4 صور ترصد اختبارات كشف الهيئة لحاملي درجة الدكتوراه من دعاة وزارة الأوقاف بحضور السيسي    دون أي مجاملات.. السيسي: انتقاء أفضل العناصر للالتحاق بدورات الأكاديمية العسكرية المصرية    مدبولي: استمرار تنقية بيانات التموين لضمان وصول الدعم لمستحقيه    رئيس هيئة الدواء: 91 % نسبة توطين صناعة الدواء في مصر    عاجل.. وزير المالية.. مع بدء التطبيق الإلزامى لنظام «ACI» جوًا غدًا    الوزراء يوافق على مد العمل بتأشيرة الدخول الاضطرارية مجانا للوافدين جوا إلى مطاري الأقصر وأسوان    عاجل- مجلس الوزراء يوافق على تخصيص قطع أراضٍ للبيع بالدولار لشركات محلية وأجنبية    النائب سامي سوس: الدبلوماسية المصرية لعبت دورا محوريا في إحلال السلام إقليميا وأفريقيا    دون تحديد جبهة.. قائد عسكري إسرائيلي يدعو إلى التأهب ل حرب مفاجئة    إسرائيل تطالب ترامب باستبعاد أردوغان من مجلس السلام وترفض وجود قوات تركية في غزة    خلاف في الزمالك حول خليفة عبدالرؤوف    الصحة: إغلاق 15 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بمحافظة الجيزة لمخالفتها الاشتراطات الصحية والقانونية    الداخلية تكشف تفاصيل مقتل طفلة والعثور على جثمانها داخل جوال بالغربية    إخلاء سبيل مالكي قاعة أفراح "كروان مشاكل" مع استمرار غلقها في شبرا الخيمة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وأصلح ولاتتبع سبيل المفسدين 000؟!    «التموين» تسلم مقررات يناير ل40 ألف منفذ استعدادا لصرفها غداً    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    التضامن: برنامج «تكافل وكرامة» الأكبر في المنطقة العربية للدعم النقدي المشروط    جامعة المنوفية تناقش رسالة ماجستير مقدمة من الباحثة والصحفية شيماء النقباسي بقسم الإعلام    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    بيراميدز بطل إفريقي فوق العادة في 2025    المجمع الطبي للقوات المسلحة بكوبري القبة يستضيف خبيرًا عالميًّا    منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بالسودان: الأوضاع الإنسانية الراهنة في البلاد صادمة للغاية    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    طالبات "تمريض الأزهر" يصممن نموذج "طمأنينة" للكشف المبكر عن سرطان الثدي    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    اتحاد جدة ضيفًا على نيوم لفض الاشتباك بالدوري السعودي    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    الري: متابعة معدلات العمل في كل مشروعات الحماية من أخطار السيول    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    «حافظ على نفسك»    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 2.5 طن فول إنجليزى منتهى الصلاحية بمدشة فى العبور    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    الحبس سنة مع الشغل لمتهم بإحراز سلاح نارى بدون ترخيص فى سوهاج    إسرائيل تصطاد في "الماء العكر".. هجوم رقمي يستهدف السعودية بعد أزمة الإمارات بين لجان "الانتقالي" و"تل أبيب"    «حصاد التموين 2025»| الكارت الموحد وميكنة متابعة السلع ومراقبة الأسواق    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    هل يوم الخميس عطلة رسمية بمناسبة السنة الميلادية؟    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    الدفاع عن الوطن.. مسئولية وشرف    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    زيلينسكي يؤكد استعداده للقاء بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمدة القدوة
