أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن الولاياتالمتحدة لم يعد لديها البوصلة الحقيقية لتقييم الأحداث في الشرق الأوسط، عقب الثورات الشعبية التي غيرت أنظمة الحكم بالمنطقة وخاصة الثورة المصرية. وقال إن الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك كانت مفاجأة، حيث شارك فيها الشعب بأكمله، ومن مميزاتها أنها لا تمثل طيفا واحدا من المصريين بل جمعت كل أطياف الشعب المصري بمكوناته الدينية والسياسية. واعتبر أن الوضع السياسي قبل الثورة كان العامل الأساسي لثورة الشباب. جاء ذلك خلال لقاءه استقباله الأربعاء سيرجو رومانو، أهم الكتاب والمؤرخين الإيطاليين بجريدة "كوريرا ديلا سيرا"، الواسعة الانتشار والذي حضر إلى الأزهر ليستطلع شيخ الأزهر في كثير من القضايا التي تهم مصر والعالم الإسلامي وبعض المشكلات التي تثار حول الإسلام والمسلمين. وقدم الطيب شرحا وافيا عن دور "بيت العائلة المصرية" الذي يجمع بين المسلمين والمسيحيين المصريين، قائلا إنه يعقد اجتماعات برئاسته لمدة أسبوعين، ثم برئاسة البابا شنودة الأسبوعيين التاليين. وأضاف إن اجتماعات بيت العائلة تعقد مرة في الأزهر الشريف ومرة في الكاتدرائية المسيحية في القاهرة، موضحا أن "بيت العائلة المصري" هو أمل كبير في توطيد المحبة بين أبناء الوطن الواحد وتجاوز الأحداث التي تنشأ اجتماعية بسيطة ثم تستخدم دينيا. وقال شيخ الأزهر إنه في ظل الحرية سينشأ جيل جديد مصري عظيم سيبهر العالم، وإن مصر لم تخلق إلا لتكون في المقدمة وهذا هو أملنا الكبير الذي سيتحقق بأذن الله. من جهة أخرى، استقبل شيخ الأزهر بمكتبه أمس وفدًا من مجلس العموم البريطاني برئاسة الدكتور محمد الشيخ عضو مجلس اللوردات البريطاني واللورد ماكنير واللورد سيخ وكريستينا دايكس مستشار بمجلس العموم وفابيونا هود جون رئيس اتفاقية المحافظين القومية والدكتور وفيق مصطفي رئيس شبكة عمل العرب المحافظين بمجلس العموم. وأكد الطيب خلال اللقاء أن طبيعة الدين الإسلامي كما هي واضحة في المفهوم القرآني، وكيف أن جميع الأنبياء من سيدنا إبراهيم إلي سيدنا عيسي عليهما السلام كلهم كانوا من المسلمين، فالإسلام يمثل حلقة متممة وخاتمة لدين الله عز وجل وبالتالي، ويعترف بكل الأديان السابقة وأن الاختلاف الموجود هو مقدّر ومستمر إلى يوم القيامة وهو حقيقة إلهية. وعن الجهاد في الإسلام، قال شيخ الأزهر إن الجهاد في الإسلام لا يمكن فهمه على أساس حمل الناس علي اعتقاد مذهب أو دين معين، فلا إكراه في الدين، فالجهاد في الإسلام هو للدفاع عن الحق، وليس لجبر أو إكراه الغير علي اعتناق الإسلام. وضرب مثلا على ذلك بقوانين الحرب في الشريعة الإسلامية، وكيف أنها راعت كل الظروف التي تحول دون وقوع التجاوزات والمجازر التي نراها في عالم اليوم. وأوضح أن الإسلام لا يقصي الآخر مهما كان مختلفا عنا، مرجعا معظم ما يعانيه العالم المعاصر إلى إقصاء الدين من عالمه فقد جرب الغرب التكنولوجيا والحضارة العلمية كثيرا ولكنه لم ينعم بالسعادة المرجوة فعليهم أن يجربوا التحضر المبني علي القيم الدينية. وأبدى أعضاء الوفد إعجابهم بكلمات شيخ الأزهر واعتبروها هادية للمنهج القرآني، الذي يتميز بالاعتدال والسماحة ووجهوا دعوة له من مجلس اللوردات لزيارة بريطانيا. وذكر رئيس الوفد، أن العالم المعاصر يفتقر إلي الشخصيات الروحية المتزنة التي تريد الخير للإنسانية جمعاء ودعا الله أن يطيل في عمر شيخ الأزهر حتى يساهم في توجيه الحضارة الإنسانية لما فيه خير الجميع.