كان من المفترض أن أكتب اليوم عن رفض الأجهزة الآمنية المصرية ، التصريح لصحيفة "المصريون" بالطباعة في مصر ، غير أني بلغني ليل أمس الأول أن اللجنة المشتركة المشكلة من مجلس نقابة الصحفيين وعدد من أعضاء الجمعية العمومية قررت اجراء اتصالات مع كبار الوزراء والمسؤولين بالدولة ، تشكو لهم التآمر على الجماعة الصحفية المصرية ، والنية المبيتة لتمرير قانون الصحافة الجديد على مجلسي الشورى والشعب ، بدون اطلاع أو مشاركة نقابة الصحفيين في صياغته ! وأن اللجنة المشتركة كلفت نقيب الصحفيين جلال عارف بمخاطبة رئيس الجمهورية، ووضع تفاصيل ما يجري أمامه، وطلب تدخله لوقف محاولات الالتفاف علي وعده الصريح بإلغاء الحبس في قضايا النشر.! عندما بلغني هذا الكلام وهو ذاته الذي نشرت تفاصيله بعض الصحف صباح أمس ، أحسست أن النقابة ستشارك بهذا الاستدراج في شرك الرهان على كبار المسؤولين بالدولة أو على رئيس الجمهورية ... ستشارك في اذلال الصحفيين واهانتهم .. إما باظهار الصحفي بمظهر "العبد" الذي ينتظر أن يحرره "سيده" وإما بتسهيل تمرير القانون التفصيل فأي وزير ... وأي مسؤول كبير بالدولة تريد النقابة أن توسطه لكي ينزل النظام عند مطالب الجماعة الصحفية ويلغي عقوبة الحبس في قضايا النشر ؟! أولا جميع المسؤولين في مصر يريدون قطع رقاب الصحفيين وقصف اقلامهم وألسنتهم بلا استثناء ، ثانيا فإن في مصر لايوجد مسؤول كبير إلا الرئيس وحده .. والجميع .. على حد تعبير يوسف والي .. يعمل سكرتارية تحت يد سيادته . وهذا الكلام الذي صدر من أقرب مساعدي الرئيس ، يعني أن كلام وزير العدل عن مشروع القانون الذي فصل على مقاس النظام .. لم يكن بعيدا عن علم ومعرفة وموافقة وربما بتوصية من مؤسسة الرئاسة ... لأن أبو الليل .. وبحسب تعبير يوسف والي واحد من فريق "سكرتارية الرئيس " . ولعل من حق جموع الصحفيين المصريين الآن أن يتساءلوا عن حقيقة هذا الوعد الذي قيل أنه صدر من الرئيس بالغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر . لا أنا ولا غيري ولا اي مخلوق في مصر سمع هذا الوعد من الرئيس مباشرة .. كل ما نعلمه أن الاستاذ جلال عارف وأنا كنت موجودا في القاعة حينذاك اعلن أمام الصحفيين في مؤتمرهم العام منذ عامين أن الرئيس مبارك اتصل به صباح يوم المؤتمر وبلغه أنه قرر أن يوصي بالغاء العقوبة السالبة للحرية في قانون الصحافة وبعد مرور عامين من هذا الكلام الجميل .. لم تلغ العقوبة .. ولم نسمع من الرئيس أنه وعد فعلا بمثل ذلك ولم يصدر من أي مسؤول مقرب من الرئيس أنه صدر منه هذا الوعد .. حتى أن صفوت الشريف نفسه الذي القى كلمة نيابة عن الرئيس مبارك في المؤتمر لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن الرئيس أسر له أو لواحد " من السكرتارية" أنه نظر بعين العطف إلى حال الصحفيين الذين يساقون تباعا إلى المحاكم ويودعون السجون لأنهم قالوا رأيهم بصراحة في واحد من "السكرتارية" وليس فيمن يعملون عنده ! النقابة بلا شك ستضيع وقتها إذا ما بذلت جهودها على جبهة "الوزراء والمسؤولين الكبار" أو مخاطبة القيادة السياسية ... إننا كصحفيين لانريد "هبة" من السلطة .. وإنما نريد مكسبا ينتزعه الصحفيون بنضالهم النقابي من خلال حشد الجمعية العمومية خلف النقيب ومجلس النقابة .. لأن مطالبنا ليست فقط فئوية أو مهنية وإنما هي مطالب وطنية مشروعة .. تحيل مهنة الصحافة من عهد "التأميم الرسمي " إلى عهد جديد تؤول ملكيتها فيه إلى الشعب .. اننا نطالب "الحصانة" لكل صاحب رأي صحفيا كان أو مواطنا من عامة الناس .. لأن هذه الحصانة هي التي ستردع المفسدين ، وستفرض على النظام أن يحترم شعبه لا أن يحتقره .. نريد أن يكون في مصر رأي عام حقيقي ، يحترمه النظام ويراهن عليه ويستقوي به بدلا من احترامه واستقوائه بالخارج على بني وطنه . ولذا فإني انصح الزميل العزيز جلال عارف أن يستقوي بزملائه اعضاء الجمعية العمومية .. إذ أن سبيل الاستقواء بالنظام .. مضيعة للوقت لأن الأخير لن يحترم مطالبك ما لم تكن مسنودة بموقف جاد وقوي وحاسم من الجماعة الصحفية . [email protected]