نشر في المصريون يوم 05 - 04 - 2006


لا أشك إطلاقا فى أن واحدا من أهم أسباب فساد الكثيرين من المرءوسين هو فساد الكثيرين من الرؤساء، وأن سببا من أسباب فساد الأبناء هو فساد الآباء، وقس على ذلك فى كل المجالات التى كان ينبغى فيها على أصحاب التأثير أن يكونوا بالقول والفعل قدوة طيبة لمن يتأثرون بهم فإذا بهم شر قدوة! ، ولست أشك كذلك فى أن دائرة القدوة الحميدة تتقلص عاما بعد عام بل وربما يوما بعد يوم ، مع اختفاء أو رحيل ذلك الرعيل الذى لم يكن يرى فى الإنسان قيمة إلا بقدر تمسكه بمواقفه المبدئية، وهو ما يجعلنى أستدعى من ذاكرة التاريخ السياسى لمصر واحدا من تلك النماذج الفذة التى رسمت أمام الأبناء صورة مشرفة للآباء،.... والنموذج الذى أقدمه هو مجرد عمدة مصرى مؤمن بمبادئ حزب الوفد شأنه فى ذلك شأن ملايين المصريين الذين كانوا فى ذلك الوقت يجدون فى حزب الوفد التعبير الحقيقى عن آمالهم وتطلعاتهم باعتباره الحزب الى استطاع أن ينتزع من بريطانيا العظمى فى تصريح رسمى لوزير خارجيتها عام 1922،استطاع أن ينتزع اعترافا صريحا بأن مصر دولة مستقلة، ثم استطاع بعد ذلك أن ينتزع من الملك فؤاد دستورا يقيد سلطاته ويمنح الشعب المصرى لأول مرة فى تاريخه حق المشاركة فى صنع القرار من خلال برلمان منتخب، وأعنى به دستور 1923الذى لم يعمر طويلا إذ سرعان ما ألغاه إسماعيل صدقى واستبدل به دستورا جديداهو دستور 1930 الذى وسع من سلطات الملك على حساب سلطة الوزارة والبرلمان وصادر كثيرا من الحريات والحقوق التى كفلها دستور23للشعب المصرى ، وإمعانا فى تحدى إرادة الشعب المصرى قام إسماعيل صدقى بتأليف حزب جديد أسماه وياللمفارقة حزب الشعب، (وهو ما يذكرنا بالحزب الذى أنشأه الرئيس أنور السادات فيما بعد والذى أسماه بالحزب الوطنى الديموقراطى !!)، وكما هو متوقع بالنسبة لحزب ينشأ من موقع السلطة فقد سارع الكثيرون من العمد ومشايخ القرى وغيرهم من أصحاب المآرب الشخصية الضيقة ، سارعوا جميعا إلى الإنضمام للحزب المسمى بحزب الشعب والذى قرر إسماعيل باشا صدقى أن يخوض به الإنتخابات منافسا لحزب الأغلبية الشعبية الحقيقى، ونعود إلى العمدة القدوة ،أوالقدوة العمدة "محمد بك نصار" عمدة البدارى الذى قرر أن يحشد عائلة النواصر بأكملها وجميع العائلات المتحالفة معها وراء المرشح الوفدى، وكما هو متوقع فقد صدر قرار بإيقاف محمد نصار عن مهام العمودية لمخالفته تعليمات الإدارة ، لكن الرجل لم يلن ولم يهتز وقال قولته الشهيرة التى أصبحت مثلا :" نحن لا تشرفنا العمودية إذا صارت عبودية" !!..وتنتصر إرادة البدارى ويفوز مرشح الوفد ، ويقرر إسماعيل صدقى أن ينتقم من البدارى شر انتقام فيوعز إلى وزير الداخلية أن يعين لها مأمورا عرف بالقسوة الشديدة ويستجيب وزير الداخلية فيختار يوسف أفندى الشافعى الذى كان أقل ما يمكن أن يوصف به أنه شخصية سادية ، ويبدأ يوسف الشافعى حملة التنكيل بالقبض على كل من لايروق له من المواطنين بسبب أوبدون سبب، وقد كان من بين المقبوض عليهم شاب يدعى أحمد جعيدى عبدالحق وشهرته الضرس جعيدى ، أما سبب القبض عليه فهو أنه كان يرتدى جلبابا فاخرا من الحرير السكروته ويمسك فى يده خيزرانة ذات مقبض من العاج ويسير مزهوا بنفسه أمام مركز البوليس ، ويتعرض الضرس للضرب فى مركز الشرطة ويقوم يوسف أفندى بنفسه بإدخال العصا فى دبره حتى يتأكد بنفسه أنه لايجوز لأى إنسان أن يرفع رأسه أمام المركز إلا إذا كان من رجال الشرطة أو من أتباع إسماعيل باشا صدقى!! ، ثم يخلى سراحه بعد ذلك بعد أن ناله ما ناله من التعذيب دون أى سبب حقيقى أو أى ذنب جناه!!