السائحون على المعونات والمنح والقروض الأجنبية

قد يندهش البعض عندما يعلم أن التمويل الغربي متغلغل في معظم قطاعات الدولة، وأسفاً فقد كسر هذا التمويل كبرياء وأقلام وحناجر قامات نحتاجها كثيراً في أوقات الأزمات، ولكنها تغيب عن الأزمة أو توجهها صوب وجهة مريبة، دون سبب ظاهر، والمدقق يلمس أثر التلوث بالتمويل الغربي على التوجه المريب للمسار الغريب.
بالعموم لنكن صرحاء، فمصر في العقود الأخيرة تحديداً غرقت في التمويل الغربي من معونات ومنح وقروض واعتمادات مقابلة، وهذا السوق "القذر" ملئ بالمكافآت السخية، والرواتب الباهظة، والبدلات الجزافية، والعمولات المريبة. وأسفاً فإن هناك قطاع في هذا الوطن يهمه جداً استمرار هذا السوق "القذر".
فمن قبل كان المجلس القومي للمرأة حيث ملايين الدولارات الموثقة التي ذهب معظمها في صورة مكافآت وبدلات، والمحصلة فساد وإفساد، قانون يجرم الزواج المبكر، ويسجن الولي والمأذون، وفي ذات الوقت يعطف على الزناة ويكرم الزانية.
ووزارة للبيئة غرقت في المنح الأجنبية، وكانت مكافآتها من أكبر "السبوبات" في مصر، والمحصلة أن عرف "العدو" كل شئ عن كل ذرة رمل في مصر.
ووزارة الصحة حيث تحديد النسل ومعوناته السخية ومكافآته التي رفل منها بعض الأطباء عقوداً طويلة، والمحصلة موانع حمل شهد الغرب أنها كانت "تجريبية" أضرت بمستخدميها أشد الضرر.
قروض لسنوات وسنوات، بفوائد مركبة تقصم ظهور الأبناء والأحفاد، كشف الخبراء عن تخمة المروجين لها بعمولات وعمولات، "غرف" منها السادة والسيدات. وكثيرة هي القطاعات والدولارات.
فلقد تغلغل التمويل الغربي في وزارات عدة، مؤسسات قومية، جامعات وكليات تخرج منها ساسة ووجهاء، مؤسسات إعلامية رسمية وغير رسمية، مراكز بحثية، منظمات وصفت بأنها منظمات المجتمع المدني، عملت في مجال المرأة، نشر الديمقراطية والليبرالية الأمريكية، ادعت الدفاع عن ما يعرف بحقوق الإنسان، جمعت معلومات البلاد الحساسة تحت مسمى الدراسات الميدانية، شخصيات للأسف قيادية أكلت على مائدة الغرب فلم تستطع دخول الحمام إلا بعد استئذان الغرب الممول.
وزارة الخارجية المصرية تحصل على 836.138 دولار أمريكي من أجل تطوير قاعدة المعلومات الخاصة بالمشروعات القائمة التي يمولها المانحون.
مؤسسة فورد الأمريكية ذات العلاقات الاستخباراتية تدفع 911.500 دولار أمريكي، من أجل تدريب رجال الشرطة حول قضايا حقوق الإنسان.
الهيئة المصرية للمساحة الجيولوجية والمشروعات التعدينية تحصل على 2 مليون دولار أمريكي لوضع كل خرائط مصر الجيو- بيئية في الشكل الرقمي، على الرغم أن هذه الخرائط الهامة والتي من المفترض أن تكون سرية وخاصة بالحكومة المصرية، تدخل أولاً إلى قاعدة بيانات المانح قبل أن توضع في يد الطرف المصري.
وزارة المالية تحصل على1.610.000 دولار أمريكي من أجل تنفيذ برنامج الإصلاح الضريبي الشامل الخاص بالوزارة، حتى الضرائب كانوا يأخذون منحاً لكي يضع الغرب خطط جبايتها في مصر، إنا لله وإنا إليه راجعون.
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء يحصل على 1.100.000 دولار أمريكي من أجل تحسين قدرة وخدمات وحدات الحكم المحلي.
وزارة الاتصالات تحصل على6.000.000 دولار أمريكي لتقديم الاستشارات المتعلقة بالسياسات لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات "أحمد نظيف" رئيس الوزراء لاحقاً.
