذى أشعل أحداث امبابة كان عددا من متطرفي النصارى الذين بدأوا بإطلاق الرصاص كما ثبت ذلك فى التحقيقات، ومع ذلك لم يتحدث الإعلام الداعر عن ذلك، فبعد براءة هؤلاء لا تجد سوى صمتا مطبقا وتجاهلا تاما، ولو من باب المهنية الإعلامية لكشف الحقائق أمام الرأى العام، لكن هذه الأمور من المحرمات على الفضائيات والصحف التى تعمل معها فى خط مواز، لأن كل معدى هذه البرامج من صحفيى تلك الصحف التى كثرت وانتشرت فى مصر كالسرطان، لتشيع الباطل وتدهس الحق. كانت نتائج الاستفتاء الذى جرى يوم 19 مارس مخيبة لآمال هؤلاء، فهم ظنوا أن صوتهم مسموعا، وأنهم قادرون بقوة الميديا على توجيه الشعب نحو الهدف الذى يخططون له، وهو تأجيل الإنتخابات البرلمانية والرئاسية، وتصبح الدولة هكذا خواء بلا مؤسسات، وهى مناخ مناسب لإشاعة الفوضى فى البلاد، وإطالتها يعنى مزيد من الإضطرابات والإنقسامات، لتحقيق الهدف الذى من أجله رصدت أمريكا واسرائيل المليارات، وجندت الكثير من هؤلاء لتحقيقه، وتلقوا تدريبات مكثفة على كيفية إثارة الفوضى، وعلى الشبكة العنكبوتية مئات الأدلة بالصوت والصورة، التى تثبت تورط هؤلاء فى مخططات أجنبية لإشاعة الفوضى فى مصر، تمهيدا لتقسيمها. مجموعة الشباب الذين يستضافون ليل نهار فى الفضائيات، سافروا مرات كثيرة إلى أمريكا، وإلى صربيا بلد سلوبودان ميلوسوفتش السفاح الذى أقام المجازر للمسلمين خلال عقد التسعينات، فى ضيافة منظمات تابعة للموساد، وتدربوا جيدا على كيفية ضرب استقرار البلاد، وإثارة الفتن والقلائل، وهذا الموضوع الخطير للغاية، سوف يكون موضوع مقالنا القادم إذا كتب الله لنا فى العمر بقية. السلاح الوحيد، الذى يحقق به هؤلاء كل ما يريدون هو الإعلام، وكانت آخر الوقائع ما حدث فى أواخر الأسبوع الماضى، حينما ادعى بعض من يقال أنهم إعلاميون وصحافيون، أن هناك صفقة بين المجلس العسكرى والإخوان، دون أن يقدموا الدليل على ما يدعون، ولمجرد أن استدعاهم المجلس العسكرى للحوار معهم، قامت هذه الفضائيات بعمل مناحة كبرى، فكيف يجرؤ المجلس العسكرى الحاكم على مؤاخذتهم فيما يقولون ويدعون، حتى ولو كان ما يقولوه هو الإفك والبهتان، وهم أصلا ليس لديهم سوى هذه البضاعة الرديئة العفنة، ويبذلون الجهد والمال فى تسويقها داخل وخارج مصر، وظهر هؤلاء عشية استدعائهم وكأن القيامة قامت، فهم يرون أنهم أحرار فى فعل وقول أى شىء، ويظنون أن الحرية أمر مطلق، وينسون أن كل شىء فى هذا الكون نسبى إلا خالق الكون، ولا توجد حرية مطلقة حتى فى أكبر البلاد التى تدعى ذلك. اتفقت كل الفضائيات فيما بينها على الوقوف صف واحد أمام المجلس العسكرى، المجلس الذى وقف مع الشعب ضد النظام الفاسد، ورفض أن يكون عصا فى يد النظام ضد الشعب مثلما حدث فى ليبيا أو اليمن أو سوريا أو رومانيا وكثير من الدول التى يقال أنها متقدمة، وكثرت الأقاويل والإفتراءات، فأحد من شملهم الإستدعاء يرى أن ذلك تم لأنه ضد الإخوان (!!)، وآخر يرى أن المجلس العسكرى يتعامل مع الإخوان بكثير من التدليل، ويقول: "كانت الجماعة المحظورة فأصبحت الجماعة المحظوظة"، ويواصل تهكمه: "كيف لجماعة ليس لها أى سند قانونى تباشر كل هذا النشاط؟"، ونسى الأخ الحنجورى أن مصر بها أكثر من مائة جماعة ليس لها أى سند قانونى، وتباشر أنشطتها بكل جرأة وكأنها مؤسسات رسمية، فمثلا: هل يوجد كيان قانونى لجماعة كفاية؟ أو الجمعية الوطنية للتغيير؟ أو ائتلاف ماسبيرو؟ أو ائتلافات الثورة التى يزداد عددها يوما بعد يوم؟ أو حركة 6 ابريل؟ أو دعم البرادعى؟ أو .. أو .. إلخ من جمعيات وتجمعات لا تقع تحت حصر، بخلاف عشرات المراكز والجمعيات التى يقال أنها تدافع عن حقوق الإنسان، وكلها يتعامل معها الإعلام على أنها "قوى وطنية"، فمن الذى أعطاهم شرعية الحديث باسم الشعب المصرى؟ هل مجموعة الشباب الذين كشفت الأيام وبالأدلة الدامغة تورطهم فى علاقات مشبوهة مع منظمات أمريكية واسرائيلية، هل هؤلاء قوى وطنية؟، وتستضيفهم تلك الفضائيات ليرددوا كلاما حفظوه وكأنهم يسودون ورقة إجابة لأحد الإمتحانات، والإخوان الذين هم متواجدون فى الشارع المصرى منذ عام 1928، يدافعون عن هوية مصر وحرية أبنائها قوة غير شرعية؟