فى نهاية مقاله بال"المصريون" الأحدَ الماضى (2/4) , قال الأستاذ محمود سلطان معلقاً على قرار محكمة الأحزاب الصادر أمسِ بتأجيل النظر فى قضية حزب الوسط إلى شهر يونيو القادم :"أعتقد أنه بعد قرار تجميد مشروع "حزب الوسط" أمس , ووضعه بجانب أقرانه من الأحزاب المجمدة في ثلاجات حكومة الوطني .. لم يعد ثمة أملٌ في الاصلاح أو التغيير, وأن على المصريين المقموعين والمنهوبين أن ينتظروا أن يأتي الله بفرج من عنده .. ولا يأمن مكر الله إلا الحمقى و الاغبياء" .. أما أنا ؛ فإننى أقول : بل هناك شىء آخر يجب على هؤلاء "المصريين المقموعين المنهوبين" أن يعملوه سوى انتظارِ الفرج الحقِّ من عند الله .. فإنه جلّت حكمتُه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ! وعن هذا أتحدث .. ... ... فبعد عشرة أعوام , وثلاث محاولات , وعشرات الجلسات والأحكام القضائية وغير القضائية .. أعتقد أن على إخوانى وأصدقائى فى حزب الوسط أن يسلكوا سبيلاً أخرى غيرَ تلك التى خَبَروها طوال السنوات الماضية , وأحسب أن النظام وفر لهم (وبالطبع .. لسواهم من عموم الشعب المصرى المنكوب) كلَّ المسوِّغات التى قد يتحرج وطنىٌّ مخلص أن يتحرك من دونها فى سلوكٍ قد يبدو متخطِّياً القوانينَ .. حتى ولو كانت سيئةَ السمعة ! ما أدعو إليه إخوانى ب"الوسط" ( أبوالعلا ماضى والذين معه) , وكذلك إخوانى ب"الكرامة" (حمدين صباحى ورفاقه) وإخوانى ب"الإصلاح" (جمال سلطان وإخوانه) وسواهم من أصحاب المشاريع السياسية المعلَّقة منذ سنوات , هو أن يبادروا مجتمعين إلى اجتراح الخطوة التى كان ينبغى عليهم أن يتخذوها قبل ذلك , ولا سيما فى ظل الِحراك الكبير الذى تمور به مصر منذ فبراير 2005 , وهى إعلانُهم تأسيسَ الأحزاب من طرفهم دون أى اعتبار لما يسمى "لجنة الأحزاب" التى تأتى على رأس أسباب اضمحلال الحياة الحزبية السياسية بمصر. وقد سبقت "حركةُ كفاية" الجسورةُ إلى الدعوة إلى شىء كهذا منذ أشهر, داعيةً إلى انتزاع حق تكوين و تنظيم الأحزاب بالإسقاط العملى للجنة الأحزاب وقانون الأحزاب ذاته . وأحسب أنه لن يكون ثمة مأخذٌ على المدعوِّين إلى هذا التحرك , من قِبَل استنفادهم ما أمكنهم احتمالُه من اللعبة القانونية التى يحترفها النظام وتستمتع بها أيضاً بما تتطلبه من مهارات الكر والفر واللف والدوران.. وأيضاً استخدام عصا الأمن الغليظة والضرب تحت الحزام ! إننى إذ أدعو إلى هذه الخطوة لا يغيب عنى ما قد تتكلفه من تبعات لا يتورع عنها نظام غشوم كنظامنا, من أذىً قد يلحق لا قدر الله مَنْ أُحبُّ من هذه الصفوة الوطنية (وكلهم حبيبٌ إلىّ , وأشعر إزاءهم بشىء من الامتنان الشخصى إذ ينتدبون أنفسهم للسباحة فى بِرْكة سياسية آسنة , غيرَ هائبين ما قد يصيبهم شخصيًّا من رذاذها بما لا يتمنى المرء لرجال ونساء مخلصين لهذا الوطن) , أو يلحق مشاريعَهم ذاتَها بما يزيد من تعطيل عملها بالنور . ومع هذا .. فإننى أرى أن المبادرة الجماعية إلى هذا العمل الجَسور من شأنه أن يخفف من التبعات السلبية التى قد تحصل لا قدر الله , كما أن من شأنه أن يزيد حرجَ النظام إن كانت لديه بقيةُ إحساس ! مما يضطره إلى التعامل مع الأمر الواقع كما اضطر إلى هذا فى تعامله مع ما انتزعته الحركة الوطنية من حق التظاهر خلال عام كامل . ... ... اختتم مؤسسو حزب الوسط بيانَهم الذى أصدروه أمسِ الأول (الأحد : 2/4) تعقيباً على قرار محكمة الأحزاب بإعادة قضيتهم إلى المرافعة بسبب ما قالوا عنه إنه ضغط وإرهاب مورسا على النفر السبعة من الأقباط المؤسسين الذين سحبوا توكيلاتهم , ومن ثَمَّ اعتبرت الحكومة أن هذا الإلغاء من قِبَلهم يضفى على الحزب صبغةً دينيةً تتعارض وما ينص عليه قانون الأحزاب .. وهو ما استندت إليه المحكمة فى قرارها بإرجاء البَتِّ فى القضية حتى تتبين حقيقةَ الأمر .. أقول : اختُتم هذا البيان بهذا المقطع الحاد : "إننا نعلن بكل صراحة ووضوح أن محاولة بعض الجهات لإثناء المؤسسين عن مشروعهم المدني ذي المرجعية الإسلامية , القائم على التعددية والمواطنة الحقيقة التي لا تفرق بين المصريين بسبب الدين , هي محاولة فاشلة (هكذا , والصواب : مخفقة) سنتصدى لها بكل قوة , وسنتصدى لكل من يفرق بيننا كأبناء وطن واحد" ... وهذا كلامٌ قوىٌ وجميلٌ .. قد يكون ترجمانُه النظرَ المدقِّقَ فيما دعوتُ إليه لاتخاذ القرار فى وقته اللائق لقطع استمتاع النظام الحرام بلعبته هذه التى يتلهَّى بها إلى حين ! ... ... لتكن مسرحية الوفد الدامية التى شهدت عرضَها الفاجعَ الأخير أمسِ الأول (نفس يوم قرار محكمة الأحزاب تأجيل قضية الوسط : 1/4) حافزاً أخيراً لكل وطنىِّ مصر المحترمين كى يسدلوا ستار النهاية على لعبة , هزلية ودامية فى آنٍ , طالت أكثر مما ينبغى ! فهل يبدأ أهل "الوسط" و"الكرامة" والإصلاح" .. سكانُ مصر الأصليون بتعبير الصديق بلال فضل ؟! [email protected]