وزارة التنمية الإدارية ووزارة الاتصالات تحصلان على 114.546 دولار أمريكي لتوعية جمهور المواطنين حول إمكانية الحصول على الخدمات الحكومية عن طريق استخدام الهاتف والبريد الصوتي.
الهيئة العامة للتخطيط العمراني تحصل على 1.165.019 دولار أمريكي من أجل تطوير أنشطة ثلاثة مكاتب تابعة للهيئة العامة للتخطيط العمراني في القاهرة، طنطا، والإسماعيلية.
تقدم أمريكا مبلغ210.000 دولار أمريكي بغية دعم عملية صنع القرار بوزارة التخطيط المصرية.
معهد التخطيط القومي يحصل على 271.233 دولار أمريكي من أجل إصدار التقرير الوطني للتنمية البشرية بمصر للعام 2004.
الصندوق الاجتماعي للتنمية يحصل على 31 مليون دولار أمريكي منحة مجانية، يخرجها في صورة قروض بفوائد للشباب المصري.
وزارة التربية والتعليم المصرية تحصل على 25 مليون دولار كندي لدعم مدارس الفصل الواحد في صعيد مصر.
المجلس القومي للسكان يحصل على 792.000 دولار كندي لتنمية قدراته البحثية.
الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية تحصل على227.000 يورو لنشر المواطنة والسلام في مصر.
الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية تحصل على 257.261 يورو لتمكين المرأة.
المجلس القومي للمرأة برئاسة السيدة الأولى يحصل على1.071.717 دولار أمريكي لإنشاء وحدة لمتابعة تنفيذ اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وبرنامج عمل مؤتمر بكين الإفسادي.
المجلس القومي للطفولة والأمومة يحصل على 2.674.228 دولار أمريكي من أجل حملة نموذج القرية الخالية من ختان الإناث.
قرية "شرشيمة" بمحافظة الشرقية وقرية "سرابيوم" بمحافظة الإسماعيلية تحصلان على352.673 دولار أمريكي من أجل تجديد وحدات لصحة المرأة، وعسى أن يقرأ أحد من أبناء هاتين القريتين هذا المقال فيدلنا ماذا فعلت مئات آلاف الدولارات هذه بقريتهم عام 2004.
رابطة المرأة العربية برئاسة السيدة "هدى بدران" تحصل على 628.000 يورو من أجل مراقبة الحكومة في تعديلها للسياسات والتشريعات وفق وثيقة مؤتمر بكين الإفسادي.
إن الأرقام لدي كثيرة جداً، وضعت بعضها في كتابين منشورين لي، والأخرى تحتاج مني لمجلدات. لكن بالعموم فإن هناك عدة مطالب مشروعة في هذا الشأن:
أولاً.... المراجعة المكشوفة لكل دولار دخل مصر كتمويل الغربي، ومحاسبة كل من تربح بغير وجه حق من هذا التمويل الغير برئ في معظمه.
ثانياً.... بالنسبة لعمولات القروض والمنح الدولية الرسمية فإن السيدة "فايزة أبوالنجا" بحكم منصبها أكثر من يستطيع أن يوضح لنا طبيعة هذه العمولات التي يؤكد عليها خبراء المعونة، ومن هنا ومن هذا المنبر أطلب من الوزيرة أن تصدر بياناً عن هذا الأمر، وإن ثبت أن هناك عمولات فإني أرجو من المجلس العسكري وقفها على الفور.
ثالثاً.... أرجو من المجلس العسكري أن يصدر قراراً فورياً بوقف قبول كافة المنح والتمويلات الغربية الآتية إلى أية مؤسسة رسمية في الدولة، مع تشديد تطبيق القانون على الأفراد والمؤسسات غير الرسمية المتلقية للتمويل الغربي. وذلك حتى يكون أي قرار رسمي، أو نشاط غير رسمي على أرض مصر نابع من وجهة مصرية خالصة ليست أسيرة لدولار استخباراتي من هنا أو من هناك.
إننا الآن في مرحلة الثورة، والثورة تعني الكرامة، والكرامة تعني أننا نعيش مرحلة "مصر ما بعد المعونات"، وعليه فعلينا أن نقف من الآن موقفاً حازماً ضد التمويل الغربي، ولترفع مصر شعار " نحن لا نتسول، ولا نقبل المعونات ولا أي شكل من أشكال التمويل الغربي"، فالخير عندنا كثير والحمد لله.