، هل الجماعة التى تطوع أعضاؤها وحملوا السلاح فى حرب فلسطين عام 1948 ضد اليهود، وبذلوا حياتهم وأموالهم دفاعا عن العروبة والإسلام قوى غير شرعية؟، والشباب الذى ذهب لصربيا وواشنطن وتلقى تدريبات على إحداث الفوضى والقلائل، وقبض بالعملة الصعبة ثمن ما يقومون به قوى شرعية؟. الملفت للنظر .. أن هناك قنوات فضائية جديدة ظهرت للوجود خلال الأيام الماضية، واستقدم للعمل فيها كمذيعين وجوه "مشهورة" ومعروف عنها إخلاصها لمن يدفع أكثر، ومعروف عنهم أيضا أنهم يتقاضوا ملايين، بمعنى أن هذه القنوات ميزانياتها عالية، فمن الذى يقف وراء هذه القنوات ذات التوجه العلمانى الخطير؟. كانت أول قناة خاصة ظهرت للوجود فى مصر، ملك لرجل أعمال حقق ثروات رهيبة فى عهد مبارك، وكان حتى عام 1980 يعمل فى السعودية كموزع ألبان فوق دراجة بالمناطق غير الحضرية، وتلى ذلك قناتان لرجل أعمال كل ثروته اقترضها من البنوك، وبلغت حجم مديونياته للبنوك الوطنية ستة ملبارات جنيه، ولم يقدم أى شيئ مفيد لمصر، لم يؤسس مشروعا واحدا ذا فائدة، فكل مشروعاته عبارة عن منتجعات وملاعب جولف ونوادى وملاهى وفيلات وقصور، ثم دخل الساحة الإعلامية قارون مصر، رجل الأعمال الطائفى الذى يريد أن يلعب دور روتشيلد فى مصر، وهو يسير على نهجه فى كل شىء، والآن هناك فضائيات جديدة بدأت تظهر ولا نعرف من ورائها، لكن من الواضح أن ميزانياتها كبيرة جدا، لتناسب الهدف الذى من أجله تم تدشينها، لأن الإعلام هو السلاح الفعال فى هذا الزمن، وله سطوته وجبروته. الإعلام المصرى يخلو من فضائية واحدة تكون نافذة لجموع الشعب، وهذه الفضائية المنشودة لابد أن تخرج للوجود كما خرج بنك مصر، على يد الإقتصادى المصرى طلعت حرب باشا، الذى طرح اكتتابا عاما على جموع الشعب لتأسيس بنك مصر، وكان يعرف ب "مشروع القرش"، وبه أسس الرجل العظيم أكبر مؤسسات الإقتصاد المصرى فى كل المجالات، فلم يستثمر أموال الشعب فى الملاهى والكامبواندات وملاعب الجولف والبحيرات الصناعية، ولا فى مصانع تعبئة النسكافيه والفستق والشيبسى، بل أنشأ أول بنك وطنى عملاق، هو بنك مصر، الذى اضطلع بعد ذلك بإنشاء عدة شركات عملاقة، مثل مصر للغزل والنسج بالمحلة الكبرى، ومصر للطيران، ومصر للسياحة، ومصر للتأمين، ومصر للأسواق الحرة، واستديو مصر ... إلخ. لم يعد للكلام معنى، ولن يكون له جدوى، فلابد من أن نتحرك ونفعل، قبل أن تبتلعنا فضائيات روتشيلد وصحفه، ومن اليوم يجب أن نسير على نهج طلعت حرب باشا، ونؤسس شركة عملاقة يكتتب فيها كل المصريين، وهذه الشركة يكون غرضها تأسيس عدة قنوات فضائية وصحف، تكون سلاح الشعب الذى يدافع به ضد الهجمة الإعلامية العلمانية الشرسة، التى تسعى لمسح هوية مصر وتدميرها وتقسيمها. إننى أفوض الأستاذ محمود سلطان، بصفته رئيس تحرير "المصريون"، وهى صحيفة لها قرائها فى كل بلاد الدنيا، ولها مصداقيتها لدى مئات الآلاف من قرائها، كما أننى أثق فى إمكانياته كصحفى وكاتب موهوب، وإنسان يتمتع بأخلاقيات نبيلة للغاية، أفوضه فى أن يتولى من اليوم البدء فى تأسيس "مجموعة المصريون الإعلامية"، ونطرح خلال الأسابيع القادمة اكتتابا عاما داخل وخارج مصر، لتأسيس أول شركة وطنية خالصة تتولى تدشين عدة فضائيات، وإصدار عدة صحف، تكون صوتا للغالبية الساحقة من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره منذ وجد، وأطلب من كل من يؤيد ذلك (بالفعل وليس الكلام) أن يراسلنى على بريدى الإلكترونى، أو يتصل بى على هاتف رقم ( 0101497876 )، لنبدأ فورا فى عمل ورشة عمل لرسم ملامح هذا المشروع الحلم، على أن يتم ذلك بمنتهى الشفافية، وبعدما نستوفى تجهيز الأوراق اللازمة، نطرح الإكتتاب بين جموع الشعب، من خلال أسهم بقيمة مائة جنيه للسهم، وبدون حد أقصى لمن يرغب فى شراء أى كمية. هذا مشروع يبدو كالحلم، لكنى أراه فى حكم المتاح، فهل من مؤيد؟ ملحوظة هامة: منذ وجدت فى الحياة لم أنتمى لأى حزب أو جماعة أو تيار، وما أكتبه ليس دفاعا عن تيار معين، لكنه الواجب الذى يمليه على ضميرى كمسلم مصرى عربى، ولا من باعث غير ذلك. [email protected]