واشنطن تقرر تسليم مصر عددا من طائرات "الاباتشي".. هكذا نشر الخبر على نطاق واسع في مصر. والخبر على هذا النحو، وظف إعلاميا، للتأثير على معنويات المحتجين الإخوان في الشوارع، واستخدم كرسالة بأن واشنطن تنفتح على القاهرة، وأن موقف الأخيرة من 3 يوليو، تغير لصالح سلطة ما بعد مرسي. تلقى الجميع الخبر، واستقر التسليم بأن "الاباتشي" باتت في حوزة الجيش المصري، وظل الأمر كذلك إلى أن أعلن عن مغادرة وزير الخارجية نبيل فهمي القاهرة إلى واشنطن، حيث كشفت التقارير أن ملف "الاباتشي" لا يزال معلقا ولم يفصل فيه بعد، وأن زيارة فهمي مخصصة لاقناع الجانب الأمريكي بأهميته بالنسبة للحملة الأمنية والعسكرية في سيناء. هذه المفاجأة كشفت عنها المتحدثة باسم الخارجية الأميركية "جين بساكي" حين قالت بحسب الشرق الأوسط اللندنية يوم أمس25/4/2014، "إن فهمي سيلتقي مع عدد من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية وعدد من رجال الكونغرس خلال زيارته المقبلة لواشنطن. ومن المقرر أن يقدم كيري قريبا إقرارا للكونغرس بشأن مواصلة مصر علاقاتها الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة، وآخر بشأن وفاء مصر بالتزاماتها تجاه ا السلام مع إسرائيل" "باكسي" كانت أكثر وضوحا، حين أكدت أن تسليم مصر طائرات "الأباتشي" سيكون رهن شهادة "فهمي" و"كير" أمام الكونجرس.. وقالت نصا: إنه وفقا لهاتين الشهادتين سيتم تسليم مصر طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي، حيث ترى الولاياتالمتحدة أهمية تلك الطائرات لمصر في جهودها في مكافحة الإرهاب في سيناء والتصدي للعناصر المتطرفة التي تمثل تهديدا لأمن مصر وإسرائيل والأمن القومي الأميركي، غير أنها أضافت أن شهادة وزير الخارجية أمام الكونغرس بشأن اتخاذ مصر الخطوات اللازمة لتدعيم المسار الديمقراطي وتخفيف القيود على حرية التعبير والتجمع ووسائل الإعلام تظل متبقية للإفراج عن باقي المساعدات الأميركية لمصر" انتهى. ما نريده قوله، إن "الاباتشي" لا زالت في جيب الأمريكيين، وأن تعاطي الإعلام المصري معها، كان أيضا من قبيل البحث عن أية موقف، ليبني عليه أوهاما وخيالات، واقناع الرأي العام بأن المجتمع الدولي بدأ يقتنع بالمسار السياسي الذي دشن يوم 3 يوليو الماضي. ثم علينا أن نلاحظ هنا أن الإدارة الأمريكية تتحدث عن "أمنها القومي" وليس عن موقفها السياسي والأخلاقي.. فهي عادة ما تشير إلى أنها تقدم مساعدات عسكرية لمصر، وهي في "حكم المضطر".. ليس من قبيل الرضا بترتيبات القوي التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي، وإنما لأسباب أمنية محضة تتماس ومقتضيات الأمن القومي الأمريكي. ومن بين الملاحظات الأهم في هذا السياق، أن ثمة شروطا وضعتها الإدارة الأمريكية الأولى بشأن "الاباتشي" حيث اشترطت وبحسب ما جاء على لسان الخارجية الأمريكية، أن ينجح فهمي في اختباره أمام الكونجرس، ويقنع نوابه، بأن مصر ملتزمة بتعهداتها الاستراتيجية مع الأمريكيين والإسرائيليين.. أما فيما يخص مراجعة الموقف الأمريكي من القاهرة سياسيا (بما فيها الافراج عن بقية المساعدات)، فإنه يتوقف على نتيجة مراقبة واشنطن للأداء السياسي للإدارة المصرية بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان. فواشنطن في التحليل النهائي لم تغير موقفها ولا زالت تفرق بين "الشراكة الأمنية" مكافحة الإرهاب وبين موقفها من 3 يوليو.. وأيا ما كان الأمر، فإن سياسة الاستجداء المصرية.. واخضاع فهمي لاختبار "مقابلة" مع الكونجرس.. فضلا عن الشروط الأخرى (شروط الإذعان).. وكل التفاصيل المتعلقة بصفقة "الاباتشي".. وبمقارنتها بالتجروء الإقليمي على سياسة واشنطن، نلحظ أن القاهرة باتت أكثر حرصا على رضا الأخيرة، على عكس شجاعة "قراضي" في أفغانستان و"محمود عباس" في رام الله. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.