يبدو أن الأزمة الأوكرانية باتت مفتوحة على سيناريوهات كارثية, حيث حذرت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية من انزلاق أوكرانيا إلى مستنقع الحرب الأهلية، خاصة مع بدء السلطات هناك حملة لإعادة السيطرة على المناطق التي يحتلها انفصاليون موالون لروسيا في شرق البلاد. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 4 مايو أن مناطق في شرق أوكرانيا بدأت تشهد فوضى عارمة ومواجهات بالأسلحة بين الانفصاليين والسلطات الأوكرانية أسفرت حتى اللحظة عن مقتل وإصابة العشرات من الجانبين. كما أشارت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير لها في 4 مايو إلى أن الفوضى الأمنية الواسعة, التي تشهدها أوكرانيا, تنذر بانزلاق البلاد إلى أتون الحرب الأهلية. ومن جانبه, وصف الكاتب البريطاني إيان بيريل, في مقال نشرته له صحيفة "الجارديان" في 3 مايو الموقف الأوروبي من الأزمة الأوكرانية, بأنه ينم عن "خيانة". وأوضح الكاتب أن الأوكرانيين يتوقون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وأن روسيا ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية, وتسعى لتفكيك الدولة المستقلة برمتها, بينما الغرب يتفرج. كما قالت "الجارديان" في افتتاحيتها في 3 مايو إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعود ببلاده إلى الحالة والمواقف, التي كان يتخذها الاتحاد السوفيتي السابق، موضحة أن الدبابات الروسية تنتشر بأعداد هائلة على الحدود الأوكرانية. وأوضحت الصحيفة أن روسيا غاضبة من محاولات الحكومة الأوكرانية فرض سيطرتها على شرق البلاد، وأن موسكو تتهم كييف بأنها تقوم بعملية عقابية من شأنها أن تؤدي إلى انهيار آخر أمل في تطبيق اتفاق جنيف الأخير بشأن الأزمة الأوكرانية. ومن جانبها, تساءلت صحيفة "الديلي تليجراف" في افتتاحيتها في 3 مايو عما إذا كان تردد الغرب تجاه أوكرانيا أسهم في جعل بوتين يربح في الأزمة؟, موضحة أن المناطق في شرق أوكرانيا تنزلق يوما بعد آخر لتصبح تحت السيطرة الروسية بشكل فعلي. وتزايدت وتيرة المواجهات المسلحة بين الانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا والجيش الأوكراني منذ 2 مايو، فيما جرت مواجهات منفصلة أيضا في شبه جزيرة القرم بين الشرطة والمئات من "التتار المسلمين". وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن انفصاليين مسلحين مؤيدين لروسيا هاجموا في 3 مايو وحدة عسكرية ونقطة تجنيد في لوغانسك شرقي أوكرانيا وأصابوا جنديين بجروح. وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني إن جنديا من قوات الداخلية جرح في هجوم على وحدة عسكرية رمى عليها مهاجمون قنابل صوتية، في حين جرح مجند في هجوم منفصل بالأسلحة الآلية على نقطة تجنيد في هذه المدينة. وتشهد سلافيانسك ومدينة كراماتورسك المجاورة منذ 2 مايو عملية "مكافحة إرهاب" يشنها الجيش الأوكراني أسفرت عن مقتل خمسة جنود أوكرانيين، كما قال قائد عمليات مكافحة الإرهاب فاسيل كروتوف. وفي كراماتورسك التي تبعد 17 كلم عن سلافيانسك، استعادت القوات النظامية مقر الأجهزة الخاصة، كما أعلنت الحكومة الأوكرانية. وشهدت أوكرانيا في 2 مايو أسوأ يوم عنف منذ 21 فبراير الماضي، وقتل خمسون شخصا على الأقل, منهم 42 في حريق خلال مواجهات في مدينة أوديسا في جنوب البلاد. وأعلن الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسندر تورتشينوف الحداد الوطني على الضحايا. واستمر تصاعد الوضع في مدن أوكرانية أخرى في 3 مايو، ففي لوغانسك (شرق), أعلن الحاكم الانفصالي فاليري بولوتوف حظر تجول و"تعبئة شاملة لكل الرجال". وقال بولوتوف في فيديو بثته وسائل إعلام أوكرانية :"لن ننتظر إلى أن نحاصر ونحرق. ننوي الصعود إلى كييف". وقد امتدت المواجهات في 3 مايو أيضا إلى القرم، شبه الجزيرة الأوكرانية, التي انضمت إلى روسيا في مارس الماضي، إثر استفتاء لم يعترف بنتيجته إلا روسيا. ووقعت المواجهات في القرم بين شرطة مكافحة الشغب وأكثر من ألفي مواطن من التتار كانوا يريدون الالتقاء بزعيمهم التاريخي مصطفى جميليف على الحدود بين أوكرانيا ومنطقتهم، بعدما منع من دخول القرم بسبب تنديده مرارا بضم شبه الجزيرة إلى روسيا. وإثر منع جميليف في 2 مايو من استقلال طائرة عبر موسكو للانتقال إلى القرم وإجباره على العودة إلى كييف، دعا مجلس تتار القرم إلى التجمع لاستقبال جميليف صباح السبت الموافق 3 مايو عند نقطة حدود في مدينة أرميانسك القريبة من أوكرانيا، على أمل أن يصل زعيمهم إلى هذه النقطة من الأراضي الأوكرانية عبر طريق البر, إلا أنه منع من ذلك. ووصل أكثر من ألفي شخص من التتار على متن سيارات إلى أرميانسك, وهم يرغبون بقطع الحدود بين القرم وأوكرانيا للالتقاء بجميليف الذي كان ينتظرهم على الطرف الآخر من المعبر الحدودي, لكنهم اصطدموا بحوالي خمسين عنصرا من شرطة مكافحة الشغب، وبعد إطلاق نار في الهواء نجح التتار في عبور نقطة الحدود والانتقال إلى الطرف الثاني لمقابلة زعيمهم جميليف وهم يحملون الأعلام الأوكرانية. ويمثل التتار المسلمون نحو 12% من سكان القرم ، وقاطعوا الاستفتاء الذي جرى في السادس عشر من مارس, وأدى إلى إلحاق القرم بروسيا, خشية تكرار المذابح التي تعرضوا لها, على يد الاتحاد السوفيتي السابق