تواجه الجماعة الإسلامية المصرية اليوم منعطفا خطيرا ، هو أشبه بالمنعطف الذي واجهه الإخوان المسلمون بعد خروجهم من سجون عبد الناصر في عصر السادات ، لم يك في ذهن المرشد الثاني لجماعة الإخوان في ذلك ا لوقت أن تقوم للإخوان قائمة كتنظيم ، بيد إن التحاق جيل شباب جيل الجماعات الإسلامية في ذلك الوقت بالإخوان منح الجماعة أملا وقوة وبدأت تعمل في ظل انفتاح نسبي وتم ما نطلق عليه نحن المتخصصين في شئون الجماعات الإسلامية بالتأسيس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين . اليوم تواجه الجماعة الإسلامية ما يمكن أن نطلق عليه التأسيس الثاني للجماعة الإسلامية المصرية فإن تنجح فيه وتكون علي مستوي التحول الذي تواجهه البلاد بعد ثورة 25 يناير وتكون علي مستوي مطالب أبناء الجماعة بانطلاقة جديدة لها أو تتعرض للتمزق والانشقاق . عادة ما تتعرض الجماعات للضغوط حين تواجه مطالب بتحولات حادة وحالة لم تكن مستعدة لها ، والجماعة الإسلامية قد استنامت للظروف التاريخية والأمنية التي حدث فيه تحولها نحو المراجعات في ظل رعاية أمنية صارمة أرادت أن تختصر الجماعة وتختزلها فيما يريده الأمن لها ، فلم يكن يستطيع أحد من قياداتها الكبيرة أن يواجه الكاميرا ويكون ضيفا علي برنامج إلا بعد موافقة الأمن ، وكان الأمن يتدخل فيما ينشره موقع الجماعة بالملاحظات والتنبيه ، كما كان يتدخل في الرأي والحركة لأعضاء الجماعة وأبنائها وكأنه أراد اختصار الجماعة لنفسه هو وليس تركها ملكا لأبنائها وللأمة التي منحتها ثقتها في السبعينيات والثمانينيات . بعد 25 يناير وتفجر الثورة المصرية ترددت الجماعة الإسلامية كهيئة ومؤسسة أن تؤيد الثورة وأن تقف إلي جوارها وموقع الجماعة الذي يعبر عن رأيها شاهد علي ذلك ، كما أن قيادات الجماعة لم تظهر إلا بعد الأسبوع الأول من الثورة في التحرير ، نعم كانوا موجودين في الأقاليم ولكن التحرير كان هو مركز الثورة وكان أبناء التيارات الإسلامية كلها قد ذهبوا إلي هناك . يريد ابناء الجماعة الإسلامية اليوم أن يغيروا القيادات التي ارتبطت تاريخيا بطبخ عملية المراجعات مع جهاز أمن الدولة البغيض البائد وهو من عذب أبناءها وقتل العديد منهم كما تشير وثائقه التي تم الكشف عنها ومنهم طلعت ياسين وغيره كثيرون ممن يجب علي الجماعة من منظور الأخوة الإسلامية والوطنية أن تكشف عنه وتعرف الرأي العام به ، ويريد أبناء الجماعة أن يختاروا مراكز القيادة فيها علي أساس الشوري والاختيار وأن يعيدوا تأسيس الجماعة وانطلاقتها من جديد في ظل ا لسياق الثوري الذي تعيشه البلاد علي أسس جديدة ومختلفة عن تلك التي تأسست عليها الجماعة الإسلامية المصرية في المرة الأولي . مجلس شوري الجماعة الإسلامية ا لمكون من إحدي عشر عضوا لم يتغير علي الإطلاق منذ تأسيس الجماعة الإسلامية الأول ولم تجر الجماعة الإسلامية أية ا نتخابات علي الإطلاق لتجدد دماء مؤسساتها سواء علي مستوي مجلس الشوري أو غيرها من المؤسسات ، وهنا من حق ابنائها أن يطالبوا بانتخابات جديدة لاختيار مجلس شوري جديد بحيث يجري تداول مكونات هذا المجلس العتيق الذي يبدو أن الزمن يتجاوزه . عنصر الشباب والمرأة هو أحد العناصر الضاغطة علي جماعة مثل الإخوان المسلمين فيما يتعلق بمطالبات لهم في أن يكونوا جزءا من مؤسسات الجماعة ومكونات القرار فيها ، ومن الطبيعي في الجماعة الإسلامية المصرية أن يكون لعنصر الشباب فيها الذي تعذب وسجن وشارك في الثورة وله رؤية جديدة ومختلفة عن تلك القديمة التي أسر أمن الدولة فيها الجماعة ومنعها من الخروج عن الخط الذي يريده لها . التأسيس الثاني للجماعة الإسلامية يفترض أن يقبل مجلس الشوري بمطالبات أبنائه بعمل جمعية عمومية وانتخاب مؤسسات الجماعة بما في ذلك مجلس شوراها لتمثيل الشباب فيه وتجديد دمائه والتخلص من رموز قديمة تبدو اليوم عبئا علي الجماعة لارتباطها العضوي بجهاز أمن الدولة البغيض . تجديد شباب الجماعة يفترض أن تتأسس من جديد علي أسس رفض العنف والتنظيمات السرية القديمة والإيمان بالعمل السياسي علي أسس الشوري والاختيار الواسع والتوافق مع القوي المجتمعية والسياسية بما في ذلك الأقباط والعلمانيين بحيث يكون الحوار والنضال السياسي والاجتماعي هو أداتها الرئيسية في طرح برنامجها الذي يلتزم بالقانون والدستور ، وتعلن الجماعة ذلك بوضوح وبغير مواربة ، وهنا فإن استخدام سلاح التخويف والخروج عن فكر المبادرة من قبل القيادات القديمة يبدو وكأنه استخدام لأسلحة قديمة في ظل ظروف جديدة هي ظروف الثورة . علي الجماعة الإسلامية أن ترتفع لمستوي التطورات التي يشهدها العالم العربي ومصر بعد الثورة وأن يقبل مجلس شوراها بإعادة هيكلة الجماعة علي أساس الشوري والانتخابات من ناحية وأن يؤسس لبرنامج جديد يعيد للجماعة زخمها وقوتها بعيدا عن اشتراطات أمن الدولة تلبية لاشتراطات الشارع المصري ومتطلباته ، إنها فرصة تاريخية وسياسية وثقافية للجماعة الإسلامية أن تتحرر من قيود القمع والسجن والإرهاب والأمن وأن تنطلق نحو جماعة بثوب جديد أكثر شبابا ومدنية وأكثر تجاوبا مع مطالب الأمة واشتراطاتها . صوت حاملي لواء التجديد في الجماعة هو الصوت الأقرب لنبض مصر ونبض شباب الجماعة ولا يجب استدعاء الأمن في خلاف داخلي بين أبناء الجماعة ، فالجماعة لديها طاقتها وقدرتها علي تجاوز هذا المفترق وبناء التأسيس الثاني للجماعة الإسلامية في ظل ثورة 25