، غير أن الحكاية لم تنته عند هذا الحد إذ كان هناك فصل آخر من فصولها فى انتظار المأمور، ففى مساء السبت 19 مارس من عام 1932 وعندما كان يوسف الشافعي افندي عائدا من زيارة لدار مهندس الري فهيم افندي نصيف، ...وعند مدرسة البداري الابتدائيه وخلف حائط متهدم كان هناك من يترصد خطواته وعندما أصبح فى مرمي النار‏,‏ انطلقت رصاصة أودت بحياته!!،ويجن جنون وزارة الداخلية ويقبض على عدد كبير من المواطنين ويتعرضون جميعا لأبشع أنواع التعذيب أملا فى أن يعترف واحد منهم بالجريمة ، كان القاتل الحقيقى هو الضرس الذى لاذ بالإختباء فى مكان أمين فى أعقاب قيامه بالثأر لكرامته وكرامة كل أبناء البدارى من الإرهابى المجرم يوسف الشافعى أفندى ، ويتم استدعاء فرقة من الهجانة تفرض حظر التجول على جميع مواطنى البدارى وتلزمهم جميعا بالبقاء فى بيوتهم إلى أن يتم القبض على الفاعل ، غير أن تلك الإجراءات لم تسفر عن نتيجة فتضطر وزارة الداخلية للجوء إلى العمدة الموقوف"محمد بك نصار "، الذى كان يرى أن واجبه يحتم عليه أن ينقذ البلد من هذا الويل، عندئذ سعى بنفسه إلى مكان اختباء الضرس وأقنعه بأنه قد أدى واجبه بالقصاص من ذلك المجرم وأنه يتعين عليه الآن أن يسلم نفسه حتى يجنب ذوى قرباه ما يتعرضون له الآن من الأذى، ويستجيب الضرس لرأى العمدة الموقوف الذى كان الجميع يثقون فى رأيه وفى وطنيته ويسلم نفسه إلى السلطات حيث يحاكم ويحكم عليه بالإعدام،.. ويطعن الضرس فى الحكم أمام محكمة النقض لكن المحكمة تؤيد الحكم ، ويسجل عبدالعزيز باشا فهمى رئيس المحكمة فى حيثيات حكمه التاريخى أن المحكمة إذ تؤيد الحكم لأنه سليم من الناحية القانونية ، فإنها تؤيده على مضض لأن ما كان يفعله يوسف أفندى الشافعى إجرام فى إجرام ،وتناشد المحكمة جلالة الملك فؤاد بأن يستخدم سلطته المقررة له بمقتضى الدستور فى تخفيف الحكم ، ويستجيب الملك فؤاد ويصدر أمرا ملكيا بتخفيف الحكم من الإعدام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة مراعاة للظروف السياسية التى أحاطت بالجريمة، ويدخل الضرس الليمان ثم يفرج عنه بعد قضاء نصف المدة حيث يقرر مصاهرة أسرة العمدة القدوة الذى كان قد رحل عن الحياة ، وترحب الأسرة بمصاهرة الضرس ويتزوج بالفعل واحدة من بناتها ،............ ثم تمر الأيام ويعيد الإبن الأصغر للعمدة سيرة أبيه القدوة ، إذ يصبح الإبن الأصغر "ممتاز" نائبا لرئيس محكمة النقض ورئيسا لنادى القضاة ، وينادى بضرورة استقلال القضاء عن التنظيمات السياسية، وهو الأمر الذى صوره البعض للرئيس عبدالناصر بأن بعض القضاة يتخذون خطا مناوئا لسياسته، مما ترتب عليه عام 1969 ما عرف بمذبحة القضاء والتى استبعد فيها عدد كبير من القضاة من مناصبهم، ..ويفقد ممتاز نصار وظيفته لكنه يكسب احترام التاريخ، والفضل فى ذلك للقدوة التى كانت ماثلة دائما أمام عينيه . [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.