الناس فى مصر يتعاملون مع الثورة التونسية الاخيرة وفقا لوجهتى نظر: وجهة النظر الاولى ان مصر ليست مثل تونس وان هذا السيناريو مستحيل ان يتكرر فى مصر والوضع آمن ومستقر و"النجاحات" الاقتصادية التى تحققها الحكومة كفيلة بابعاد شبح هذه الثورة عن مصر وان مصر نجحت فى ان تتخطى الازمة الاقتصادية العالمية بنجاح لم تقدر عليها دول مثل انجلترا على سبيل المثال ( وفقا لمقولات كاتب مثل محمد على ابراهيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية ) وان كل ما يحدث من اضرابات او اعتصامات او قيام البعض باحراق نفسه هو ظاهرة فردية ناتج غلبا عن اهتزاز نفسى ( اى ان معظم المصريين من المهازيز)وهم مجموعة من الاوباش او الارذال على رأى المرحوم السادات وان القبضة الامنية المحكمة كفيلة بالقضاء على اى تمرد قبل ان يحدث . وجهة النظر الثانية ان ما حدث فى تونس يمكن ان ينتقل الى مصر بسهولة لان مصر بها نفس المقدمات من فقر وبطالة ويأس وبالتالى يمكن ان تؤدى الى نفس النتائج من ثورة عارمة تدفع الى التغيير , كما ان الذين يتمتعون بخيرات مصر هم مجموعة من المحتكرين والمقربين من النظام والحزب الحاكم, وهم معروفون بالاسم وبعدد الملايين ايضا ,كما ان رائحة الفساد تزكم الانوف ووفقا لنظرية ( اللى ما يشوفش من الغربال يبقى اعمى ) فمصر متراجعه سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا وكله . وطبيعى أن أحد وجهتى النظر صحيحة او على الاقل ان هناك مزيجا بين وجهتى النظر يمكن ان يخرج علينا بوجهة نظر ثالثة مفادها ان مصر ليست تونس لكنها مرشحة فى القريب العاجل لتصبح اكثر تونسة من التونسيين انفسهم . لذلك فالعقلاء والحكماء والخائفون على مصيرهم ( ولن اقول مصير البلد ) يجب ان يتوقفوا ليفكروا وليبعدوا عنهم مستشارى السوء والمسبحين بحمدهم الذين يزينون لهم كل افعالهم ويقنعوهم بان اقوالهم حكم منزلة وافعالهم دستور يمشى على الارض . وليتعظوا من تجربة زين العابدين بن على فى تونس الذى كانت جلسات البرلمان تهدر له بالتصفيق وهو يخطب فى نواب الشعب ويجيشون له المأجورين للتهليل بحكمه وحكمته ويحاصرون الشعب التونسى بصوره فى كل مكان وكانت يداه تتعب من التلويح الى ما يتصور انه شعبه الوفى الذى ينتظر طلته البهية بكل صبر واشتياق كل هذا الهراء المفتعل سقط فى لحظة واحدة وبانت الحقيقة للمرة الاولى بكل قسوتها الحقيقبة التى رفض زين العابدين بن على ان يصدقها وفضل ان يهرب منها بمساعدة الهتيفه والمنافقين والفاسدين والمنتفعين , لكن لحظة الحقيقة المرة كشفت الوهم الذى عاشه الرئيس التونسى المطرود وانفض المنتفعون من حوله. الانكى والادهى انهم يحاولون الان السطو على البلد وتقسيمها ويصفون بن على بكل الموبقات ويرمون فسادهم وانحرافهم عليه لكننى اعتقد ان الشعب التونسى الابى لن يعطيهم هذه الفرصة اما نحن فى مصر فاننى لا اتمنى ابدا ان تحدث فيها مثل هذه الفوضى التى حدثت فى تونس اتمنى من المسئولين عنا ان يفيقوا قبل ان نجلس جميعا لنبكى بدل الدموع دما .